الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 23:02

مع عزمي بشارة..عائد الى بلادي

محمد يوسف جبارين
نُشر: 23/11/08 16:15

* إن قضية عزمي بشارة ذات أبعاد خطيرة جدا، وتحتاج إلى قيادات عربية محلية تقود، وجماهير عربية تتصدى وتنفعل انفعالا حقيقيا فاعلا ومنتجا

* لقد وجد عزمي تأييدا شعبيا وأصداء بما أنتجه من لغة سياسية بارعة، وكان يمثل الاحتجاج الفلسطيني الواعي الهاتف دوما، بضرورة أن لا تكون إسرائيل دولة يهودية



إن قضية عزمي بشارة ذات أبعاد خطيرة جدا، وتحتاج إلى قيادات عربية محلية تقود، وجماهير عربية تتصدى وتنفعل انفعالا حقيقيا فاعلا ومنتجا، فهنا في لباب القضية بطل قومي عربي واسمه عزمي، قد رهن نفسه بما به من إخلاص لقضية شعبه، وبما به من علم وثقافة، راح يبعث وعيا عميقا بحقيقة عنصرية دولة إسرائيل، وطرح البديل الذي تتلاشى به هذه العنصرية بقوله بدولة لكل مواطنيها، بمعنى إعادة صياغة التنظيم القانوني بحيث يتفق مع الغايات الاجتماعية لكل المواطنيين العرب واليهود، وهو يعني تفكيك الدولة القائمة وهي إسرائيل من الناحية القانونية وبالتالية السياسية، فلا تكون هناك بعدها دولة يهودية، وإنما دولة لكل مواطنيها.

التجمع: اقحام اسم عزمي بشارة في مؤتمر معلوت ترشيحا خطوة سلطوية مشبوهة
د. عزمي بشارة

لقد وجد عزمي تأييدا شعبيا وأصداء بما أنتجه من لغة سياسية بارعة، وقد كان في محاوراته بارعا فذا، وهو في خلال براعته السياسية،  كان يمثل الاحتجاج الفلسطيني الواعي الهاتف دوما، بضرورة أن لا تكون إسرائيل دولة يهودية، وهذا ما راكم الغيظ الصهيوني ضد عزمي وضد التيار الذي يمثله، وعلى الأخص منه هذا الوعي المتنامي الذي أذكاه عزمي وأعطاه صيغة جماهيرية وقيادة جماهيرية ممثلة بحزب التجمع الذي لا زال هو قائدة وزعيمه، وينوب عنه في القيادة الآن الدكتور جمال زحالقة وهو ماض على الطريق.
ليس ثمة ما يقلق ويغيظ ويستفز ويستنفر دولة إسرائيل بكل صهيونيتها، من مثل هذه الدعوة إلى إنهاء إسرائيل كدولة يهودية، فهذا هو الحلم اليهودي والصهيوني، فهذه الدعوة ( دعوة دولة لكل مواطنيها)، من وجهة نظر صهيونية هي دعوة إلى نهاية الحلم ونهاية الصهيونية، بما كانت وما زالت عليه، من دعوة إلى قيام وترسيخ وطن قومي لليهود (دولة يهودية ) في أرض فلسطين.
 لذلك كان عزمي بشارة، وبكل ما يمثله في هذا الجانب، ومن وجهة نظر صهيونية، في مرتبة  الخطورة الكبرى على الوعي، والضرورة الأمنية  القصوى الداعية إلى مواجهته ومواجهة ما يمثله.. بكل كيد ومكر وقوة، وهذا ما كان، فقد أرغموا عزمي أن يختار بين السجن وإلغاء حزبه التجمع وبين أن يصبح عزمي لاجئا  رغما عنه وغصبا عنه، فقد اتهموه بخيانة دولة إسرائيل، وقالوا بأنه راكم صلات مع أعداء دولة إسرائيل وقدم لهم خدمات تضر بإسرائيل وأمنها، وبحكم كونه مواطنا في إسرائيل، وعضو كنيست في إسرائيل، فهو بصلاته مع أعداء إسرائيل، وما أفاد هؤلاء الأعداء لإسرائيل، فقد ارتكب الخيانة العظمى.
 ولم يتوقفوا هنا، بل ذهبوا إلى تناول الظاهرة بكل جوانبها، وذلك لمواجهتها على كل متغيراتها، بكل ما يمكنه أن يقطع دابرها ويلغيها، أو على الأقل بأن تضمحل، لهذا كان التحريض على الجماهير العربية، وبصورة سافرة، وبتتال لا ينقطع، وكان نصيب التجمع وهو حزب عزمي بشارة، في مرتبة المتهم الدائم من جانب المخابرات الإسرائيلية، وعلى مستوى التنشئة للمعترضات والقيود، وعلى مستوى الإعلام، لخلق رأي عام يعترض حركة هذا الحزب وما يمثله من خطورة، في طروحاته على فكرة الدولة اليهودية، ولم تسلم بقية القيادات العربية في الداخل من هذا التحريض الجارف عليها.
وفي مواجهة عزمي وحزبه كظاهرة، تجلت  في وعي الصهيونية في مرتبة الخطورة على فكرة الدولة اليهودية، راحوا إلى القانون ليغدو هذا، كما كان دوما الكرباج أو السلاح  المضاف إلى القوة العسكرية، في مواجهة الخطر الذي يمثله العربي أو الفلسطيني على الدولة اليهودية. ذهبوا إلى فكرة تقنين قوانين تجيز لهم متى شاءوا، أن يلغوا حق عزمي في أن يكون على تراب أرضه متى يشاء، وهذا تأسيس لترحيل فلسطيني بالقانون المساند للقوة، وهذه صناعة مأساة جديدة للفلسطيني، إذ ليس ثمة مأساة تعدل صناعة الصهيونية للجوء، فالفلسطيني مرة أخرى يصبح لاجئا بقوة قانون إسرائيلي، وبغطرسة القوة المساندة لهذا القانون، فعلى هذا يمكنها إسرائيل، متى ضاقت ذرعا بمفكر أو قائد سياسي، أن تلفق له تهمة الانتماء لتنظيم معاد لدولة إسرائيل، وتقر ذلك محاكم إسرائيل، ويصبح بحكم ذلك مجردا من كل إمكانية للبقاء على أرضه وفي وطنه.. يصبح لاجئا. 
وهنا مكمن الخطورة في قضية عزمي، ناهيك إلى ما يلقي كل ذلك من ظلال من تحريض  دائم، وإرهاب صهيوني لا ينقطع وينال من سير معقول لحياة معقولة للجماهير العربية الفلسطينية في أم الفحم والناصرة وغيرها. فمن هنا وفي هذا الجانب يصبح على الجماهير العربية، أن لا تكل ولا تمل في مواجهة العنصرية التي تطل كل مرة بناب سام تزرعه في لحم المصير الفلسطيني، ولا مفر من الحركة الواعية، على كل صعيد فقضية عزمي، ليست مسألة تخص شخصا أسمه عزمي وفقط، وإنما تخص المصير الفلسطيني بعينه، فالمواجهة مع العنصرية في هذا الجانب، لا يجب أن تتوقف بغير عودة عزمي، وطي تلك الإجراءات القانونية، التي سوف تظل تنهش في المصير الفلسطيني في مستقبل الأيام.

مقالات متعلقة