الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 08:02

من هو الإرهابيّ؟-الأديب محمّد علي طه

الأديب محمّد علي
نُشر: 25/02/21 11:55,  حُتلن: 13:50

كلّما قرأتُ أو سمعتُ ما يردّده الإعلام الاسرائيليّ عن "الإرهاب الفلسطينيّ وعن الأيدي الفلسطينيّة الملطّخة بالدّم" تذكّرت المثل الشّعبيّ "في عينه خشبة ويعيب على الآخر بالقشّة الّتي في عينه!". وطالما تساءلت، لماذا ينعتون الفلسطينيّ (والفلسطينيّة) بالإرهابيّ وما يتبع هذه الصّفة من كلمات بذيئة إذا ما قاوم الاحتلال ورمى قنبلة أو زجاجة حارقة على حافلة أو سيّارة أو على أناس في ساحة عامّة أو إذا ما أطلق رصاصة على مستوطن أو طعنه بسكّين بينما يمجّدون اليهوديّ أو اليهوديّة –والأصّح الصّهيونيّ-ويجعلونه بطلًا قوميًّا إذا قام بالأعمال المشابهة منها ويطلقون اسمه على شوارع المدن ويقيمون له النّصب التّذكاريّة؟


لا حاجة أن أقول بأنّني ضدّ قتل المدنيّين أو الاعتداء عليهم مهما كانت قوميّاتهم وأنّني أمقت الحروب ما عدا حروب التّحرير الشّعبيّة فهذا موقف مبدئيّ أعتزّ به. ولكنّ الإعلام الاسرائيليّ الموجّه والمسيّس صوّر الفلسطينيّ، الطّفل والعجوز والمرأة والشّاعر والفنّان والعالم والباحث والطّبيب والفّلاح وكلّ من يقاوم الاحتلال، ولو بالكلمة، إرهابيًّا، في حين تجاهل عامدًا متعمّدًا ما يقوم به الاحتلال الاسرائيليّ من فظائع في المناطق المحتلّة ما عدا مقالات قليلة جدًّا في صحيفة "هآرتس".
فكّرت منذ سنوات بكتابة مقال باللغة العبريّة عن العمليّات الإرهابيّة ضدّ المدنيّين الأبرياء الفلسطينيّين الّتي نفّذتها منظّمات الإيتسل والليحي والهجناه في المدن الفلسطينيّة وبخاصّة في القدس ويافا وحيفا في سنوات الثّلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، وما ارتكبته شخصيات اسرائيليّة بارزة، احتلت فيما بعد مواقع قياديّة في دولة إسرائيل، كرئاسة الحكومة مثل السّادة مناحم بيغن ويتسحاق شمير ويتسحاق رابين، أو وزارات مثل رحبعام زئيفي أو رئاسة أركان الجيش مثل رفائيل إيتان أو جنرالات أعدموا أسرى بدم بارد أو قضاة كبار في المحاكم، ولكنّي لم أفعل ذلك معتقدًا أنّ الصّحافة الاسرائيليّة لن تنشره وإذا ما نشرته قد يكون تأثيره سلبيًّا.
أراحني من هذه المهمّة الصّحافيّ الاسرائيليّ البارز ب.مخائيل في مقاله الهام والجريء في صحيفة "هآرتس" في 16 شباط 2021 بعنوان "جميعهم مؤيّدون للإرهاب" الّذي ذكر فيه بأنّه كلّما سمع كلامًا أو قرأ مقالًا لكتبة من اليمين الاسرائيليّ يتّهمون العربيّ بتأييد الإرهاب تساءل: لماذا لا ينظرون في المرآة؟ وهل يعرفون تاريخ الإرهاب اليهوديّ؟ ثمّ يسرد مخائيل قائمة لعمليّات ارهابيّة بشعة قامت بها منظّمتا الايتسل والليحيّ وأدّت الى مقتل المئات من العرب المدنيّين البريئين، كما يذكر إرهاب حكومات إسرائيل في الضّفة الغربيّة وقطاع غزّة... ويتساءل: لماذا إذا فعل العربيّ ذلك فهو ارهابيّ حقير وأمّا اليهوديّ فهو محارب للحريّة وبطل؟
ب.مخائيل هو الإسم الأدبيّ للكاتب والصّحافيّ المسرحيّ السّاخر مخائيل بريزون من مواليد العام 1948 وابن لعائلة متديّنة وتربّى وتثقّف بثقافة دينيّة وكان يكتب مقالًا اسبوعيًّا في صحيفة "يديعوت أحرونوت" طيلة 15 عامًا وبعد فصله منها صار يكتب مقالاته في "هآرتس" وينتقد فيها سياسة حكومات إسرائيل وتصرّفات المستوطنين كما كتب مقالًا طويلًا بمناسبة استقلال إسرائيل السّادس والخمسين (2004) تنبّأ منه بخراب إسرائيل القريب نتيجة احتلالها للضّفة الغربيّة وقطاع غزّة وتسلّطها على الفلسطينيّين.

مقالات متعلقة