الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 10:02

لن نترك هناك طفلا خلف الركب

بقلم: دسمن الفحل

دسمن الفحل
نُشر: 23/02/21 11:29,  حُتلن: 14:12

" لن نترك هناك طفلا خلف الركب"

" الجرحى في ميدان المعركة" المعنى المقصود والمفهوم، الاستجابة والجانب الإيجابي في المقارنة بين جهاز التربية الفنلندي وبين جهاز التربية الإسرائيلي

إذا ما أردنا فهم السبب الذي يمكّن جهاز التربية التعليم الإسرائيلي من المبادرة والابتكار، يمكننا أن نعزو ذلك لثلاثة أسباب أساسيّة: التشجيع الراسخ للمدارس والمجتمع على الاستكشاف، على التفكير خارج الصندوق وعلى المبادرة المستمرّة. السبب الثاني يتلخَّص في التفكير بعُمق، والتوجيه بعمق وبالأحرى للتفوّق. والسبب الثالث يكون هو الاستثمار في برامج التفوّق في البرامج المدرسيّة. لكنّ الجانب الأقل إيجابيّة في هذه الثقافة ممكن أن يكون أنّ جهاز التعليم الإسرائيليّ من المحتمل أن يلقي بالطلاب الضعفاء خلف الركب "جرحى في ميدان المعركة". برامج التميّز الخاصّة لجهاز التعليم الإسرائيلي ملائمة أكثر للطلاب المميّزين، لكنّها لم تنجح في احتواء قطاعات أوسع في المجتمعات المنفصلة عن سباق الهايتك. النظام لا يتكيّف مع الأولاد المحتاجين لاهتمام خاص أو لأولئك الذين يميلون لتعلّم المواضيع الإنسانيّة والفنون. هؤلاء لا يُكافَأون، على النقيض من جهاز التربية والتعليم الفنلندي الذي يربّي للاستشعار الحسي حركي، لتعلّم الفنون، للخياطة، للطبخ وللإبداع كجزء أساسي في جهاز التربية من الصفوف الأولى حتى الثاني عشر.
جهاز التربية والتعليم الفنلندي يتميّز بشعاره الأساسي ألا وهو "عدم ترك أي طفل خلف الرّكب" , المساواة والإنصاف في التقسيم وليس التحفيز الانتقائي للتلاميذ الأفضل، وخاصّة أن جهاز التربية الفنلندي يعطي استجابة تامّة للتكيّف مع مهارات يومية للأطفال ومع العالم ألحقيقي من أجل النجاح في التخلّص من تحدّيات الحياة، فهم البيئة التي يعيشون فيها ومساعدتهم في النشوء ليكونوا بالغين يدعمون المجتمع. والذي ينقص جهاز التربية الفنلندي هو خلق التفكير الاستكشافي، تطوير شخصي للمتميّزين في التكنولوجيا، وبرامج التحفيز. الطريقة الفنلنديّة لها تحدّيات من ذاتها، حيث أنها لا تزوّد الأطفال الأقوياء، الأطفال المبتكرين، والمتعلّمين وسريعي التفكير، الأرض الخصبة للنمو وللتفوّق، لتطوير أفكار تكنولوجية ذاتيّة وتمويلها، و "للسعي من أجلهم" من أجل أن يتمكّنوا من تحقيق طموحات تكنولوجية من جيل صغير كالمدارس الابتدائيّة في إسرائيل. تحفيز الطلاب هو أحد الأفضليّات المستقلّة والأقوى التي تستطيع إسرائيل منحها لفنلندا، كيف نطوّرهم ونعطيهم الفوائد النسبيّة الأكثر. مع هذا، يجب الإشادة بأن التربية الفنلنديّة لا تقبل "المتميّزين" و "النجوم" لذلك يجب معرفة كيفيّة إدخال برامج كهذه إلى وزارة التربية الفنلنديّة.

الاستقلالية التربوية
ليس هنالك استقلال تربوي، في إسرائيل. في الحقيقة، إحدى التحدّيات التي بإمكاننا الإشارة إليها هي التسلسل والهرميّة القريبة من المعلّم، المفتش، لمرشدي المنطقة/ اللواء/ لوزارة التربية لقسم كهذا أو آخر، وفي واقع الأمر إنّ مركزيّة الوزارة لا تمكّن حريّة التصرّف لا للمدير ولا للمعلّم، وحقيقة، هكذا يتضرر التعليم بسبب تناقضاته مع قطاعات مختلفة، أجيال مختلفة، ومع الاختلافات بين المحيط والمركز. والوضع في فنلندا ليس بهذا الشكل;
النتائج العالية بشكل متتالي في فنلندا في تلكَ الأبحاث المقارنة أنتجت بصورة طبيعيّة اهتمام دولي في جهاز التعليم وفي المدارس الفنلنديّة. بعض الفرضيات المقترَحة لنسبة النجاح العالية في فنلندا هي مثلا تقييم ثقافة المعلّمين، المعلّمين ذوي التأهيل العالي، درجة أخلاقيات العمل والاستقلاليّة الذاتيّة للمعلّمين. ليس فقط جميع المعلّمين مؤهّلين جيّدًا للعمل، بل إنّهم يعتمدون على أصحاب هذه المهنة. وفق ذلك، ربما الحافز أو المكافأة الأكبر في موضوع التدريس في فنلندا هو استقلاليّة المعلمين. لدى كل معلم حرية تربويّة كبيرة في تخطيط وتنفيذ سيرورة التدريس والتقييم كما يراه مناسبًا. على الرغم من وجود أهداف تعليميّة ومضامين وطنية والتي حُدِّدت في المناهج الأساسيّة الوطنية، يستطيع المعلّمون اختيار الأساليب والمواد بأنفسهم وأيضًا منهجيّة التقييم. بالرغم من أنَّ التعليم الوطني الحالي بعد إصلاح 2016، في المدارس الثانويّة فقط لا يتيح الحريّة الكبيرة كما في سنوات التسعين وبدايات سنوات الألفين، جهاز التعليم الفنلندي ما زالَ يرتكز بدرجة كبيرة على استقلاليّة المعلّمين والحرية التربوية التامة. مثلا، لا يوجد تفتيش على المدارس ولا توجد قوائم تصنيف رسميّة في فنلندا. حسب عدّة أبحاث مقارِنة وبرامج بحث، يظهر أنَّ النظام الفنلندي هو أحد أجهزة التعليم الأفضل في العالم، لذلك نستطيع القول بكل ثقة أنَّ مهنية المعلّمين، التزامهم وأخلاقيات العمل العالية هي نقاط القوّة المركزيّة لنظام التعليم الفنلندي.

مكانة المعلّم والثقافة
معلمون ذوي جودة عالية هم السمة المميزة لنظام التعليم في فنلندا. استطلاعات الرأي السنوية أظهرت مرارا وتكرارا أنّ التدريس هو مهنة قيّمة في فنلندا، والتدريس في المدارس الابتدائيّة هي المهنة الأكثر رواجًا OECD), 2007). جاذبيّة التدريس ترتبط كما يبدو لعمليّة الاختيار، للعمل نفسه ولشروط العمل من راتب المعلمين، أو احترام المعلمين. ذلك لوجود معايير عالية جدا في فنلندا والتي يجب النجاح فيها في برامج تأهيل المعلّمين، مجرّد الدخول للمدرسة وللتدريس هذا إنجاز مرموق. حقيقة أنّه في فنلندا نقلوا تعليم المعلّمين للجامعات، البحث يمنح مكانة للشباب الذين يدخلون مجال التدريس. تحتل فنلندا موقع الصدارة في تصميم مناهج التعليم لدعم الإبداع والابتكار، أي أنه يوجد للمعلّمين عمل جذّاب والذي يشبه باقي المهن ذات المكانة المرموقة، والتي تشمل الاستقلالية، التعاون، البحث، التطوير والتصميم. تعتمد فنلندا بشكل كبير على معلميها وعلى قراراتهم المهنية بين دول العالم. ليس من المستغرب أن يكون لدى فنلندا أدنى معدل تسرب بين المعلمين في العالم، حيث أظهر استطلاع عام 2013 أن حوالي 90 بالمائة من المعلمين المدربين يبقون في المهنة طوال سنوات حياتهم المهنية.

توصيات متبادلة
الكثير من المدارس في إسرائيل فهمت أهميّة التعاون ومجموعات الطلاب تعمل ضمن إستراتيجية التعلّم من العمل ; التعليم المبتكر عليه أن يبنى على القدرة ارتجال ودعم الأنشطة التعاونية والتي تمكّن من فهم التحصيلات، المعرفة والعمليّات. استراتيجيات التعلّم من العمل غير موجود في أساس المفهوم الفنلندي، لذلك التوصية بتعلّم القدرة على الابتكار، التجديد والتغيير في الوقت المناسب تستطيع أن تكون توصية جيّدة للتعليم الفنلندي، المتفوّق بأساليب التعلّم المرتّبة.
يتمثل التحدي الأكبر في المدارس في ربط التعلم الإبداعي للطالب بالتعلم الإبداعي للمجموعة. في إسرائيل، من أجل دمج هذا المفهوم ، بدأت العديد من المدارس في تطبيق التوعية الرقمية، المعروفة باسم علم التقنية - التربويّة ، واستخدام أدوات التعلم الرقمية وتطبيقات التعلم والبرامج والأدوات التعاونية على أساس يومي. من خلال حل مشكلات البرمجة، ثلاثية الأبعاد ودمج الواقع المعزز والواقع الافتراضي في الصفوف، على سبيل المثال ، فما نحصل عليه هو طالب مفكر قادر على المبادرة، التطوير وابتكار أفكار مستدامة، المناسبة لاحتياجات القرن الحادي والعشرين.
يعد إعداد المعلمين لهذه التغييرات واجبًا خاصًا أيضًا، خاصةً لأنه يتطلب من المعلمين التعلم على الفور، الابتكار والحصول على تعليم عام واسع وإظهار هذه المهارات خاصّة عندما يظهر شيء مبتكر في الصّف. الهدف هو أن يتمكن الطلاب من قيادة أنفسهم إلى تعلم معين يتطلب ارتجالًا في الوقت الفعلي. ومن ثم فإن الارتجال، والتوجيه نحو التميز، وتطوير التفكير والتعاون الريادي وغير الخطي الهرمي هي بعض أركان الأساس في علم التربية المبتكر في إسرائيل.

كيف يجب أن يتغير نظام التعليم الفنلندي؟
مع كونهاأفضل نظام تعليمي في العالم كما هي، تحتاج فنلندا إلى إنتاج المزيد من الفرص التكنولوجية للأطفال، على سبيل المثال، استيعاب الطابعات ثلاثية الأبعاد في المدارس ودمجها في جميع التخصصات، تعلّم البرمجة وتصنيع منتجات الواقع المعزز الافتراضية أثناء العمل على PBL (التعلم القائم على تطوير المشاريع) وليس فقط إنتاج الملصقات والنماذج، والعمل معPMI ومعايير GAANTs ، والقيود، الريبة والجداول الزمنية، سوف تثمر أطفال خارقين سريعين وقابلين للتكيف ومبتكرين وسوف تعدّهم جيدًا لمهارات القرن الحادي والعشرين. وباستخدام النهج المعطى الذي يقضي "بعدم ترك أي طفل خلف الركب" ، يمكن لفنلندا أن تحصّل إسرائيل التي لا تستثمر نفس القدر من الاستثمار في جميع الأطفال في جميع أنحاء البلاد ولكنها تتخذ نهجًا انتقائيًا لتعزيز التميز.
تعمل العديد من الشركات الناشئة الإسرائيلية الآن على تطوير منتجات التعلّم،وأدوات رقمية للتعلم عن بعد عارضات تعاونية وخطاب رقمي متعدد المشاركين، المدمجة في التعليم في إسرائيل منذ روضة الأطفال. يؤدي استخدام هذه الأدوات إلى خلق أنواع من الطلاب الرياديين القادرين على متابعة دراساتهم من أجل التميز وإنشاء العديد من الشركات الناشئة في المستقبل. تحتاج فنلندا إلى اعتماد نهج مماثل وتطبيق الأدوات الرقمية للتعلم عن بعد وعن قرب لاستخدام الواقع المعزز، لتخطيط افتراضي ثلاثي الأبعاد ، والتربية للخطاب الرقمي متعدد المشاركين، إدارة جداول زمنية متعدد الأبعاد، إدارة المشاريع الرقمية والمزيد.

* دسمن الفحل - اللد: طالبة للقب الثالث في جامعة إدارة الأكاديمية العامة (AAP) مولدوفا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة