الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 18:02

التطبيع على طريقة "حكّلي بحكلّك"

أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 14/12/20 10:02,  حُتلن: 12:40

هذا العام سمعنا عن موجة جديدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذ أقدمت كل من الإمارات والبحرين وبعدها السودان على اتخاذ هذه الخطوة متحدين بذلك قرارات الجامعة العربية وضاربين بعرض الحائط الشعور الفلسطيني. واليوم يطلع علينا "المغرب" ليغرد ضمن سرب المطبعين الجدد.

القيادة الفلسطينية انزعجت من حملة التطبيع الجديدة مع الإمارات والبحرين واعتبرتها"خنجراً في الظهر الفلسطيني". فثارت وهاجت وصرخت وزعقت ثم همدت، وكما أعتقد استسلمت للأمر الواقع، خصوصاً أنها لا حول لها ولا قوة، لأن شريان حياتها مرتبط بإسرائيل التي علموا أطفالهم وأولادهم على أن هذه الدولة هي "مغتصبة ومحتلة ويجب مقاومة الإحتلال، وأن قادتها قتلة للفلسطينيين. وعندما كبر الأطفال وبلغ الأولاد سن الرشد وأرادوا تطبيق ما تعلموه، كان لهم رجال أمن السلطة الفلسطينية بالمرصاد، حيث يتم ذلك تحت مسمى"اتفاق التنسيق الأمني".

الإمارات والبحرين، لم تفاجئا العالم العربي بالتطبيع مع إسرائيل. فقد كانت لهما علاقات منذ سنوات طويلة (تجارية،اقتصادية وسياحية أيضا) ليس معهما فقط بل ومع سلطنة عمان التي هي في طريفها للسير على طريق التطبيع. الإمارات والبحرين قامتا بالتطبيع ليس عن قناعة سياسية، بل عن مقايضة. فالإمارالت قالت للرئيس الأمريكي ترامب المنتهية ولايته: "أعطونا السلاح الذي نريد نفعل ما تريدون" وما تريده الإمارات من واشنطن: طائرات الشبح F-35 وطائرات بدون طيار من النوع الأكثر تقدما، بمعنى أن التطبيع مقايضة مقابل صفقة سلاح. وفيما يتعلق بالبحرين فقد تم التطبيع تحت ضغطين: أحدهما سعودي والآخر أمريكي. السعودية داعم مادي رئيس بل أهم داعم للبحرين إقتصادياً لدرجة أن السعودية تعتبر شريان الحياة للبحرين . والإدارة الأمريكية وعدت النظام في البحرين أيضا بمواصلة تقديم الدعم المالي، والأهم الحفاظ على بقاء العرش البحريني. يعني مقايضة التطبيع بدعم الإقتصاد والحفاظ على النظام.
أما السودان الذي لم يفكر به أحد تطبيعياً في السابق، فقد أراد انتهاز فرصة موجة التطبيع لينهي حالة الحصار المفروض عليه أمريكيا منذ سنوات، ورضي حكام السودان الجدد بالعرض الأمريكي: تطبيع مع إسرائيل مقابل رفع الحصار وتقديم مساعدات وهبات مالية. يعني مقايضة التطبيع بالمال ورفع الحصار، وبذلك تجاهلت الحكومة السودانية ( مقابل مصالحها) قمة اللاءات الثلاثة في مؤتمر القمة الرابع الخاص بجامعة الدولة العربية، والذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 أغسطس 1967 على خلفية هزيمة عام 1967 أو ما عرف بالنكسة. وقد عرفت القمة باسم قمة اللاءات الثلاثة حيث خرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل.

مملكة عربية في الشمال الإفريقي إسمها "المغرب" قررت الإلتحاق بركب المطبعين الجدد. ولكن لماذا العجب من خطوة المغرب؟ فهل هذه خطوة جديدة؟ أكيد لا. فالمغرب له علاقات جيدة مع إسرائيل منذ أيام الملك الحسن الثاني، الذي لم يقم هذه العلاقة مع إسرائيل سراً بل علناً. العلاقة بين المغرب وإسرائيل تاريخية يعود تاريخها إلى سنوات الستينيات. فقد سمح المغرب بهجرة حوالي مائة ألف يهودي مغربي إلى إسرائيل في الفترة بين عامي 1961 و1964، مقابل صفقة مالية. وعندما كان شيمون بيريس وزيراً للخارجية الإسرائيلية قام بزيارة للمغرب والتقى الملك الحسن الثاني في مدينة إيفران عام 1986 في زيارة علنية. وتم فيما بعد فتح مكاتب اتصال بين إسرائيل والمغرب.

وبالرغم من هذه العلاقة الثنائية مع إسرائيل( غير الطبيعية وقتها) قرر المؤنمر العاشر لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في مدينة فاس المغربية إسناد رئاسة لجنة القدس إلى العاهل المغربي الحسن الثاني، علماً بأن هذه اللجنة تأسست بقرار من المنظمة نفسها في العام 1975. وبعد وفاة العاهل المغربي أسندت رئاستها إلى إبنه الملك محمد السادس ولا تزال برئاسته. والغريب في الأمر أنه بالرغم من أن الهدف العام للجنة هو حماية القدس من المخططات و المؤامرات الصهيونية و خطط تهويدها ، لكن لم يتم تحقيق أي شيء واللجنة حبر على ورق فقط.

خطوة المغرب ليس بداية إنما استكمالاً لخطوة سابقة. بدليل أن السفير المغربي في الدوحة، محمد ستري، وغيره من المسؤولين المغاربة رفضوا وصف الخطوة "بالتطبيع" وأصرّوا على وصفها بأنها "استئناف للعلاقة مع إسرائيل" لكن الأمر المهم في الإعلان عن تطبيع كامل مع إسرائيل يتجسد في صفقة علنية واضحة، وهي: اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء الغربية. هذا الإعتراف يسعى إليه المغرب منذ عشرات السنين،  إذاً يتبين من كل ما تقدم، أن عملية التطبيع مع إسرائيل تتم على طريقة "حكلي بحكلك" و"مسبحة" التماسك العربية لا تزال في "تفرفط" مستمر، وليس من المستغرب طرح اقتراح لقبول إسرائيل في جامعة الدول العربية بعد تغيير اسم الجامعة إلى "جامعة الشرق الأوسط الجديد".

مقالات متعلقة