الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 07:02

ما (أعقلك) يا حيوان وما أوحشك يا إنسان

بقلم: أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 08/12/20 11:21,  حُتلن: 13:21

لامني بعض الأصدقاء عندما كتبت مقالاً بعنوان" هل يدخل المجتمع العربي موسوعة غينيتتس في القتل" واعتبر ذلك مبالغة. لكن ما نعيشه من استمرار مكثف لحالات القتل التي أصبحت شبه يومية تؤكد صحة كلامي. لقد تفوقنا على الغير في القتل نوعاً وكماً. كنا نشهد حالات قتل لشخص واليوم تطورت تقافة القتل عندنا وأصبحنا نشاهد حالات قتل "بالجملة" بمعنى أكثر من شخص في آن واحد. فما الذي جرى لمجتمعنا؟ لا يعرف أحد الإمساك بطرف خيط للوصول إلى معالجة هذا الموضوع. الكل يتحدث ويناقش ولكن بدون فائدة. وكلما مرت الأيام كلما زادت حالات القتل.
يرمون الاتهامات يمنة ويسرى على جهات مختلفة في التقصير لوضع حد لهذه المشكلة: الشرطة، أعضاء الكنيست، البلديات والمجالس المحلية، لجنة المتابعة، المدارس. نحن لسنا بحاجة إلى من نوجه الإتهامات، بل بحاجة إلى حلول جذرية.
ما رأيته في فيديو حول اشتباك بين الشرطة وأفراد في قرية عربية، أعاد إلى أذهاني مشاهد حرب أهلية في لبنان وليبيا واليمن. وما سمعته من ممارسات قتل "بالجملة" في بلدات عربية أعاد إلى تفكيري أعمال العنف والقتل في شيكاغو الأمريكية. فهل فقدنا البوصلة، أم أننا بالأصل لم يكن لدينا بوصلة أخلاقية؟
ست ضحايا في ثلاثة أيام. (والحبل عالجرار). عندما تسقط الضحايا يتكاثر الحديث عن الأسباب ولكن بدون اقتراحات حلول. أول سبب يخطر على البال هو وجود سلاح غير مرخص في المجتمع العربي، سلاح لا يعرف أحد (من الشعب طبعاً) كم عدده وما هي أنواعه. وحسب صحيفة "هآرتس" فإن معهد أبحاث الكنيست يؤكد أنه من الصعب تقدير عدد قطع السلاح غير القانوني المنتشرة في إسرائيل، ويذكّر بتقرير مراقب الدولة الذي أكد "أن عدد الأسلحة المتراكمة في المجتمع العربي وصلت إلى كمٍّ خطير، مع الإشارة إلى أن قسماً من هذا السلاح مصدره السرقة من قواعد الجيش الإسرائيلي"،
اقترحوا مبادرة للعمل على جمع السلاح غير المرخص، فاستبشرنا خيراً بالتقليل من حالات القتل. لكن هذه المبادرة، التي تم طرحها مقابل العفو عن المخالفين وإعفائهم من الإجراء القانوني وما يترتب عليه من عقوبات، لاقت فشلاً ذريعاً، إذ أن الحملة لم تسفر سوى عن تسليم 14 قطعة سلاح فقط، استناداً إلى معلومات نشرتها صحيفة هآرتس.
ويقولون أن الشرطة هي المسؤولة عما يحدث في المجتمع لأنها هي المكلفة بحمايته والمسؤولة عن أمنه بشكل مباشر. نعم هذا صحيح في حال تكون العلاقة طبيعية بين الشرطة وأفراد ذلك المجتمع. لكن في الحالة العربية في إسرائيل فإن الأمر مختلف تماماً، لأن الشرطة تتعامل مع المجتمع العربي على طريقة "فخار يكسر بعضو" ولذلك على المجتمع العربي وبالتحديد على البلديات والمجالس المحلية بالتعاون مع المدارس ولجان أولياء أمور الطلاب وضع آليات لمعالجة هذا الموضوع كون هذه المؤسسات لها احتكاك مباشر يومي مع المواطن العربي.
وفي ظل ما يحدث في مجتمعنا العربي أسمح لنفسي بالقول:" أحترمك يا حيوان وأحتقرك يا إنسان". أمران إثنان يفرقان بين الإنسان والحيوان: التفكير والنطق. ورغم ذلك أحسد الحيوان على صفة "الصمت" التي منحه الله له. صحيح أن الإنسان يفتخر بأن الله وهبه عقلا ولساناً. والعقل هو للتفكير، واللسان هو للنطق بالصالح والمفيد وليس بالنميمة والتخوين. لكن ما يجري في مجتمعنا العربي يبرهن بكل وضوح أن هناك مساحات واسعة في العقل لم يستخدمها بني آدم. ولو يفكّر الإنسان في مجتمعنا بالشكل الصحيح لما وصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه.
أنا ضد الحسد، لكني بعض الأحيان أحسد (الحيوان) لأنه مرتاح من أمور كثيرة تشغل الإنسان وتودي به أحياناً إلى مآزق وتسبب له مشاكل. فالحيوان مثلاً لا يكذب ولا يحقد ولا يكره والأكثر من كل هذا إنه غير فاسد. وكم هو محظوظ الحيوان لأنه لا يعرف نتنياهو ولا غانتس ,ولا اللاهثين وراءهما, صحيح أن الذي يسير على أربعة أقدام لا يملك عقلاً، لكن له ميزات لا تتوفر بشكل عام عند من يسير على قدمين: فالحيوان كائن مخلص بعكس البشر.
وقد أعجبني قول أحدهم:" الإنسان مقلّد للحيوان في الذّوُد عن أسرته والحفاظ على جنسه". فمتى نصل نحن البشر إلى هذا المستوى في الحفاظ على حياة أبناء جنسنا؟ ما (أعقلك) يا حيوان وما أوحشك يا إنسان.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة