الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 21:01

شاعر الفصول

بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 07/12/20 19:04,  حُتلن: 02:12

في الصيفِ سلّم الشاعرُ
كلَّ ما تبقى لهُ من حَواسْ
لدغْدَغَةِ الضّفائرِ المُذَهَّبةْ
إذ أرختها الشمسُ في الصباحْ..
في ظهيرة النهارْ -
رأى السرابَ فانتشى بما بَدا
كجدولٍ ينسابُ لألاءً
بين أسْطُرِ اللّوزِ والتفاحْ..
سلّم وجهَهُ لأنسامٍ تسللت إليهِ
عبر أغصانِ خرّوبةْ..
قضى الليلَ يُقَلِّبُ أوراقاً مهلهلةً
تساقطت من كتاب العروبةْ..
***
في الخريفْ..
تناثرت صفحاتُهُ
كأوراقٍ أعارتها الأشجارُ للرياحْ
فألقت حُلّةً مُلَوّنةً
على الهِضابِ والبِطاحْ..
أمْعنَ النظرْ -
رأى كيف تعرّت الأشجارُ
فارِدةً تحت أقدامِها بساطاً
بألوانِ التبرِ وانصداع الفجْرِ
في آخر السَحَرْ
ثمّ استحمَّت
تحت زخَّات المطرْ..
***
حين أقبلَ الشتاءْ
لم يخَفْ من البرد والثلوجْ
إلا على تينةٍ مُهاجِرةْ..
غلّفها ببَدلةِ الشتاء الواقيةْ
لئلا تلاقي حتْفها
عندما تكِرُّ العواصفُ العاتيةْ..
أبهَجتهُ الثلوجُ
حين ألبَست الأرضَ حُلَّةً بيضاءْ..
لا لأنها أخْفَت ما عليها من تَشَوُّهاتْ
بل لأنها بيَّنت معاني الطُهر والنقاءْ.
***
الربيعُ أيقظَ الأرضَ من سُباتها
أصبح الشاعرُ امتداداً لها..
أبهجهُ تجدُّدُ الحياةْ
عادت الأشجارُ ترتدي حُلةً جديدةً..
تجَلّى خَضارُها البضُّ
حين أرختْ الشمسُ شَعرَها
وعادت تحتفي بعُرسها..
شقائِقُ النُعمان زيَّنت مُروجَها..
رأى صبيةً رشيقةً تُرتِّبُ الزهورَ
في فناء الدارْ دون أن تزوغَ عيْنُها
كأنها تُخَبئُ الحياءَ والدلالْ..
عادت الوديانُ تنسابُ في السهولِ
تحملُ الهدايا من مخابئ الجِبالْ..
ما أجمل البلادْ -
عندما تصيرُ الأرضُ مسرحاً
للحبِّ والجمالْ..
تنهّدَ الشاعرُ. ثم قالْ:
لكل فصلٍ سِحْرُهُ
وكلها تكافَلت لتجْمعَ الأجزاءَ
في لوْحَةِ الكَمالْ..
تظَلُّ للربيعِ حظْوةٌ كُبرى
لدى السنونو والغزالْ
وحسبُهُ تَمَيُّزاً بأنّهُ هو الذي
يبُثُّ في الفضاءِ عِطرَ البرتقالْ.

 - نيويورك -

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com 


 

مقالات متعلقة