الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 11:02

المجتمع العربي بين سيفين حادين: مطرقة العنف وسندان العنصرية

بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 30/11/20 12:01,  حُتلن: 18:13

 في الماضي كنا نسمع عن حالة قتل فنستغرب الحدث، واليوم نستغرب إذا مر يوم بدون سماع دوي رصاص وقتل شخص في مكان ما في مجتمعنا العربي. فقد أصبح القتل أشبه بجزء من حياتنا اليومية، تقول المعلومات المتوفرة ان معدل جرائم القتل في العالم العربي يصل إلى نحو 10 جرائم في السنة لكل مليون نسمة، في حين تصل النسبة في المجتمع العربي في الداخل الفلسطينيّ إلى 46 جريمة في السنة، أي أكثر من أربعة إضعاف البلدان الأخرى. وهذه نسبة مخيفة ومرعبة.

هل افتقدنا بالفعل القيم الإجتماعية التي تربط بعضنا ببعض؟ يقول المختص في علم الجريمة والعدالة الجنائية، بروفيسور سهيل حسنين، في ظل استشراس العنف والجريمة: "إن المجتمع يمر في فترة تتميز بفقدان القيم وليست أزمة القيم. والفرق بين الأمرين شاسع، فأزمة القيم تعني أن الإنسان أمام خيارين وقد يختار الإمكانية المنطقية والإيجابية. أما فقدان القيم فتعني أنه لمجرد سبب بسيط وسخيف يفقد الإنسان إنسانيته، ويُصبح مجرد آلة تضبطها الغرائز الجياشة". لا يوجد أدنى شك في منطق البروفيسور حسين.
ويرى الباحث الجزائري الدكتور عبد الحق حميش، أنّ الجريمة مهما كانت دوافعها لا يمكن تبريرها، حتّى وإن ارتكبت بمقابل جريمة، أو لأيّة أسباب أخرى، وإنّ الجرائم كارثة مجتمعية وقودها دوافع نفسية يعزّزها الفقر والبطالة.
وفي العادة فإن الأجهزة الأمنية في كل دولة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن حياة المواطن، لكن الحالة في مجتمعنا العربي في إسرائيل مختلفة عن باقي المجتمعات العربية لأسباب سياسية. في هذا السياق، يقول المحامي رضا جاب:""في الدولة الديمقراطية والمجتمع الصحي، إن الشرطة هي وحدها من تمتلك المفاتيح القانونية للتعامل مع الاجرام والمجرمين، والمجتمع المدني لا يستطيع أن يتعامل مع الاجرام المنظم، والشرطة الإسرائيلية لا تتعامل مع المجتمع العربي كمواطنين لهم الحق في الامن والحياة".
ولعلّ من أهم أسباب ارتفاع نسبة القتل: الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومتطلبات الحياة الصعبة وعدم التكافل الاجتماعي، والاضطرابات الانفعالية والنفسية، وضعف الاستجابة للمعايير الاجتماعية، كلّ ذلك أثّر تأثيرًا سلبيًا على نفسية الإنسان. وانعكس بشكل واضح على ميله نحو العنف الّذي أصبح طبيعيًا في حياته.
توجد دراسة علمية أجريت على أربعة ملايين حالة قتل في العام 2016 أظهرت أمراً مقلقاً للغاية وهو أن الإنسان أشرس الكائنات من بين الثدييات البالغ عددها 1024 نوعا، منها 40 في المئة تقتل، والبشر أكثر فتكا بستة أضعاف من متوسط عدد الحالات لدى الثدييات. وما يجري في العالم من انتشار لأعمال القتل يؤكد صحة ما ذكره موقع "science alert" للعلوم المعرفية. فقد ذكر الموقع أن الإنسان هو الأكثر خطورة ودموية بين الكائنات الحية.
لا شك أن العنف موجود في عالم الحيوانات بالطبع، ولكن على نطاق مختلف تماما. لقد تعلمنا في المدارس أن الحيوانات آكلة لحوم، وتقتل من أجل الغذاء والبقاء على قيد الحياة، وأما نحن فإننا نقتل من أجل القتل فقط، وقد يكون الإنتقام وزعرنة الإبتزاز (الخاوة) والسرقة والمخدرات من دوافع القتل.
ويعد "القتل دفاعا عن الشرف" أمرا مقبولا اجتماعيا فى عدد من الدول العربية، وإن لم تكن هذه الظاهرة منتشرة كثيراً في مجتمعنا العربي. ففى أكبر استطلاع للرأي حول "القتل غسلا للعار" جرى في أواخر عام 2018 وربيع عام 2019 شارك فيه أكثر من 25 ألفاً من عشر دول عربية ( تونس، المغرب، الجزائر، العراق، الأردن، لبنان، مصر، ليبيا، اليمن، السودان بالإضافة إلى الأراضي الفلسطينية)، أجرته إذاعة بي بي سي البريطانية، تبين أن الجزائر كانت الدولة الأعلى نسبة في تأييد القتل غسلاً للعار 27 % تليها المغرب بنسبة 25 % ثم الأردن بنسبة 21%. لكن كل ذلك لا يعطي الإنسان الحق في قتل أخيه الإنسان.
صحيح أن غريزة القتل موجودة لدى الإنسان منذ بداية البشرية.ألم يقل لنا التاريخ أن قابيل قتل هابيل؟.
لكن الله تعالى هو فقط الذي يعطي الروح ويأخذها.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة