الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 17:02

عنزة ولو طارت يا ريّس!!

بقلم: الكاتب والاديب محمد علي طه

محمد علي طه
نُشر: 26/11/20 10:45,  حُتلن: 13:21

أعتذر لأهلنا، متديّنين وعلمانيّين، حضرًا وفلّاحين وبدوًا، يمينيّين ويساريّين، حزبيّين ومستقلّين، رجالًا ونساء، شيوخًا وشبّانًا، في النّقب والمثّلث والجليل، في راهط وقلنسوة وطمرة وطرعان وكابول وكفرمندا، وفي بلدات عربيّة عديدة في هذا الوطن الصّغير الجميل لأنّني اتهمتّهم بأنّهم لا يرضون بالحسم الدّيموقراطيّ وبما يفرزه صندوق الاقتراع ويرفعون بعد كلّ جولة انتخابات محلّيّة أو بلديّة قضايا في المحاكم المركزيّة يطعنون فيها بسرقة الانتخابات وبالتّزوير وبالرّشاوى ويدفعون مئات آلاف الدّولارات وربّما أكثر للمحامين..ورزق العقّال على حساب العصبيّة العائليّة.
يا جماعة الخير، لا توجد انتخابات في العالم نظيفة مائة بالمائة. بدون رشاوى وبدون وعود وبدون سرقة.. لا يشارك بها الغائبون والمسافرون والّذين انتقلوا الى رحمته تعالى.. هل تريدون أن تحرموا الميّت من حقّه البسيط؟
أعتذر إليكم يا اهلي لأنّني اكتشفت مؤخرًّا بمساعدة الايطاليّ كريستوف كولمبس أنّ الدّيموقراطيّة كذبة كبيرة ولامعة وحلوة، وهي سراب في صحراء الرّبع الخالي وأنّ صندوق الاقتراع عبارة عن بهارات مثل الفلفل والكمّون والسّمّاق وجوزة الطّيب، كما أنّ رأينا القاطع بالدّيموقراطيّة يأتي بعد الفرز فاذا كانت الغلّة لصالحنا نصرخ بملء الأفواه: عاشت الدّيموقراطيّة، أرقى أنواع الحكم واعدلها وأفضلها وأحسنها، وإلّا "يلعن أبوكِ وامكِ وسنسفيل أهلك يا ديموقراطيّة"!! وأنّك بدعة غربيّة من الكفّار!!
طالما زعمنا أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة هي جدّة الدّيموقراطيّة وأمّها وخالتها وعمّتها، ومنبعها ومدرستها وقُلنا: يا ناس، يا عالم، يا أهلنا تعلّموا من الغرب المتحضّر!! تعلّموا من أمريكا فالمتنافسان على رئاستها وعلى زعامة العالم اقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا يرضيان بما يفرز صندوق الاقتراع وما أن تظهر نتيجة الفرز والحسم الدّيموقراطيّ حتّى يبادر المرشّح الخاسر بتهنئة المرشّح الفائز..وتسير الأمور.. صافي يا لبن!!
كم مرّة ظلمنا أنفسنا وقلنا هذه الدّيموقراطيّة ليست لنا وأنّ أمريكا والدّول الأوروبّيّة دفعن ثمنَا غاليًا، حروبًا أهليّة ودماء، حتّى توصّلن اليها.. كما أنّ الدّيموقراطيّة تحتاج الى ثقافة وحضارة وأنّ هناك بونًا شاسعًا، علميًا وثقافيًّا وحضاريًّا بيننا وبين الغرب فنحن مجتمع حمائليّ عائليّ قبليّ، مجتمع "ما أنا الّا من غزيّة"، لا يقبل ولا يرضى بالحسم الدّيموقراطيّ.
ظلمنا أنفسنا وظلمنا أهلنا.
الرّئيس ترامب، صديق السّادة نتنياهو والسّيسي ومحمّد بن سلمان وآل خليفة وآل نهيان وآل مودي، ليس من طرعان أو كفرمندا أو قلنسوة أو كفرقرع أو.. بل هو رئيس الدّولة الأقوى والأعظم والأغنى الّذي وصل الى رئاستها قبل أربع سنوات بفضل الحسم الدّيموقراطيّ تعلّم منا، يا حلاوة، وها هو يرفض ما أفرزه الصّندوق ويصرخ: سرقوا الانتخابات، زوّروا الانتخابات، ويستأجر طاقمًا من المحامين أجرة الواحد منهم تعادل ميزانيّة دولة في العالم الثّالث..
ويحصون ملايين البطاقات الانتخابيّة مرّة ثانيّة.. فيقول: عنزة لو طارت!!
ويلجأ الى القضاء ويقول القضاء كلمته. فيقول الرّيّس: عنزة لو طارت!!
إمّا انّ الدّيموقراطيّة كذبة كبيرة وإمّا أنّ السّيّد ترامب تعلّم منّا، فالرّجل يعرفنا.. الم يقرّر أن ينقل قرانا الى مناطق السّلطة الفلسطينيّة. فالرّجل يعرف كفرقرع وجلجوليّة وكفربرا وأكل فيهن مسخّنًا ومجدّرة.
الرّجل فهمان..!!
زرعيّة على كدرة. لا عنزة ولا بقرة. شو هي؟
والكدرة، يا شبّان ويا صبايا، هي كتلة طين يابسة وأمّا الزّرعيّة فهي طائر صغير.
عنزة لو طارت!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة