الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 18:02

كي ننتصر على الوباء/ بقلم: الكاتب والأديب محمّد علي طه

محمّد علي طه
نُشر: 10/09/20 14:24,  حُتلن: 18:29

تحملني أجنحة الحنين كلّ عامٍ في الفاتح من أيلول إلى سنوات جميلة خلون عندما كنت مدرّسًا، أفرح مع تلاميذي وزملائي بالعام الدرّاسيّ الجديد، ولكنّي قلقت وحزنت في هذا العام عندما علمت أن تلاميذ ومدرّسي أكثر من عشرين مدينة وقريّة عربيّة في البلاد لم يعودوا إلى مقاعد الدّراسة لأنّ بلداتهم في الخانة الحمراء.


كيف سمحنا لوباء الكورونا الخطير أن يدخل مدننا وقرانا من بوّاباتها الواسعة ويسرح ويمرح فيها ويحوّلها من خضراء جميلة تتدفّق فيها الحياة إلى حمراء خطيرةٍ؟
قاومنا الكورونا في الجولة الأولى ملتزمين بتعليمات وزارة الصّحة وكنّا قدوةً للآخر وانتصرنا على الوباء حتى حسب البعض أنّ جينات الإنسان العربيّ، الابن الأصلي لهذا الوطن، تمنحه المناعة.
وكانت نسبة المصابين العرب بفايروس الكورونا تتراوح بين 6 و 7 في المائة فقط وأمّا اليوم فتتجاوز النّسبة ال 28 في المائة بينما نحن نشكّل 18 في المائة من السّكان.
نفّذنا في الجولة الأولى تعليمات وزارة الصّحة وحافظنا على صحّتنا فلم يدخل الوباء معظم مدننا وقرانا.
هل فعلنا ذلك لأنّنا كنّا خائفين مرعوبين أم لأنّنا كنّا واعيين وحذرين أم كلا الأمّرين؟
وماذا أصابنا في هذه الأيّام؟
ما هذه اللامبالاة وما هذا الإهمال وما هذه الفوضى القاتلة؟ وما هذا الاستهتار بالحياة؟
أقفلنا المساجد والكنائس والخلوات وقايةً من الوباء وفي الوقت نفسه شاركنا ونشارك بأعداد غفيرة بالأعراس، بالمئات وبالآلاف، بدون أي حذر وبدون كمّامات وبدون البعد الجسديّ. ونسير في الشّوارع ونرتاد المتاجر والحوانيت والمؤسّسات بدون كماّمات، كأنّ الكورونا رحلت عن بلادنا.
قال لي ابني معاوية " أشعر أنّي أعيش في عالمين، فعندما أعمل في عيادتي في حيفا أرى جميع النّاس في الشّوارع والحوانيت يرتدون الكمامات، وحينما أعود إلى البلدة أرى القلائل جدًّا من النّاس يرتدونها".
قبل أيّام، وعلى غير عادتي منذ شهر آذار الماضي غامرتُ وخرجت من البيت ودخلت إلى صيدليّة فوجدت ثلاث سيّدات بدون كمّامات يقفن بالدّور أمام الصّيدلانيّ، وعرّجت على بقالة فوجدتُ البقّال بدون كمامة وكذلك الزّبائن. توجّهت إلى المخبز فوجدتُ البائع بدون كمامة وبدون قفّازات وكذلك المشترين فاتّجهت مهمومًا إلى الخضريّ فلمّا وصلت إلى مدخل الحانوت شاهدت الخضريّ والزّبائن بدون كمّامات وبدون أيّة وقاية.
والغريب أنّ هؤلاء امتعضوا عندما نصحتهم بارتداء الكمامة والمحافظة على البعد الجسديّ ونظروا إليّ مستغربين!
هل نحتاج إلى الشّرطة كي تلزمنا بالمحافظة على صحّتنا؟
الكورونا ليست لعبة وليست وهمًا وليست انفلونزا عاديّة بل هي وباء خطير.
نستطيع ان ننتصر على هذا الوباء اذا التزمنا بالتّعليمات وهي سهلة وبسيطة.
نستطيع أن نؤجّل أعراسنا الى العام القادم أو نقتصرها على العائلة الصّغيرة.
نستطيع أن نحافظ على أنفسنا وأهلنا وأصدقائنا ومعارفنا وجيراننا.
اللهم ارحمنا وارحم شعبنا وارحم الانسانيّة من هذا الوباء.
اللهم اهدنا الى الصّواب كي تبقى مدننا وقرانا خضراء يانعة.
ونعيشُ بصحّة جيّدة وراحة بال.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة