الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 03:02

الرابح والخاسر في اتفاق التطبيع ومستقبل الفلسطينيين في الإمارات/ بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 28/08/20 08:56,  حُتلن: 14:22

يخطيء من يصدق الإمارات قولها أن مشروع الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، هو السبب في إقدامها على توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، لأن الإمارات ـــــ مثل أي دولة أخرى ىـــ تنطلق في حساباتها السياسية من مبدأ المنفعة الذاتية لها وليس لغيرها. إسرائيل ومنذ فترة، تضع نصب عينيها الحصول على مقاتلات أف 35 الأمريكية، وواشنطن ترفض ذلك على اعتبار أن تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة بالنسبة لواشنطن أهم بكثير من أي شيء آخر.
ولو افترضنا جدلاً أن واشنطن تسمح ببيع هذه المقاتلات للإمارات فسيكون الثمن باهظاً مادياً وسياسياً. من الناحية المادية فإن الإمارات مستعدة لدفع أي مبلغ، ومن الناحية السياسية فإن واشنطن لا ترضى بأي تنازل إذا لم يكن حجمه موازياً لقوة صفقة البيع، ولذلك جاء اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، الذي تعتبر صفقة بيع المقاتلات أف 35 أحد بنوده الرئيسية. "صحيفة يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، ذكرت عن مصادر أمريكية وإماراتية، "إن الاتفاق يتضمن بنداً سرياً، ترفع إسرائيل بموجبه معارضتها لبيع أنظمة الأسلحة الاستراتيجية"، وهذا يعني بوضوح أن الاتفاقية تضمن بيع مقاتلات أف 35 للإمارات كون المقاتلات سلاح استرتيجي.

على أية حال فإن إسرائيل هي الرابح الأكبر من صفقة التطبيع، لأنها توفر لها امتداد نفوذ لدول الخليج العربية، وأيضاً تقترب جداً من إيران، وبذلك تكون عمليات التجسس على طهران سهلة جداً. وقد لا حظنا أنه منذ الإعلان عن اتفاق تطبيع العلاقات الكامل، بين إسرائيل والإمارات،في الثالث عشر من شهر آب/أغسطس الجاري، لم تتوقف ردود الفعل الإيرانية الغاضبة تجاه الإمارات، والتي أخذت في معظمها طابع التهديد ليس للإمارات فقط بل للدول الخليجية التي تفكر في التطبيع.

الرئيس الإيراني حسن روحاني، حذر الإمارات في خطاب له من "السماح لإسرائيل بالحصول على موطئ قدم في المنطقة". اللواء علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، كان في منتهى الوضوح في استخدام لهجة التهديد، حيث قال في تصريحات صحفية يوم الثاني والعشرين الجاري:" أن أي خطوة لفتح أبواب المنطقة للكيان الصهيوني ستجلب الهزيمة والمذلة للدول التي تتعاون مع إسرائيل"، مؤكدا على أن هذه الدول لن تكون بمأمن من تداعيات خطوات التطبيع".
وقبل ذلك استخدم رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، لهجة أكثر من تلك التي استخدمها مسؤول الحرس الثوري الإيراني ضد الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي. فقد صرح في السادس عشر من الشهر الجاري:" إن "نهج طهران تجاه الإمارات سيتغير إذا حدث شيء ما في منطقة الخليج وتضرر أمننا القومي مهما كان الضرر صغيرا، فسنحمل الإمارات مسؤولية ذلك ولن نتهاون معها".


وحسب آراء بعض المحللين السياسيين الإيرانيين، فإن مخاوف إيران الحقيقية من الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي تتركز في إمكانية وصول الإسرائيليين إلى مركز الإمارات التجاري في دبي، مما يؤدي إلى توفير مزايا خاصة في مجال سعي إسرائيل للتجسس على إيران. "صحيفة نيويورك تايمز" البريطانية، تناولت موضوع تأثير العلاقات الإسرائيلية - الإماراتية على إيران وقالت في تقرير لها: ان هذا التأثير سيظهر بعد وقت، ونقلت عن المحلل السياسي سنام وكيل، الباحث في مركز تشاتام هاوس بلندن تساؤله: "هل ستدعم الإمارات الغارات الإسرائيلية على المنشآت الإيرانية في سوريا أو جهود إسرائيل لإضعاف حزب الله؟". و"هل ستدعم إسرائيل الإمارات في وجه العدوان الإيراني؟ كل هذا يبدو غامضا الآن حسب الصحيفة البريطانية.

مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، ذكر في مقال له عن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، "إن فتح أبواب الإمارات أمام إسرائيل بشكلٍ علني يجعل مهمّة إسرائيل في مراقبة إيران، جارة الإمارات سهلةً جدًا، وأنه يحول طهران إلى هدف واضح المعالم أمام المخابرات الإسرائيلية مع قرب الإمارات الجغرافيّ من إيران".


الصديق العزيز بسام أبو شريف، المستشار السياسي الخاص السابق للرئيس الراحل ياسر عرفات، يرى " أن اتفاق الامارات مع نتنياهو ليس اتفاق سلام – انه اتفاق تدمير الخليج ودوله، فنحن اذا دققنا النظر في سيناريو نتنياهو سنجد أن ما يسمونه اتفاق سلام، هو اتفاق لإغراق الخليج ودوله في حرب مدمرة مع ايران لن تكون ضحيتها الاولى اسرائيل بل دول الخليج، ولذلك يستعجل نتنياهو دخول العائلة السعودية في هذا الحلف ليضمن هيمنة اسرائيل المطلقة حتى بعد دمارها".

هناك نقطة أساسية في غاية الأهمية وهي: مصير حوالي ثلاثمائة ألف فلسطيني في الإمارات، فهل أصبح مستقبلهم هناك في مهب الريح؟ وهل سيتعرض هؤلاء للطرد من البلاد بسبب الموقف الفلسطيني الشعبي والرسمي المناهض للإتفاقية؟ وهل سيعيد التاريخ نفسه كما فعلت الكويت بطرد الفلسطينيين في مطلع التسعينيات بسبب موقف الراحل ياسر عرفات الداعم العراق خلال دخوله للكويت؟ أم أن وجود دحلان في الإمارات ودوره في الاتفاقية سبكون صمام أمان للفلسطينيين في الإمارات؟ أسئلة بحاجة للتفكير.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة