الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 06:02

الخلفية الحقيقية لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل/ بقلم: الإعلامي أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 18/08/20 14:38,  حُتلن: 18:42

في مطلع العام 1964 تأسست منظمة التحرير الفلسطينية. بعد ذلك بخمس سنوات أي في العام 1969 أصدرت إمارة أبو ظبي، قانون مقاطعة إسرائيل رقم 12، الذي ينص على منع عقد أي اتفاقٍ مع أي جهة تؤيد إسرائيل أو تقيم أي تبادلٍ تجاري معها، ويفرض عقوبة تصلُ إلى السجن عشر سنوات وغرامة تصلُ إلى سبعة آلاف دينار.

هذا القانون تطور إلى أكثر من ذلك بعد تأسيس الإمارات في العام 1971 . فقد أصدرت الإمارات في العام 1972 قانوناً يحمل الرقم 15 والذي جاءَ "استجابةً لتوصية جامعة الدول العربية التي توصي الدول الأعضاء باحتواء تشريعاتها على قانونٍ موحّد لمقاطعة إسرائيل، إتمامًا للتدابير العربية الجماعية لمواجهة الخطر الصهيوني الداهم".
لكن إمارات اليوم ليست إمارات الأمس. إمارات اليوم تجاهلت كل شيء لا بل ضربت بعرض الحائط كل الثوابت العربية وخرجت عن الإجماع العربي وقرارات الجامعة العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وهرولت مسرعة لإبرام اتفاق مذل مع إسرائيل برعاية أمريكية في الثالث عشر من شهر أغسطس/ آب الحالي أسموه زوراً اتفاق سلام وكأن إسرائيل لم تعد تشكل خطراً.
هذه الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات لم تكن مفاجأة ، فقبل ذلك كانت الإمارات نعطي مؤشرات على وجود غزل مع إسرائيل يجري من تحت الطاولة وأحياناً من فوق الطاولة. "فإذا لم تستح إفعل ما تشاء". الإمارات، وحسب معلومات إسرائيلية شاركت في مناورات عسكرية إسرائيلية في شهري سبتمبر/ أيلول 2016 ومارس/ آذار 2017، وعلى ذمة صحيفة "هآرتس" فإن أول لقاء رسمي ابين البلدين جرى بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، يوم الحادي والعشرين من يوليو/ تموز 2017 في نيويورك، صحيفة "هآرتس" نفسها، نشرت قبل عام تقريبًا "أن قرابة اثنين وسبعين طيّارًا حربيًا إسرائيليًا يعملون لمصلحة السعودية في حربها ضد اليمن". والمحلل السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، ذهب إلى أبعد من ذلك في حديثه عن "التعاون الإسرائيلي الإماراتي في السابق" . فقد صرحَ في أغسطس/ آب 2018 بأنّ طيّارًا إماراتيًا شاركَ ضمن سلاح الجو الإسرائيلي في قصف مواقع عسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزّة. وفي العام نفسه، شارك وفد رياضي إسرائيلي، برفقة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف، في بطولة رياضية في أبوظبي، عُزفَ خلالها النشيد الوطني الإسرائيلي لأول مرّة، صحيفة "إسرائيل هيوم" اعترفت بعد الإعلان عن الإتفاق بين الإمارات وإسرائيل، أن نتنياهو قام خلال العامين الماضيين بزيارات سرية إلى الإمارات.


الإمارات تدعي بأن خطوتها هي بمثابة "طوق نجاة" للفلسطينيين باعتباره سيوقف مشروع الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لكن نتنياهو سارع إلى نفي ذلك بقوله: " أنّ الضم مستمر، وما ورد في نص الإعلان الثلاثي هو تعليق مؤقت للمشروع، وتأجيل الضم وقعَ فعلًا لأسبابٍ داخلية، أميركية وإسرائيلية، بعيدًا عن اللّمسة الإماراتية" الكذب الإماراتي واضح تماماً. لقاء نتنياهو مع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد كان في العام 2017 وكان حجر أساس لمسألة التطبيع بينهما، وهذا يعني بوضوح أن لا علاقة لمشروع الضم بذلك.
ولكن ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت الإمارات إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل رسمي، والأسباب التي ستدفع بدول خليجية أخرى مثل البحرين والسعودية إلى اللحاق بالإمارات؟. بدون شك فإن الخطر الإيراني هو الذي يدفع هذه الدول الخليجية للإرتماء بالحضن الإسرائيلي ، على اعتبار أن إيران هي "عدو" مشترك للجانبين.الإمارات بإقدامها على هذه الخطوة تريد حماية مزدوجة من إسرائيل والولايات المتحدة. ويبدو واضحاً أيضاَ أن الإمارات تستهدف تشكيل تحالف في مواجهة إيران ، وكذا بالنسبة إلى البحرين والسعودية في خطوتهما المماثلة المُحتملة
ويرى محللون سياسيون، أن هذا التحالف له أبعاد مستقبلية إستراتيجية، "حيث ترى بعض دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، أن العداء لإيران هو القاسم المشترك مع إسرائيل، وكانت الولايات المتحدة قد اشترطت على شيوخ وملوك في الخليج، كي تستمر عائلاتهم في الحكم، الاعتراف بإسرائيل التي تمتلك أسلحة نووية تخدمُ مصالحها الأمنية والاستراتيجية"،
إسرائيلياً، فإن الإتفاق يمثل نقلة نوعية جغرافية في غاية الأهمية. فعندما تكون هناك سفارة إسرائيلية في أبو ظبي، فإن هذا يعني أن إسرائيل أصبحت على حدود إيران سياسياً ومعنوياً لأن إيران أصبحت على مرمى حجر من مبنى السفارة الإسرائيلية. وهذا الأمر يظهر جلياً في زيارة رئيس الموساد الإسرائيلي لأبو ظبي، لأنه لم يذهب إلى هناك كسائح إنما في مهمة أمنية.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مرعي مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com    

مقالات متعلقة