الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 17:01

الانسان اولاً - قراءة في الخطة الاقتصادية الخماسية للنهوض بالمجتمع العربي/ بقلم: المربي معروف مراد

معروف مراد
نُشر: 20/07/20 17:56,  حُتلن: 20:58

المربي معروف مراد في مقاله:

نجاحكم يعني نجاح المسيرة وفشلكم يعني تخلف القافلة عن الركب وتعريضها لمنزلقات خطرة نحو الفقر والجريمة كأسلوب حياة والتخلف الفكري الذي لا تحمد عقباه

بعد انقضاء المدة الزمنية للخطة الاقتصادية الحكومية رقم 922 والتي لم تلبِ كل ما كان مأمولا منها، تعكف اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية هذه الايام على اعداد خطة خماسية للنهوض بالمجتمع العربي واعداده لمواكبة ثورة المعلومات والتكنولوجيا العالمية.

تقوم اللجان المهنية والفرعية المختصة هذه الايام بالتعاون مع المنتدى الاسرائيلي للتنوع في سوق العمل (Tsofen) ومركز الاستشارة الدولي في مجال الادارة الاقتصادية ((Deloitte في اعداد مهني واكاديمي لخطة استراتيجية خماسية تهدف الى تنمية قاعدة اقتصادية في مجال تكنولوجيا المعلومات والابتكارات المتقدمة (high-tech) في الوسط العربي.
اللجان المهنية والفرعية المنبثقة عن لجنة الرؤساء في عملية مسح الاحتياجات للمجتمع العربي ومقارنة المنشود مع الموجود، اعتمدت اربعة مجالات بحثية: اولاً، مراجعة السياسات الحكومية القائمة وتعامل مؤسسات الدولة بكل ما يتعلق بدمج المجتمع العربي في الصناعات المتقدمة. ثانياً، جمع وتحليل الصعوبات والتحديات التي واجهت المواطن العربي في الوظائف الحكومية المتقدمة – معتمدة على التقرير السنوي 2019 – 2020 للموارد البشرية في مجال ال "هايتك" - في اقتصاد الدولة. ثالثا، تحليل المواقف والسياسات المتبعة من قبل هيئات بحثية رسمية وغير رسمية وتقارير القطاع الثالث حول المجتمع العربي مع التركيز على دمج العرب في التكنولوجيا المتقدمة. رابعاً، الخبرة السابقة لشركة "ديلويت" في مشاريع التنمية الاقليمية ودمج الاقليات في المشاريع الاقتصادية المتطورة.

من الاهداف المنشودة لهذه الخطة: تطوير مورد بشري عالي الكفاءة في تقنية المعلومات في المجتمع العربي، دمج المجتمع العربي في مجال التوظيف في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، تشجيع وتعزيز ريادة الأعمال وتطوير مبادرات التكنولوجيا المتقدمة في نهج السلطات المحلية العربية وبناء قيادات لريادة وتعزيز ثقافة التكنولوجيا المتقدمة ومساواتها مع معايير منظومة الدول الصناعية المتقدمة ((OECD.
برايي كل مبادرة تصب في مصلحة مجتمعنا مباركة. الملفت للنظر في الخطة اسلوب عرض المعطيات بشكل بحثي اكاديمي متقدم. هنا – كمربي ورجل تربية وتعليم - اريد ان ارفع منسوب تفاؤلي وتوقعاتي من الخطة المقترحة واشدد; ان نجاح الخطة يبدأ ببناء شخصية الطالب الذي يؤمن بنفسه وقدراته ويسعى الى بناء نسق قيمي انساني، حضاري، منتمي لمجتمعه ومدركا للقضايا المصيرية لأبناء شعبه ووطنه. من هنا تبدأ نقطة البداية لمسيرة النجاح الشخصي ولمسيرة النهوض بمجتمع راقٍ مدركا لحجم التحديات ومحصنا لخوضها بنجاح.
اهمية بناء شخصية الطالب الواعي الراشد الذي يميز بين الجوهر والمظهر هي مفصلية في هذا السياق وتحدد ما اذا كان الطالب مؤهلا لمجابهة التحديات وخوض التجارب التي تُعَبِد طريقه نحو النجاح.

هنا تكمن اهمية ان تكون قيادة تربوية حكيمة ترعى مصالح الطالب وتضع نصب عيناها اعداده تربويا وتعليميا وليس فقط تحصيليا ليكون كفؤاً لخوض معتركات الحياة، ولا يقل اهمية ان تقود مجتمعنا قيادات حكيمة ترعى مصالح شعبها ولا تكتفي بإدارة الصراع والدفاع عن الحقوق، انما تسعى نحو التقدم العلمي والاكاديمي لشبابنا لتصنع جيلا محصنا بالعلم والمعرفة ويتربع على قاعدة اقتصادية متينة تفرض حضورها على القطاع الاقتصادي، وغير مقتصرة على مصانع/ ورشات الطحينة والحلاوة والاجبان والاثاث المنزلي.

لكي يفرضوا طلابنا وابنائنا وبناتنا حضورهم على القطاع الاقتصادي يجب ان تعتمد الخطة طويلة الامد على بناء شخصية وكينونة هذا الطالب في مراحل التعليم الابتدائية - كانت هنالك خطة او مبادرة لتعليم طلاب المرحلة الابتدائية موضوع التربية المالية- برأيي هذا مهم جدا- السؤال اين هذه الخطة ولماذا لم ترقَ لمستوى التنفيذ! ومن ثم اعتماد مساقات تعليمية متقدمة – في المرحلة الثانوية - تجمع بين الابتكار - تماشيا مع الحاجات - ورفع مستوى وجودة الحياة في مجتمعٍ متقدم، راقٍ، ينبذ العنف، ويسعىً لتحقيق ذاته، طموحاته وسعادته.
هنا يكمن دور جهاز التربية والتعليم لتغليب منطق البناء الكيفي لشخصية الطالب وعدم الاكتفاء بالتحصيل الكمي والعلامة غير المُثْبَتة احيانا في شهاداته التي ينقصها مصداقية المستوى المطلوب لمستقبل تعليمي واعد. اعجبني ايضا التشديد على اهمية التربية اللا منهجية داخل المدرسة - كضرورة – وخارجها – كمكمل - من خلال الاطر الشبابية الكثيرة التي ترعاها السلطات المحلية تحضى بميزانيات وافرة (بحاجة الى ترشيد برايي والاهتمام ببناء شخصية الانسان القيادية الواعية وعدم الاكتفاء فقط بترفيهه) وذلك لتعزيز توليفة العلم والعمل به.
هذا بحاجة طبعا لمأسسة فكرة التربية اللا منهجية في المبنى التنظيمي لجهاز التربية والتعليم وخاصة في اقسام المعارف، لكي لا يقتصر العمل على الاحتفالات والفعاليات انما بناء النسق القيمي والاخلاقي المنشود في شخصية الطالب اولا ومن ثم في شخصية الانسان مستقبلا. وهنا يتلخص دور قياداتنا المحلية القيمة على هذه الاطر والمؤسسات لإدارتها بما يتلاءم مع روح العصر ومتطلبات المرحلة.. نجاحكم يعني نجاح المسيرة وفشلكم يعني تخلف القافلة عن الركب وتعريضها لمنزلقات خطرة نحو الفقر والجريمة كأسلوب حياة والتخلف الفكري الذي لا تحمد عقباه.
كلكم راعٍ وكلكم مسؤولا عن رعيته.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


 

مقالات متعلقة