الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 03:01

أبو عمار .. ماذا لو كان حيا


نُشر: 02/11/08 07:22

يوم الثلاثاء11نوفمبر" تشرين ثاني " من العام الحالي ، يحين موعد الذكرى الرابعة لرحيل قائد الثورة وزعيمها ... الرئيس السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية ... الرمز الخالد ياسر عرفات " أبو عمار " رحمه الله ... وهو يوم وطني هام مليء بالحسرة واللوعة على غياب رجل فاق الجميع بأبوته وحنانه وحنكته ورمزيته ، وتفوق على نظرائه من القادة والزعماء برباطة جأشه وعناده النضالي وتقشفه الواضح وفي نظرته الثاقبة لمخادع السياسة ومواطن الدبلوماسية الناجحة ، وقد أتقن بلا منازع ومنافس فن إدارة الصراع وتجاوز الأزمات والصعاب بعزيمة قوية وأيمان رصين .
في الذكرى الرابعة لرحيل " الختيار" ، لسنا بحاجة إلى إستعراض مزاياه وخصاله ولا التغني بمجده ومكانته الثورية والنضالية والسياسية ، فياسر عرفات أكبر من الكلمات وأعظم من الوصف وهو غني عن التعريف ولا يحتاج إلى شهادات وروايات للمصادقة على رمزيته وكفاحه وعظمة سيرته الثورية والتحررية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والعالمية ... " ياسر عرفات " هو بطل التكتيكات المحكمة وضمير الشعب والرقم الصعب في كل الحسابات والمؤامرات التي حاولت شطب منظمة التحرير والقضاء على الثورة وتذويب الهوية الفلسطينية المستقلة .
نحن اليوم أحوج ما نكون إلى وجود " أبي عمار" بيننا ، كي نشعر فعلا بقيمة غيابه وتأثير رحيله على حاضرنا ومستقبلنا الوطني والسياسي ... نحن بحاجة إلى " كاريزما القائد" التي إستفرد بها وحفظها تحت كوفيته السمراء المرقطة ، وكان يسحرنا بها عند إبتسامته وفي لحظات غضبه وأثناء عناده وإصراره على التمسك بالمواقف النضالية والثوابت الوطنية ورفضه التنازل عنها أو التفريط بها ، ونحن بحاجة كبيرة لأستعادة هيبة ومكانة منظمة التحريرالفلسطينية وحماية شرعيتها ووحدانيتها في تمثيل الشعب الفلسطيني ، تماما مثلما نحن بحاجة إلى إستنهاض حركة فتح رائدة وقائدة المشروع الوطني الفلسطيني .
اليوم وبعد مضي أربع سنوات على وداعنا له ، نستذكر عباراته الملهبة الملهمة التي كان يرددها علنا ، ويدعو فيها إلى الوحدة الوطنية والإعتلاء على صغائر الأمور والأجندات الشخصية ورفض الإحتكام إلى السلاح في حل الخلافات الفلسطينية الداخلية ، ونتوق‘ إلى سماع هدير صوته وهو يحث على حماية القدس والدفاع عن مقدساتها وعلى مقاومة الإستيطان والجدار ورفض التوطين والتهجير والإقتلاع من الأرض ، نعم ، نحن بحاجة اليوم إلى تطبيق أقواله وشعاراته وفي مقدمتها قوله الشهير:- أنه ليس منا ولا فينا ولا بيننا من يفرط بقطرة دم من دماء أبناء شعبه أو بذرة تراب من تراب وطنه أو بأي ثابت من الثوابت النضالية والوطنية ، ولا زالت صورته وهو يقبل جبين "المؤسس الروحي" لحركة حماس الشهيد أحمد ياسين ويسقيه ماء الوحدة بيده ماثلة أمام عيوننا التي أبكتها جرائم الأشقاء وأدماها سلاح الأخوة الحاقد القاتل ....

تأتي ذكراك يا " قدوتنا وصانع وحدتنا " ، ولا زالت نار الإنقلاب تلتهم قدسية الوطن ووحدة الشعب وتحرق بلهيبها الأسود قضيته وتهدد روح المقاومة والنضال لإفشال مشاريع الإحتلال الإستيطانية والتهويدية والتوسعية ، ولا زال الوطن الذبيح  يأن من وجع الإنقسام ويبكي دما على صراع الشركاء وإستباحتهم الأرواح الطاهرة وحرمة الدماء ، حتى صرنا وحوشا في غيابك عنا - يا أبا الثوار والمقاومين وموحد الفرقاء والمتخاصمين – واقعنا مخزي وحالنا مزري ، وقد سخر منا العالم بأسره وندم على دعمنا والوقوف بجانبنا أشقاؤنا العرب والمسلمون !!!
اليوم يا " فخامة الرئيس " المسجى على مقربة من آلامنا ومعاناتنا اليومية ، داهمت حياتنا الفلسطينية ومبادئنا الوطنية أفكارغريبة دخيلة ، ليست من سجيتنا ولا من شيمنا ، أفكار تحمل بأيديها المجهولة سيوفا تقطر حقدا وتتوعد بمزيد من القتل والذبح والتشريد ... اليوم لا نفيق على مستقبلنا إلا ونحن محزونون مكلومون لغياب النوايا الصادقة في الإتفاق وإنجاح حوارات وحدتنا المفقودة ، نتجرع الويلات والمآسي ونقف مذهولين أمام مشاهد الإعتقال والخطف والتدميروالتهجير والتمثيل بجثث الأبرياء والمناضلين ، نلعن النهار ونمقت الليل ونتمنى الموت ألف مرة ونعتصر ألما عندما نسمعه يرد علينا : موتوا بإنقلابكم المخزي وببغضكم الأسود على بعضكم البعض!!! فما رأيك بحال شعبنا وأحواله يا " سيد فلسطين" و" فارس حلمها " العظيم ؟!! هل لك أن تفسر لنا أسباب سقوطنا الوطني العميق وتراجعنا الوحدوي السحيق ؟!! هل يستحق شعب الشهداء والأسرى والمبعدين واللاجئين كل ذلك وأنت الأدرى بعظمة رجاله والأعلم بسير أبطاله ، وأنت الذي وصفته دوما ب " شعب الجبارين " ؟!!
أخاطبك اليوم وجماهير شعبك المجروحة تعد العدة لإحياء ذكراك الرابعة ، لا أخفيك بأن قلوبنا تخفق بمشاعر القلق من قيام الأنقلابيين بمهاجمة حشد محبيك وجماهيرك ومنعهم من مبايعتك والإحتفال بك ، فقد فعلوها السنة الماضية في ذكراك الثالثة ، وقتلوا برصاصهم الطائش الحاقد عشرة "عرفاتيين " تواجدوا في ساحة المهرجان الحاشد المذهل وجرحوا وأعتقلوا العشرات !!!  أتمنى أن لا يغضبك هذا النبأ ، فنحن والله نفدي سيرتك ومسيرتك بالأرواح وننثر دمائنا فوق عظامك لتعانق ثرى ترابك الطاهر يا بطل هذه الأمة وقائدها الجاسر !!! فأشقاؤك في غزة المنكوبة الذين ملأت حياتهم حبا وحنانا وإحتضنتهم جنوبا وشمالا ، لم يعودوا هم الذين تعرفهم ، فهم الآن يتفنون بقمع وملاحقة المناضلين ويعتقلون المقاومين ولا يهمهم إن قتلوا أو حرقوا أو دمروا أو هجروا ، لقد خانوا الثوابت التي قضيت أنت وكل الشهداء من أجلها ، وأبرموا مع الإحتلال هدنة طويلة تحمي رؤوسهم التي تتفاخر بتقسيم الوطن وتتباهي بالسيطرة على أحد شطريه ، حالمين بأمارة تخلوا من أعلام فلسطين ومن صورالقادة الشهداء ومن حرية الرأي والتعبير ، والويل الويل لكل من يظهر فيها ويقف ليرفع شعار فتح أو راية منظمة التحرير  .


في الأربع سنوات التي مضت ، أيها الحبيب الراحل ، عرف الجميع قيمتك الوطنية وقدرتك الماهرة في قيادة سفينة الوحدة والنضال ، وأدركوا أن " أبا عمار " لو كان حيا فأنه لن يسمح بحالة الإقتتال والإنقسام بين أبناء الشعب الواحد ، وأن ما حدث في قطاع غزة ما كان ليحدث !!! فقد كنت ورغم خلافاتهم معك " القاسم المشترك" للجميع و" الرمز" المتفق عليه عند الكل الوطني ، يحترمون رأيك وينفذون قراراتك ويلتزمون بقواعد النضال وثوابت الوطن التي زرعتها فيهم ، وقد كان لكوفيتك الهيبة الكاملة التي بها إستطعت أن تجمعهم وتوحدهم حولك !!! والغالبية اليوم تجزم أنك لوكنت موجودا لما سمحت لأي كان أن يهدد المشروع الوطني وينتقص من قيمته وإنجازاته وأهدافه الوطنية والسياسية ، وما تجرأ أحد على إبرام أي هدنه أو تهدئة مع حكومة الإحتلال وتجييرها لمصالحه الفئوية والحزبية الضيقة .
إن الألم الذي بالقلوب – أيها القائد الجليل- أكبر من أن يعبر عنه القلم واللسان ، فكم كنا نتمنى أن نحيي ذكراك الرابعة ونحن متفقين موحدّين متمسكين بالأهداف التي قضيت من أجلها أنت وكل  الشهداء ومضى لتحقيقها الأسرى والجرحى والمبعدين ، وكم من مناسبة دينية ووطنية مرت علينا منذ أن دبت الخلافات والصراعات في أوساطنا وأستشرت الكراهية والعصبية المقيتة في معتقداتنا ومبادئنا ، لتأتي وتروح ونحن ما زلنا فرقاء عاجزين عن إعطائها حقها ومكانتها ... كم من مناسبة ستأتي بعد مناسبة رحيلك لتضعنا أمام مسؤولياتنا الوطنية والنضالية التي تخلينا عنها وتواجهنا بحقيقة إنهيارنا وتراجعنا المخيف .

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.76
USD
4.02
EUR
4.71
GBP
216101.09
BTC
0.52
CNY