الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 12:01

ربّتني الزيتونة مع أمي - بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 03/07/20 22:55

هي لجة بحري
وأنا أغرقْ
قد لا يأتي
للنجدة زورقْ
ضميني
كي ألفظ أنفاسي
بين يديك
ضميني
كي لا تلقيني الأمواجُ
إلى الساحلْ..
..كي يعرف هذا البحرُ
بأني المقتولُ
وأنّك لست القاتلْ
ضميني يا لجة بحري
البرُّ يعاديني..
وهناك يطوّقني
بحر دمارٍ يخنقني
الزيتونة ربّتني مع أمي
واليوم أراها تُقْلعْ..
البيت بناه رفاقي بدمٍ وعرقْ..
هدموا البيتَ
وعين الأطفال الغضبى تدمعْ..
***
أسمع صرخاتٍ تفزعني:
يا أمي!
لا يمكنني أن أتنفسْ
فنِعال الشرطةِ
واقفةٌ فوق الرقبةْ
وأنا ملقىً، قاسيةٌ تحتي الأرضُ،
وأحذية الشرطة تضغط رئتي..
يا لجّة بحري!
البرُّ يعاديني ويعذّبني
الكفر بأن تنوّعَنا يغنينا
يُخجِلُ أزهاراً
زر عتها أمي في نفْسي
الزهرة تُشْتَمُ إن كانت صفراءْ
الحسناءُ تُذَلُّ
إذا كانت بشرتها سمراءْ
ضُمّيني يا لجة بحري
في البرِّ يسود فسادٌ وبِغاءْ
الساحل كان جميلاً
حتى جاءت أحذية الغرباء..
نحن نحب الضيفَ
ولم يأتوا كضيوفْ..
جاءوا بدعاوى كاذبةٍ تزعم
أن الحقّ يقاسُ بمعيار العِرقْ
نهبوا أرض الفلاحِ على المكشوف
يا لجّة بحري
ضميني!
فسأبقى وسيبقى الأحفادْ
حتى لو ألحَفَنا الزيتونُ
وآوتنا سدراتٌ وكهوفْ
***
ضمّيني يا لجّة بحري
فأنا حاك الدهرُ نسيجي
من صخرة نهري
قد يدري المستعمرُ
أو لا يدري -
إني باقٍ كالزيتون الأبديِّ
وكالصخرِ..
لن يطفئ كلُّ طغاة الدنيا شعلةَ حلمي
عصر العتمةِ يُدفن في الصحراءْ
يتململُ رملٌ نام طويلاً
تحت رُخام القصرِ..
الطفلة تهتف في زحف الشارعْ:
البحر لنا!
وترابي يبدأ في شاطئ بحري..
سنعيشُ معاً بحقوقٍ متساويةٍ
بين جميع الناسْ
نحن نحبّ جميع الألوانْ
ونعيش بكل وئامٍ
بين رسالات الأديان..
الطفلة تفرحني -
شاهدتُ بعينيها وعداً بطلوع الفجرِ..
سأطير مع النورسِ حتى الشاطئْ
ستعودُ معي لجّةُ بحري..
سوف أراها بدراً يتمارى مبتهجاً
في الماء المنساب على مهلٍ في نهري..
الأيام ستجري.. وستجري الريحْ
والفُلك ستجري في البحرِ
وسيكتبُ طفلٌ من بلدي
قصةَ عصري.
يوسف حمدان - نيويورك

مقالات متعلقة