الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 01:02

متى اكتب؟... لمن أكتب؟-حسين فاعور الساعدي

حسين فاعور الساعدي
نُشر: 09/06/20 23:10

متى أكتبْ؟
إذا هبت عليَّ الريحُ تصفعني،
تُدثّرُني
تبعثرني لتحضنني
وتحملُني إلى عدمٍ
فأرتعشُ
وأكتب لحظتي لأعيد ميلادي
وأنجو من فناءٍ كان يدركني
وأنعشُ داخلي ذاتي
تحاصرني السياط تنالُ من جلدي
لتسكتني
فأصفع بالقصيدة وجهَ جلادي

لمن أكتبْ؟
أعيْدُ صياغةَ التاريخِ إذ أكتبْ
أصحح ما أشاعوا من أكاذيب
أرى من حوليَ الكذّابَ
والسمسارَ والسافلْ
يخيّطُ بردةَ التاريخِ من وهمٍ،
بلا فعلٍ،
وينسجها لدجالِ
أرى وجه الطفولةِ
صفحةً بيضاءَ من حولي
فأكتبُ كلَّ أشعاري،
لأبنائي وأحفادي
وأهدي كل أحلامي لإنسانِ
أحدّدُ لونَ أشواقي
أدوّنُ صبر آبائي وأجدادي
وما عانيتُ من أهلي وجيراني
و ارسم من جديد لوحة الآتي
حقولُ القمحِ ألواني
رموشُ العينِ فرشاتي

لمن أكتب؟
إذا ما شيّدَ الإخوانُ والخلانُ مشنقتي
وطوّق حبلُها عُنُقي
أعانقُ وردةً في النار تبتسمُ
أحدّد قالبَ الحُلُمِ وهيكلَهُ
أشيده للذين ظهورهم كُسرت
وما لانوا
أوسع من مداخله لأرضيهم
وأوصلهم إلى المعنى
ألائمُهُ للذين حلوقهم جفّت
وما هانوا
لمن صعدوا إلى القمةْ
لمن سقطوا إلى الوادي
أشدُّ لهؤلاء الأزرَ،
أوقظهمْ
وأنشُدُ في أولائكَ فجرَ أمجادي

لمن أكتب؟
إذا ما أخمدوا نَفَسي
وصبوا النار قي حلقي
ودكّوا القلبَ بالملحِ
وسدوا لي شراييني
ألملمُ من خيوط الفجر أوتاري
أدوزنها،
أشدشدها،
أنسّقُ مع نشيد الغابِ ألحاني
أغنّي للتي يوماً أحبتني،
فحطتني بعينيها،
وطافت في المحيطاتِ
تعلمني
لأعبر بحرَ عينيها
وأطفئُ نار مأساتي

متى أكتبْ؟
لمن أكتبْ؟
يغيبُ الأفْقُ،
أذرفُ دمعتي وحدي
يشبُّ الدمُّ من قلبي وشرياني
فأكتبُ للذين وهبتهم عمري
فخانوني
وسابوني بصحراءٍ،
أواجه نكبتي وحدي
وراحوا خلفَ وحشٍ كان ينهشهمْ،
لينهشهمْ،
وأمضَوا يومَهم عادي

تطل نجيمةٌ في الأفْقِ أحضنها
وأكتبُ للذين تجمّعوا حولي
وخضناها من القاصي إلى الداني
أغني للذين عيونهم ذبلتْ،
تراقبُ في خفايا الأفْقِ،
بعضَ بصيص أضواءٍ
لفجرٍ ساطعٍ قاني
أسجل كل ما في القلب من وجعٍ
وما في الروح من ندمٍ
أوَضّحهُ
وأعرضهُ في كليماتٍ قليلاتِ
ليسمع من به صممٌ
وينطقُ من به بَكَمٌ
ونصنعُ كلنا، مما بنينا، فجرنا الآتي
***
حسين فاعور الساعدي
 

مقالات متعلقة