الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 05:02

السلطات المحلية العربية تحت تأثير جائحة كورونا – اجندة جديدة وتحديات/ د .أحمد مطلق حجازي

د .أحمد مطلق
نُشر: 03/05/20 16:34,  حُتلن: 19:25

الدكتور أحمد مطلق حجازي في مقاله:

بالرغم من التحديات المصيرية للسلطات المحلية العربية، فإن هذه الازمة غير المتوقعة تضعهم امام تحدي صعب، لا يمكن حصره في فترة زمنية محددة، له مخاطر عديدة وتأثيرات كبيرة على نواحي الحياة في مجتمعنا العربي

تمر السلطات الحلية العربية في إسرائيل، في السنوات الأخيرة، بتغيرات لها أبعاد كبيرة في كافة الاتجاهات. ما زالت سلطاتنا تعاني من أزمات وتحديات مصيرية، وتعتبر، هذه الفترة الأصعب منذ قيام الدولة، خاصة في ظل جائحة الكورونا، التي لم تتوقعها مؤسسات الدولة بصورة عامة ولا السلطات المحلية العربية بصورة خاصة.
حسب توقعات المختصين فإن هذه الظاهرة سوف ترافقنا لفترة طويلة خاصة بانعدام برامج وخطط منهجية لمواجهتها، ومن الواضح أن السلطات المحلية العربية تواجه صعوبات كبرى في التعامل مع هذه الظاهرة.

على الرغم من انه في بداية الازمة تعاملت السلطات المحلية العربية مع الازمة بصورة ارتجالية وبنوايا طيبة، من خلال عقد الاجتماعات مع الاطر الفاعلة، مثل الشرطة والطواقم الطبية ورجال الدين وممثلي الاطر الشعبية، في محاولة لتجنيد الراي العام والمحافظة على السلم الاهلي والانصياع لإرشادات وزارة الصحة، مثل: منع التجمهر ومنع الصلاة في المساجد وغيرها، وهنا لا بد من كلمة حق لمجتمعنا العربي في البلاد، من حيث الالتزام بهذه التوجيهات وايقاف النشاطات المختلفة.

بالرغم من التحديات المصيرية للسلطات المحلية العربية، فإن هذه الازمة غير المتوقعة تضعهم امام تحدي صعب، لا يمكن حصره في فترة زمنية محددة، له مخاطر عديدة وتأثيرات كبيرة على نواحي الحياة في مجتمعنا العربي.
هذه الازمة تعقد الامر ويزداد سوءا على الوضع القائم لسلطتنا المحلية:
1. يوجد في البلاد 85 سلطة محلية عربية من اصل 255، يجب عليها تقديم الخدمات للمواطنين. من بينها 81 بلدة عربية موجودة في أسفل السلم الاقتصادي الاجتماعي (1-4) وفقط اربع بلدان تقع في سلم (5-6).
2. تقبع غالبية البلدات العربية في الدرجات السفلى للسلم الوضع الاقتصادي- الاجتماعي، مما يعكس الصورة القاسية للمجتمع العربي في البلاد، هذا الأمر يؤثر مباشرة على وضع هذه السلطات.
3. اكثر من 50% من العائلات واقعة تحت خط الفقر، وهذه العائلات تحصل على تخفيضات في دفع الضريبة البلدية (الأرنونا).
4. بسبب ازمة الكورونا فقد تردى الوضع الاقتصادي نتيجة اغلاق المصالح والمؤسسات، وارتفع عدد العاطلين عن العمل بصورة عالية جدا، ووصلت نسبة البطالة، في بعض المدن العربية الكبرى، الى اكثر من 30%.
5. إضافة الى اغلاق المحلات التجارية في البلدات العربية ووقف عمليات البيع والشراء، مما يهدد بإضافة اصحاب المصالح الى عائلات الفقر.
6. تعاني غالبية السلطات المحلية العربية، (62 منها)، من عجزٌ مالي متراكم لأكثر من 15% من الميزانية العادية، ونتيجة لقرار حكومي سابق، فقد تم تعيين محاسب مرافق لها.
7. السطات المحلية العربية غير قادرة على الاعتماد على مدخولاتها الذاتية، فبحسب تقارير وزارة الداخلية فقد وصلت نسبة المدخولات الذاتية - من ضمن الميزانية العادية في المدن الكبرى- حوالي 30% وفي القرى الصغيرة الى اقل من 20%، وذلك يعود لعدم وجود مناطق صناعية ومرافق ومشاريع اقتصادية مثل السياحة والتجارة وغيرها، الذي يزيد من المدخولات الذاتية.
8. في هذه الفترة لم تكن هناك جباية، نتيجة لإغلاق السلطات المحلية.

مركب اساسي اضافي يجب الالتفات اليه، وهو ان السلطات المحلية العربية تعتبر المشغل الاكبر الثاني في المجتمع العربي في البلاد، بعد وزارة المعارف، فهذه السلطات تشغل نسبة لا بأس بها من الاكاديميين العرب مما يلقي بأعباء مادية على ميزانية السلطة المحلية وفي كثير من السلطات المحلية يصل بند المرتبات الى اكثر من 50% من الميزانية العادية، كل ذلك يأتي على حساب الخدمات للمواطنين.
ليس من باب الصدفة أن يصل التعويض الذي ستدفعه الحكومة بديلا عن الضريبة البلدية (الارنونا) بسبب اعفاء المصالح لثلاثة اشهر، الى 47 مليون شاقل فقط لكل السلطات المحلية العربية، بالطبع هذا اجحاف كبير، ولكن الوزارة اعتمدت على سجلات السلطات المحلية حول نسبة جباية الارنونا من هذه المصالح.
بالموازاة، فإن هبة الموازنة من وزارة الداخلية لا تتعدى ال 15% من الميزانية العادية وهنا لا بد من التوضيح ان السلطات المحلية في السنوات الاخيرة اخذت عل عاتقها مجالات خدماتية اخرى.
نحن نعي ان هذه الازمة تضرب على مستوى الدولة كلها، وهي ايضا أزمة عالمية، ولكن السلطات المحلية العربية تمر بضائقة وتحديات كبيرة لعدم وجود مدخولات ذاتية يمكن الاعتماد عليها.
كل هذه المعطيات والتحديات التي ذكرت اعلاه تحتم على السلطة المحلية، خلال هذه الازمة (الكورونا)، بناء اجندة جديدة وتفكير جديد لمواجهة الازمة في عدة محاور: الخدماتية، الصحية، الاجتماعية والاقتصادية.

من هنا لا بد من مواجهة الموقف والتفكير بصورة جدية والعمل عل طرح خطط عملية لمواجهة التحديات التالية:
- الانتباه الى موضوع التدفق النقدي للسلطات المحلية وادارته بصورة حكيمة ومدروسة وذلك لضمان دفع مرتبات العمال ومستحقاتهم، وضمان الدفع لمزودي الخدمات الاساسية.
- هل نحن على ابواب خطط اشفاء جديدة لهذه السلطات وفصل قسم من الموظفين؟
- هل سوف تؤثر هذه الازمة سلبيا على مستوى الخدمات الاساسية للمواطنين؟
- هل سيقلص او سيزداد الدعم الحكومي للسلطات المحلية العربية لمواجهة هذه الازمة؟
- العنف هذا التحدي الخطير التي تعاني منه البلدات العربية الذي يقض مضاجع كل المجتمع العربي في البلاد.
- المحلات التجارية والمصالح الصغيرة التي تمر بأزمة كبيرة وتحطم واغلاق لقسم كبير منها.
- الفقر المتزايد: كيف ستقوم السلطة المحلية في مواجهة ارتفاع اعداد العائلات تحت خط الفقر؟
- البنية التنظيمية للسلطات المحلية: هل ستنجح سلطاتنا المحلية العربية في انشاء بنية تحتية تنظيمية مهنية لمواجهة الازمة؟
- طرح برامج ممنهجة تعتمد على التخطيط وادارة المخاطر في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية والخدمات الاساسية للمواطنين في كل المجالات وادارة السلطات المحلية بنجاعة وفاعلية لمواجهة التحديات.
- بناء مركز معلومات مؤسساتي لكل سلطة محلية حتى يساعد اصحاب القرار في السلطة المحلية بأخذ قرارات مهنية تعتمد على اسس ومعلومات صحيحة وعلمية.
في النهاية، هناك تحديات ومعطيات كثيرة ومهمة افرزتها هذه الازمة، ونحن نتوقع من رؤساء السلطات المحلية وكبار الموظفين اخذ زمام الامور وتحمل مسؤولية هذا الوضع، وتحضير وطرح برامج مفصلة لمواجهة الازمة الحالية وخاصة الاوجه الاقتصادية، والخدماتية والمجتمعية.
ومما لا شك فيه، فان على الحكومة والوزارات المختلفة تحمل مسؤولياتهم تجاه السلطات المحلية العربية والمواطنين، وتوفير حلول وميزانيات لكي تقوم هذه السلطات المحلية بدورها في مواجهة التحديات ومنع تفاقم الازمة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة