الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 11 / مايو 01:02

أردوغان حكيم في السياسة وداعم للإنسانية/ بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 01/05/20 09:35,  حُتلن: 13:04

يقول الكاتب التركي أفق أولوطاش في مقال له نشرته صحيفة " أكشام " أن فيروس كورونا المستجد (كوفيدو 19) أفرز ثلاثة أنواع من الدول على صعيد مكافحته. النوع الأول هو دول تمتلك اكتفاء ذاتيًّا أو تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، والنوع الثاني دول وقفت عاجزة في مواجهة الوباء، أما النوع الثالث فهو دول مثل تركيا، تواصل مكافحتها الوباء في الداخل بإمكانياتها الخاصة من جهة، وتقدم الدعم لمكافحة العدوى على الصعيد العالمي من جهة أخرى.
إن الدور التركي في مساعدة دول أخرى، أوروبية وغير أوروبية في مواجهة فيروس كورونا، يعكس الدور الإنساني والتضامني لتركيا مع الشعوب الأخرى بعض النظر عن سياسة حكامها وعن أديانها. ولا شك في أن السياسة الحكيمة التي يتبعها الرئيس التركي أردوغان والدبلوماسية الإنسانية التي ينتهجها كانتا وراء دعم تركيا لبلدان بحاجة ماسة للدعم في أوقات الشدة.

وفي الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأمريكي قطع الدعم المالي عن منظمة الصحة العالمية (WHO) يرسل الرئيس التركي مساعدات إلى حوالي خمسين دولة في العالم لمواجهة جائحة كورونا. ولا شك أن القرار الأمريكي خاطيء، وكان من الممكن توجيه انتقادات إلى منظمة (WHO) ولكن لا يجوز أبداً قطع التمويل عننها في هذه المرحلة بالذات، لأنها بحاجة ماسة جداً للدعم المالي لمساعدة البشرية في مواجهة فيروس كورونا المستجد، علماً بأن الولايات المتحدة أقدمت على هذه الخطوة لأسباب سياسية بحتة غير مقنعة.
بريطانيا، الدولة التي تحمل صفة (العظمى) والمستعمرة تاريخياً لبعض الدول في أفريقيا وآسيا، والتي يقول التاريخ عنها أن الشمس لم تكن تغيب عن مستعمراتها لكثرة عددهم، عجزت عن مكافحة كورونا. حتى أن رئيس حكومتها بوريس جونسون ضربه الفيروس. هذه الدولة "العظمى" اعتمدت على المساعدات التركية في مواجهة كورونا.

وزير الإدارات المحلية في بريطانيا روبرت جينريك، صرح خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة لندن، إن بلاده تلقت سابقا دفعتين من المساعدات الطبية التركية، وتسلمت مؤخراً دفعة جديدة تتضمن معدات طبية يصل حجمها إلى 84 طناً، سيتم توزيعها مباشرة على المستشفيات التي تشرف على إصابات فيروس كورونا الجديد. الوزير البريطاني أعرب في هذا الصدد عن شكره لتركيا ودعمها، مبيناً أن تركيا تبدي نموذجا رائعا في التضامن ضد فيروس كورونا الجديد.
بريطانيا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تلقت مساعدات من تركيا، فهناك أيضاً إيطاليا وإسبانيا، اللتين تنكر لهما الإتحاد الأوروبي ولم يقدم لهما مساعدات لمواجهة فيروس كورونا. فقد أرسلت لهما تركيا طائرات محملة بالأقنعة والقمصان الطبية وزجاجات التعقيم. ولكن ما هي الرسالة التي يريد أردوغان توجيهها لأوروبا من خلال مساعداته لدول أوروبية؟ الباحثة المتخصصة في الدبلوماسية التركية في معهد باريس للدراسات السياسية، جنى جبور، ترى "أن الرئيس التركي أردوغان يستهدف إظهار تركيا كقوة نافذة ولديها القدرة على تقديم المساعدة إلى الدول الأوروبية، التي أصبحت بدورها مريضة، بالمعنى الحرفي والمجازي".

والحقيقة أن المساعدات الإنسانية التي تقدمها تركيا لدول محتاجة ليست جديدة، وكثيراً ما استجابت لنجدة أقليات مسلمة تعاني من الإضطهاد كما قدمت تركيا العون منذ سنوات لدول في مواجهة الأوبئة والزلازل والكوراث الطبيعية الكبيرة، وهذا سلوك يأتي في إطار التقاليد والثقافة التركية، حسب صحيفة "ملليت" التركية.

هناك دول تلقت مساعدات من تركيا تختلف معها سياسياً، لأن الهدف التركي إنساني وليس سياسياً. وعلى سبيل المثال أرمينيا وإسرائيل. المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين، صرح قبل أيام قليلة، بأن الرئيس أردوغان سمح ببيع دواء لأرمينيا التي يوجد لها عداء تاريخي مع تركيا،، وأنه استجاب لطلب إسرائيل بشأن الحصول على إمدادات طبية، رغم التوتر الشديد بين البلدين، بقي علينا القول، أن قيمة المساعدات التركية الخارجية، وحسب تصريحات الرئيس التركي أردوغان، بلغت 8 مليارات دولار، وهو ما يضعها في المركز الأول قبل الولايات المتحدة وبريطانيا بالمقارنة مع الدخل القومي. ومهما كانت الدوافع وراء المساعدات الخارجية التركية ، فهي تعتبر بالدرجة الأولى رغبة بعمل الخير وواجبًا أخلاقيًّا ودينيًّا، وحتى "رسالة"، كما أعلن أردوغان في تصريحات له حول سبب هذه السياسة، التي تكسب تركيا الاحترام والتقدير، وتترك صورة حسنة وتؤسس جوًّا من الثقة على صعيد العلاقات العامة. ولقد أثبت أردوغان في سياسته وبكل وضوح أنه حكيم في السياسة وداعم قوي للإنسانية.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة