الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 02:02

كورونا والإستهتار بعقول الناس/بقلم: أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 10/04/20 10:47,  حُتلن: 22:29

احمد حازم:

المطلوب فرض حجر صحي على هؤلاء الذين ينشرون أكاذيب وسخافات وليس فقط على المصابين بفيوروس كورونا.

جائحة "كوفيد 19" خلقت واقعاً جديداً، وفسحت المجال للمثقف والجاهل والذكي والغبي وحتى الصالح والطالح لقول ما يريدون قوله على منصات مواقع التواصل الإجتماعي. وقد لفت نظري المديح المتنوع للصين من بعض الأقلام، بمعنى أن "فيروس كودوف 19" أصبح يستغل سياسياً، لدرجة أن الصين أصبحت لدى البعض من الكتاب العرب دولة لا مثيل لها، والسبب أنها استطاعت مواجهة كورونا. أنا لست ضد التطور العلمي، ولكني ضد "التملق" واستغلال حدث ما لتسييسه.


هناك كتاب نشروا مقالات مدح وتقدير للصين لأنها قدمت مساعدات لإيران في مواجهة كورونا. يعني انطلاقاً من موقف سياسي كون الصين داعمة دائمة لإيران ضد الولايات المتحدة. لكن هؤلاء الكتاب لم يقدموا ولو مرة واحدة على توجيه انتقادات للصين بسبب سوء معاملتها للمسلمين فيها. ففي إقليم شينجيانغ، يتعرض 13 مليون نسمة من مسلمي "الأويغور" وغيرهم من الإثنيات التركية لإجراءات عقاب وتقييد الحركة والاتصالات، وقيود دينية شديدة، ليس بسبب ارتكاب جرائم بل لأنهم مسلمين فقط، بمعنى أن الإسلام يعتبر لدى السلطات الصينية جريمة. حتى أن منظمة حقوق الإنسان الدولية "هيومن رايتس ووتش" ومنظمات مستقلة أخرى، تحدثت عن ممارسة الصين لأعمال تعسف جماعي وتعذيب وسوء معاملة بحق المسلمين في الإقليم.


تصوروا أن بلداً مثل الصين يعاقب المسلم بالسجن إذا ألقى على مواطنه المسلم تحية "السلام عليكم" الاعتيادية ويُمنَع فيه الآباء والمعلمين تعريف الأطفال بالدين، حتى في المنزل. فلماذا لم نسمع من هؤلاء الكتاب الذين يمتدحون الصين أي انتقاد لممارساتها ضد المسلمين؟ فهل أصبح فيروس كورونا عند البعض أهم من الدفاع عن المسلمين؟
يقول كاتب خليجي: " لقد وجد الكثيرون في وباء كورونا فرصة للتنفيس عما في ضمائرهم من توجهات سياسية، أو لبعث ما صار فكرا فاشلا مقبورا، أو لبث السموم ضد الآخر المختلف فكرًا. هنا التقى صاحب الفكر الماوي الذي لا يزال يعتبر الصين بلدا شيوعيا رائدا رغم تخلي الأخيرة عن رداء المعلم ماو وكتابه الأحمر وتعاليمه الحمقاء، مع أنصار نظام ولاية الفقيه الذين يراهنون على اعتلاء الصين لعرش العالم كي تتحرر طهران من العقوبات الأمريكية، لاسيما وأن بكين تساند النظام الإيراني".


ومن يتابع بعض ما يتم نشره وتناقله من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، يستنتج مدى التخلف الذي يسود أو يطغى على عقول هذا البعض، لأن ما ينشرونه أشبه بالخرافات علماً بأننا في القرن الواحد والعشرين. مواطنة عراقية قالت في فيديو أنها وأتباع مذهبها لا يخشون كورونا ولا يحتاجون أبداً إلى حجر صحي، لأنهم محصّنون من جائحة "كودوف 19" ببركات الإمام علي. ليس هذا فقط. بل ذهبت في خزعبلاتها بمخاطبة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالقول:" "تعالي إلى هنا وتباركي بضريح االإمام علي وسوف تجدين نفسك شافية معافية في لحظات. وفي فيديو آخر لرجل ينتمي للمذهب الشيعي يقول:" آتو لي برجل مصاب بفيروس كورونا وأنا سأحضنه وأقبله يمنة ويسرة ولن يصيبني أي شيء. أتدرون لماذا لأن (الحسين) معي ومن يؤمن بالحسين لا يمكن أن يصاب بأي فيروس".


نعم هكذا نقرأ ونسمع خرافات من مواقع التواصل الإجتماعي. وما دمنا في الحديث عن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فلا بد من الإشارة إلى الترجمة الكاذبة لكلمة المستشارة الألمانية حول كورونا. فقد جاء في الترجمة: "أن ميركل أعلنت عن توصل طبيب ألماني من أصول تونسية للمصل الشافي، وأنها اتصلت بالشيخ راشد الغنوشي لتبشره بالخبر فبارك الأخير الاكتشاف، وأن المفاوضات جارية بين برلين وتونس للشروع في إنتاج ما سيقضي على الوباء نهائيا". طبعا لا صحة لهذا الكلام مطلقاً. وبالرجوع إلى كلمة ميركل باللغة الألمانية لم تتطرق أبدا إلى اسم تونس أو الغنوشي.


كفى استهتاراً واستهبالاً بالناس، والمطلوب فرض حجر صحي على هؤلاء الذين ينشرون أكاذيب وسخافات وليس فقط على المصابين بفيوروس كورونا.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة