الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 20:01

فيروس كورونا.. ما له وما عليه!/ بقلم: الدكتور ياسر الشرافي

الدكتور ياسر الشرافي
نُشر: 22/03/20 15:48,  حُتلن: 21:15

الدكتور ياسر الشرافي في مقاله:

في ظل الأزمة يجب أن نتذكر البعد الأخلاقي للإنسان على هذه الأرض وانهيارات بالجملة في المنظومة الأخلاقية العالمية، التي كافئنا بها الخالق حتى نراجع أنفسنا اتجاه أنفسنا ثم الآخرين

منذ أشهر تُصارع الكرة الأرضية في كل أنحاء المعمورة غزو فيروسي قاسٍ ينتشر و يتفشى بين الناس مثل البرق يسمى كورونا. حيث جميع المختبرات و مراكز الأبحاث العالمية لم تعثر حتى كتابة هذا المقال على مصل لعلاج هذا الفيروس، لأن طبيعة التغير المستمر للشيفرة الوراثية لهذا الفيروس تُعقّد من إيجاد المصل المناسب لشل حركة هذا الفيروس في الوقت القريب، بعيداً عما تُروّج له شركات الأدوية الكبرى و بعض ساسة الكرة الأرضية، حيث الطريقة الفعالة حالياً لمقاومة هذا الفيروس، مكوث أطول وقت ممكن بالبيت و عدم الاختلاط بالأقارب أو الأصدقاء مباشرة؛ مما يترتب على هذا المكوث المنزلي لمئات الملايين من البشر شل الحركة الإقتصادية العالمية شللا كاملا ، مما أدت و ما زالت تؤدي إلى خسائر بمئات المليارات، وهنا ليس للحصر ألمانيا التي تخسر بسبب هذا الفيروس خمسة مليارات يورو يومياً ، ثم هناك بعداً نفسيا آخر لتفشي ذلك الفيروس، وهو الهلع والخوف من مستقبل الأيام القادمة لمفارقة كثير من المحبين؛ حيث هذا يحتاج إلى كثير من التأهيل النفسي بعد إنتهاء أزمة هذا الفيروس والسيطرة عليه، في ظل تلك الأزمة يجب أن نتذكر البعد الأخلاقي للإنسان على هذه الأرض وانهيارات بالجملة في المنظومة الأخلاقية العالمية، التي كافئنا بها الخالق حتى نراجع أنفسنا اتجاه أنفسنا ثم الآخرين.

عندما نتعمق بالنواة الأولى للحياة على الكرة الأرضية و هي الاسرة، التي لا يحترم فيها الابن أمه و يشتمها في وضح النهار دون تهتز له شعرة خوفاً من الله أو خشية من ضمير نائم، ثم يضع إبنٌ بار أبيه في مسكن المسنيين بعد ان أفنى ذلك الأب عمره في بناء هؤلاء الأبناء ، ثم تتوسع قليلاً بالمنظومة المجتمعية إلى الجار و ذي القربى ثم المجتمع بأكمله ، وصولاً إلى الكيان الأكبر وهو الوطن، ومن ثم العلاقات الدولية ما بين الدول المبنية على الطمع و الجشع ، ندرك أن الأنسان كفرد خسر آخر عشرون عاماً كثير من قيمته الإخلاقية و الإنسانية ، و الذي يعكسه سلوك الأفراد أو الدول فيما بينها ، التي تتلخص في كيفية اخضاع كلُ منا للسيطرة على الآخر دون أدنى ظابط آدمي ، لنهب و سرقة قوت الآخر ، متناسيين أن هناك أشياء و محن يجب الوقوف عليها و معالجتها متحدين ، مثل العدالة الاجتماعية الدولية ما بين البشر كالمأكل و المشرب ، و نظام تعليمي وصحي متكافىء.

كل هذا خطوة أولى لترويض المنظومة الأخلاقية لتلك الأمم في المضمار الصحيح، حتى نتجنب غضب آخر قد يكون أكثر قسوة علينا ، و نتذكر مُنذ سيدنا محمد صل الله عليه وسلم لم يعد الخالق في إرسال الرسل ، الذين كانت رسالتهم رفع المنسوب الأخلاقي للأمم عندما تنضب قلوبهم من الخير ، بل اكتفى في إرسال الاختبارات و المحن حتى نكف عن شر أعمالنا، في هذا السياق يتربع فيروس كورونا بكل قوة ، فيروس أعاد و لو قليل من اهتمام الانسان بأخيه الإنسان في أنحاء المعمورة ، هذا الفيروس أدى إلى ترابط أكبر في العلاقات الأسرية الواحدة ، حيث المكوث المنزلي الاضطراري لتجنب عدوى هذا الفيروس ، أعطى هامش أكبر لاجتماع كل أفراد الأسرة الواحدة ، وزد على ذلك أن بيئة الكرة الأرضية أصبحت بتوقف المصانع و كثير من وسائل النقل الجوي و البحري و البري في العالم أكثر نظافة ، مما أدى إلى تناقص الاحتباس الحراري للأرض بشكل ملحوظ ، و هذا ركن أساسي بالعيش في بيئة صحية بعد أن تهذب أخلاقنا من تجاوز تلك المحنة ، لولا كورونا لما و صلنا الى تلك البيئة المثالية، حيث اضطراب التوازن البيئي يؤدي إلى تغيير للشكل الجيولوجي والجغرافي لتلك الأرض، وانتشار أمراض لا نعرفها بسبب هذا الاحتباس، فالعبرة من تلك المحنة أن الإنسان بجبروته وعلمه وتفوقه العقلي و الإدراكي عن باقي الكائنات الحية ، يمكن أن يخسر كل شيء أمام أبسط كائن حي و هو فيروس ذات خلية واحدة فقط. 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة