الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 05:02

المخالفات الشرعية.. تركيا ومثيلاتها!/ بقلم: مهند صرصور

مهند صرصور
نُشر: 21/12/19 08:50,  حُتلن: 14:55

مهند صرصور في مقاله:

لا ارى بعدم منع تركيا ومثيلاتها للمخالفات الشرعية "قانونيا" خطا تكتيكيا، وانما بلوغ فكري وديني وحضاري، وفهم حقيقي للاسلام وللواقع المتشابك الجديد

مخالفة القوانين المدنية تُعالج بالعقاب لتثني مرتكب المخالفة عن فعلها ثانية، وتردع وتمنع ضرره عن الاخرين، أما المخالفات الاخلاقية والشرعية سَواء فإنها تُعالج بالتوعية والقدوة الحسنة، وتصوير كمال الحياة ورغد العيش وراحة البال تحت ثنياتها.

تفاهمات وقواعد تقتضيها ظروف المرحلة الحضارية والدولية ، لألا يدخل المتحمسون في خانة الإقصاء والتجريح ومعاندة التيارات السائدة في حاضرنا ، فلا ينادى بالعقاب ولا يوعد بثواب ، بل يُحتَضن المُخالف المُصغي ويوصَف له الطريق ، ويُتَوَدَد الى النافر المُبتَعِد بالخُلق الحَسَن وطيب المُعاملة .

تفاهمات وعند إلقاء ظِلها على دُول نجد كأمثال تركيا والتي أخذت بروح الإسلام وبِخُلُقِه المتماشي والمتوافق مع أسمى الاخلاقيات العالمية المتعارفة ، ولكنها وفي نفس الوقت - وما يُعتبر صميم مآخذ البعض عليها - لم تمنع " قانونياً " المخالفات الشرعية في داخلها فسمحت بالخمر والزنى وغيره ، وأقول : لماذا اصلا عليها فعل ذلك ؟!

لم تمنع المخالفات الشرعية "قانونيا" ولكنها رفعت اصالة الاسلام ، ومثلت القدوة له ومن أعلى مناصبها ، وفتحت المساجد وحثت على دخولها وحفظ كتابها ، كما وعملت على التخلص من المخالفات - تلك - ولكن بطرق حضارية رزينة ، حيث حسنت المستوى المعيشي عند شعبها ، وعالجت مشكلة البطالة حتى اتاحت للشاب المسكن ومن ثم الزواج القانوني والشرعي ، ورفعت وعي شعبها حتى اصبحت له قضية ومشروع وطني ، لتكون بذلك قد اصلحت الانسان واتاحت وسهلت له قضاء حاجاته بالطرق الشرعية والقانونية .

ففي يومنا هذا ، وفي الانفتاح الثقافي والمعرفي ، والسياحة الذي اتاحت للجميع دخول ملعب الجميع ، فليس من الحكمة لدولة مختلطة المذاهب منع المخالفات كتلك قانونيا ، كونها ليست مخالفات لغير المسلمين ، واين هي الدولة التي تخلو من غير المسلمين ، حتى لو كان كتابيا واحدا فلهو كل الحقوق ، وعلى الاقل ستجد فيها الملحدين الذين لم ولن تسقط عنهم حقوقهم ابدا ، ما داموا لا يفرضوا معتقداتهم على احد بالقوة ، فحرية العبادة من عدمها هي حق للجميع ، وديننا كفهمي له لا يقبل بالجبر الديني ويرفع ويقدس قيمة الانسان .

لذلك لا ارى بعدم منع تركيا ومثيلاتها للمخالفات الشرعية "قانونيا" خطا تكتيكيا، وانما بلوغ فكري وديني وحضاري، وفهم حقيقي للاسلام وللواقع المتشابك الجديد ، وبالنتيجة نرى ان المقبلين على تلك الامور - وهم قلة - هم أنفسهم من سيقبلون عليها سواء كانت متاحة قانونيا في دولهم او ممنوعة فيمارسونها في دول مجاورة او في الخفاء ، وخير شاهد على ذلك الكم القليل من متعاطيها في داخلنا الفلسطيني رغم مشروعيتها في اسرائيل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com


مقالات متعلقة