الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 11:02

استراتيجيات العمل لمواجهة العنف والجريمة في قرانا ومدننا

بقلم: د. أحمد مطلق حجازي

د. أحمد مطلق
نُشر: 14/10/19 20:25,  حُتلن: 07:26

د. أحمد مطلق حجازي في مقاله: 

شهدت الايام الاخيرة الكثير من النشاطات الجماهيرية لمناهضة العنف والجريمة والتي هي قضية حارقة

أتطرق في هذا المقال الى عدد من القضايا الأساسية المترابطة وهي: الامن والأمان، مواجهة العنف والجريمة كعامل اساسي ومركزي لتحقيق جودة الحياة، مركبات جودة الحياة، اقتراحات اساسية مترابطة لمواجهة العنف والجريمة

الحق الاساسي والحق في الحياة – شعبنا يصنع التغيير، إن ما يقوم به أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني من مواطنين وأعضاء كنيست ولجنة المتابعة العليا لجماهير العربية وأعضاء اللجنة القطرية من عمل وحدوي جماعي مسؤول يستوجب علينا أن نبارك هذا النجاح الذي ساهم بتحرك الجماهير نحو هبة ونضال جماهيري، هذا النشاط الجبار من شأنه أن يًمّكننا جميعا مواجهة التحديات والصعاب لنحصد إنجازات في المستقبل لتوفير جودة حياة في المدن والبلدات العربية.

شهدت الايام الاخيرة الكثير من النشاطات الجماهيرية لمناهضة العنف والجريمة والتي هي قضية حارقة، هذه النشاطات مهمة للوصول الى الحق الاساسي في حياة كريمة لأبناء شعبنا، فالأمر يتطلب ترجمة هذا العمل الجبار من نضال جماهيري وتحركات سياسية مسؤولة من قبل اعضاء الكنيست ولجنة المتابعة والعمل الوحدوي، الى برنامج استراتيجي يوجّه للانتقال من وضع قائم لوضع مطلوب، والحصول على نتائج مرجوة ومرغوبة، على أن تشمل الاستراتيجية بمكنونها الكثير من المركبات، وأن تربط بين تلك المركبات وبين الرؤيا والسياسة والنشاطات المختلفة، في حين تعزز هذه النشاطات من المحفز نحو الاستمرارية حتى تحقيق التغيير المطلوب والذي نطمح إليه.

أتطرق في هذا المقال الى عدد من القضايا الأساسية المترابطة وهي: الامن والأمان، مواجهة العنف والجريمة كعامل اساسي ومركزي لتحقيق جودة الحياة، مركبات جودة الحياة، اقتراحات اساسية مترابطة لمواجهة العنف والجريمة.
لقد صادقت الحكومة الإسرائيلية في نيسان/ ابريل 2015 على قرار 2494 ينص على المقاييس الواضحة والمبرمجة لتسع مركبات نحو توفير جودة حياة في البلاد، والتي تهدف لبناء خطة عمل تراكمية، ولتوزيع الميزانيات لرفع جودة الحياة في القرى والمدن داخل إسرائيل.
مركبات جودة الحياة
1. الامن والامان الشخصي (الذي يفتقده مجتمعنا في بلادنا).
2. البناء والمسكن).
3. مشاركة الجمهور والعمل الجماهيري الاجتماعي والسياسي.
4. التربية والتعليم.
5. الصحة الخدمات الصحية ومركباتها ومستوها.
6. رفاهية الشخص الاجتماعية.
7. البيئة.
8. مستوى الدخل المادي.
9. جودة العمل مدى رضى الجمهور من عمله.

هذا ويشمل كل مجال أعلاه مقاييس علمية متفق عليها عالميا حسب المعايير "OECD"، ولكن هذه المقاييس غير متوفرة في البلدان العربية، وتتوفر في البلدان اليهودية فقط، بحيث يتم قياس هذه المجالات، وتجري منافسات بين البلدان اليهودية حول من هي المنطقة التي توفر جودة حياة بنسبة أعلى لمواطنيها، ولا شك ان هناك هوة كبيرة بين البلدان العربية والبلدان اليهودية في البلاد، وفي هذا الوضع لا بد من توجيه اصبع الاتهام الى حكومات اسرائيل المتعاقبة بسبب الإجحاف والتمييز المبرمج والممنهج في سياسة تخصيص الميزانيات وسياسة التضييق، لهذا نطالب الحكومة والوزارات المختلفة العمل على سد الفجوات، والعمل على رفع مركبات جودة الحياه في بلداننا جميعا بدون استثناء، لان هذه المركبات والمجالات تكمل بعضها البعض، وهي من حق كل مواطن كي يعيش حياة كريمة.
يستوجب على السلطات المحلية العربية بناء خطط عمل مفصلة في جميع المجالات، خطط تجيب على احتياجات المواطنين، وترجمة هذه الخطط لمشاريع استراتيجية قصيرة الامد ومشاريع طويلة الأمد، ومطالبة الحكومة بتمويل هذه المشاريع لسد الهوه وتقليص الفجوات والعمل على رفع جودة الخدمات المحلية والقطرية لرفع جودة الحياة.
الاهم من ذلك ان نتذكر دائما ان نشر الامن والامان ومعالجة قضايا العنف والجريمة مركبة وتعتمد وتتعلق في التقدم في تنفيذ المخططات في جميع المجالات اعلاه. نعم نرفض تقاعس الشرطة في مواجهة ظاهرة العنف والجريمة في المجتمع العربي ونطالبها بالتدخل السريع لمواجهة الجريمة المنظمة والسلاح. لكن علينا ألا ننسى مركبات جودة الحياة الاساسية للعيش بكرامة كالصحة والسكن وغيرها.

ترجمة العمل السياسي والبلدي والنضال الجماهيري الى انجازات تنظيمية مؤسساتية لطرح وبناء استراتيجيات بشكل تكاملي وضرورة العمل بالتوازي على جميع الاصعدة والمستويات.

المستوى السياسي: يتعلق في القيادة السياسية الممثلة بأعضاء الكنيست اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وذلك للضغط على الحكومة والوزارات والمؤسسات الرسمية من خلال طرح برامج مفصلة، يقوم بتحضيرها مهنيين مختصين من مجتمعنا لمعالجة القضايا المركزية التي تعاني منها بلداتنا العربية وخاصة المركبات الأساسية لرفع جودة الحياة.
المستوى الاداري المحلي: الذي يتعلق بسلطاتنا المحلية واداراتها من خلال تحسين الاداء الإداري، الادارة السليمة، العمل بشفافية، معالجة القضايا الحارقة والمهمة التي يعاني منها المواطن مثل: قضية النظام والحفاظ على الحيز العام، تمكين العمل المهني، طرح خطط استراتيجية في جميع المجالات التي ذكرت اعلاه لكي نرفع من جودة الحياة في بلادنا. (العنف التربية والتعليم الارض والمسكن وغيرها من خلال الاقسام الفاعلة في السلطات المحلية وان قضت الحاجة الاستعانة من مهنيين مختصين لذلك).
المستوى الثالث والمهم هو مشاركة الجمهور – التلاحم الشعبي مع القيادة
الزخم الشعبي الذي بدء في الاسابيع الاخيرة منذ انتخابات الكنيست الأخيرة، والمشاركة في المظاهرات والنشاطات الجماهيرية النضالية، تعيد الى أذهاننا ان المجتمع العربي في البلاد له القدرة والامكانيات لكي يواجه جميع التحديات الكبيرة والصعبة، وان يضع اجندته على بساط البحث المؤسساتي والقيادي، وقد راينا في الايام الاخيرة ان الاعلام العبري قد تفاعل مع قضايانا الملحة والعادلة، وهنا لا بد من مأسسة للعمل الجماهيري من خلال تفعيل الهيئات الشعبية ومركباتها المحلية والقطرية، ورص الصفوف والعمل المشترك والوحدة بين اطياف شعبنا، وأعتقد بأنه في هذا المسار يوجد تاثير كبير من خلال مشاركة الجمهور، الذي أبدى مسؤولية للقيام بواجباته المجتمعية في جميع المجالات.
نشر الأمن والأمان ومكافحة العنف والجريمة: -العمل بالموازاة من خلال الثلاثة مسارات

في المسار السياسي القطري لمحاربة قضية العنف يجب الاستمرار بالعمل المشترك الوحدوي، ولا بد للجنة المتابعة بطرح البرنامج الذي تم تحضيره بإدارة البروفيسور أسعد غانم وعلى ايدي مختصين من الداخل الفلسطيني، وكان لي مشاركة كباحث ومحاضر في الحكم المحلي في إحدى الورشات حول دور السلطة المحلية في مواجه ومعالجة قضايا العنف، هذا البرنامج لا يكفي طرحه بل يجب مواكبته لكي يتم تنفيذه وتقييمه باستمرارية وبصورة منتظمة.

المسار المحلي الإداري:
لقد طرحت في السابق تخطيط مفصل لعمل السلطة المحلية لنشر الامن والامان ومواجهة العنف في بلادنا ويمكن طرح عناوين لهذه الخطة: - وضع قضية العنف على رأس سلم الأولويات، العمل على تكوين مجلس بلدي لمحاربة العنف، وضع خطة عمل لهذا الهدف، العمل مع جهاز التربية والتعليم على تذويت مبادئ السلمية وحل النزاعات يتراسه رئيس السلطة المحلية لأهمية الموضوع ،واعطائه الزخم والاهتمام المطلوب والذي وظيفته مواكبة ومناقشة الخطط العملية لمواجهة ومعالجة قضايا العنف، هذا المجلس يجب ان يضم ويمثل الشرائح المجتمعية والشعبية والمؤسسات الفاعلة محليا وان يحتوي جميع الفئات الاجتماعية والسياسية.
بناء برنامج مفصل من قبل السلطة المحلية يشمل جميع الاجيال والمؤسسات التربوية والجماهيرية والاحياء في مواجهة ومعالجة قضايا العنف المحلية، وملاحقة تنفيذه وتقييمه الدائم في نجاعته ومدى تأثيره على المسار المؤسساتي والجماهيري في خفض مستوى العنف ورفع روح التسامح بين المواطنين.

الارض والمسكن هذا المجال يقض ايضا مضاجعنا جميعا وهو أحد العوامل الاساسية للعنف في قرانا ومدننا، وكلنا نرى ما يحدث من سياسة التضييق هدم المنارل بشكل يومي تقريبا على ايدي السلطات الإسرائيلية، ولا ننسى المخالفات المالية العالية من قبل لجان التنظيم والبناء، وقانون كامينتس المجحف.

وهنا يجب العمل أيضا بجميع المسارات الثلاث:
• المسار الاول السياسي القطري لتجميد القانون والغاءه.
• المسار الثاني: يجب على السلطات المحلية التسريع في المصادقة على المخططات التفصيلية واعطاء الحلول للبيوت غير المرخصة وغيرها من العمل الاداري في هذا المجال.
• المسار الثالث: اقامة هيئات شعبية فاعلة تدعم المسارات الاخرى وفي هذا السياق يجب التحرك سريعا لحماية اهلنا.

التربية والتعليم: للمؤسسات التربوية لها دور كبير والتي يجب عليها تبني خطط واستراتيجيات لإعطاء الحلول التربوية لمواجهة قضايا العنف من خلال تبني سياسة تربوية تمكن وتدعم العدالة الاجتماعية، التي تساهم في تعزيز الثقة بالمؤسسات التربوية ودعم القيم الانسانية بين الطلاب والأهالي، ومشاركة لجان اولياء الامور لدعم المؤسسات التربوية والجماهيرية، بالإضافة للعمل الدائم لرفع مستوى وجودة التعليم، ورفع نسبة الملتحقين في المعاهد العليا، لذلك فإن جهاز التربية والتعليم يعتبر صمام الامان للحفاظ وتقدم مجتمعنا وطرح برنامج مفصل لجميع الاجيال في التربية المنهجية وغير المنهجية.

دور العائلة في تربية الأبناء: الأبناء هم زينة الحياة الدنيا كما قال -عز وجل- في كتابه الكريم، والابن الصالح هو حلم كل والدين، فتراهم يبذلون قصارى جهدهم في سبيل تأمين كل ما يحتاجه، والتربية الصحيحة هي الطريق الذي يقود الابن إلى النجاح، وتقع التربية على عاتق الوالدين، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم:6]، ولا تعد بالمهمة السهلة بل هي في غاية الصعوبة؛ نظراً لكثرة المشاغل في الحياة، فتتدخل الظروف الخارجية مثل المجتمع والمدرسة والأقارب والصحبة في تربية الأبناء لذا على الاهل ملقاة المسؤولية الأولى والاخيرة في تربية الولاد للقيم الاخلاقية وحسن الخلق للتسامح والقدرة على مواجهة التحديات ونبذ العنف.

الشرطة في مواجهة الجريمة:
- دور الشرطة اساسي لمواجهة الجريمة والسلاح من خلال تحمل مسؤوليتها في مكافحة الجريمة، وطرح خطة وبرنامج مفصل ليس فقط أن يكون دورها في رد فعل للأحداث الاجرامية، وانما تغيير سياستها ونهجها من خلال تجفيف البؤر الاجرامية، ومحاربة السلاح وغيرها من مظاهر العنف في المدن والقرى العربية. كل ذلك مع العمل والتنسيق بالموازاة مع السلطات المحلية واعضاء الكنيست.

- المسار الجماهيري المحلي: وهنا لا بد من العمل الجماعي والوحدوي ورص الصفوف بين جميع شرائح ومركبات المجتمع المحلي بجميع فئاته الساسية والاجتماعية وتفعيل الهيئات الشعبية بلاموازاة مع المسارات الاخرى وان يكون تمثيل لهذه الهيئات في مجلس مكافحة العنف كل ذالك حتى يتم الضغط على الشرطة والمؤسسات لاخذ دورها وايضا منع التشرذم المجتمعي ورص الصفوف بين شرائح المجتمع لمواجهة هذه الافة.
طبعا كلي ثقة من اننا اذا عملنا سويا سوف نحدث التغيير وان ينعم مجتمعنا بحياة كريمة تليق به

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة