الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 03:02

شكرا لـ "أبو يائير" على حملات التحقير

بقلم: الصحفي وديع عواودة

وديع عواودة
نُشر: 18/09/19 16:53,  حُتلن: 22:07

وديع عواودة في مقاله:

على المستوى البرلماني يقترب المواطنون العرب من حقوقهم المدنية أكثر بازدياد عدد ممثليهم 

يزيد هذا النجاح التحديات أمام "المشتركة" ويجعلها بحاجة ملحة لتعلم الدروس وتطبيقها وبسرعة

لابد أن ترى "المشتركة" الدور الهام الذي لعبه نتنياهو في تحفيز المواطنين العرب ودفعهم للصناديق والثأر منه شخصيا فقلبوا السحر على الساحر المحرّض

رغم أن الصورة الانتخابية في إسرائيل لم تنجل بكامل تفاصيلها لكن هناك جملة أمور مؤكدة منها فشل نتنياهو في ترهيب المواطنين العرب وإبعادهم عن صناديق الاقتراع وانقلاب السحر على الساحر، بالعكس فقد حفزّتهم حملاته المتتالية المتصاعدة عليهم منذ 1996 للانتقال من الدفاع والانكفاء للهجوم والمشاركة في حرمانه من تشكيل حكومة يمين متطرفة ضيقة وربما إسقاطه.

هذا المكسب المعنوي للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل ( حتى على المستوى الفلسطيني العام) ينم عن النجاح بالثأر من " الساحر المحرض " وهو مهم من ناحية تعزيز قوته ومكانته وثقته بنفسه وربما يتحول لمكاسب سياسية عملية. بالتأكيد كان بمقدور " المشتركة " رغم كل التحديات والمعيقات الموضوعية أن تحقق فوزا أكبر يترك مفاعيل نفسية مهمة على وعي المجتمع العربي ووعي الإسرائيليين لو حرصت على توفير عناصر النجاح كما يجب.

بكل الأحوال سياسيا وعمليا على المستوى البرلماني يقترب المواطنون العرب من حقوقهم المدنية أكثر بازدياد عدد ممثليهم ناهيك عن التأثير الإيجابي على صورة ومناعة السياسة العربية والعكس صحيح فلو أصيبت المشتركة بانتكاسة لانتكست المتابعة والقطرية وكل السياسة العربية.

في المقابل يزيد هذا النجاح التحديات أمام "المشتركة" ويجعلها بحاجة ملحة لتعلم الدروس وتطبيقها وبسرعة. ليلة مبارح كنت معهم النواب العرب قبل أن تبدأ الاحتفالات والخطابات المبكّرة ومن أهم ما سمعته منهم جميعا القول إن " مجتمعنا أفضل منا " وصدقوا بذلك. رغم الاستجابة المتأخرة لمطلب تشكيل المشتركة بقيت قضايا مهمة عالقة أو " مسلوقة " دون اكتمال نضوجها مما ترك أثرا سلبيا خطيرا على الناحية المعنوية والجاهزية العامة للمشاركة في ممارسة حق الاقتراع علاوة على عوامل أخرى متراكمة وأكثر عمقا ترتبط بالسياسة العربية والإسرائيلية.

لكن الأمور بخواتيمها والامتحان بالتطبيق لا بالاعتراف اللفظي فقط ولابد أن ترى "المشتركة" الدور الهام الذي لعبه نتنياهو في تحفيز المواطنين العرب ودفعهم للصناديق والثأر منه شخصيا فقلبوا السحر على الساحر المحرّض ولذا ربما يستحق باقة ورد موقعة باسمها تحت عنوان : " أبو يائير.. شكرا على حملات التبهير ". هل كان حصاد المشتركة أقل غلالا لو أن نتنياهو لم يزرع الأرض كراهية وعداء وشيطنة ؟ سؤال مهم جدا على المشتركة التوقف عنده والانطلاق في مراجعة دفاترها والتخلص من بعض صفحاتها السوداء وهذا يشمل حملتها الدعائية التي كان يفترض أن تبدأ وتكون رشيقة وفعالة ومبكرا بعد مصالحة حقيقية لم تتم كما يجب مع الجمهور العربي تشمل اعتذارا صريحا ومبادرات حسن نية تعزز الثقة مجددا( ولنا عودة للحملة الانتخابية في مقال خاص).

من جملة الدروس الواضحة حتى في هذه المرحلة المبكرة وغبار الانتخابات ما زال يعكر صفو الأجواء السياسية ما يرتبط بالعلاقة مع المجتمع العربي وهو التعاون مع أعداد كبيرة من المثقفين والخبراء كـ مجلس استشاري ونسج سياسات طالما أن المشتركة " إرادة شعب " وهو مالكها الأساسي وأحزابه تبقى وكلاء له. مثل هذه الشرائح الأهلية تشكّل بطانة داعمة دائمة ومصدر للنصيحة والتفاكر تتحول لجزء من المجهود الجماعي ونجاحه بدلا من اللجوء لها كـ فزعة ومصدر للنجدة والإغاثة. وهذه فرصة للتأكيد على عبرة قديمة بضرورة التوفيق بين البرلمان والميدان والتواصل المباشر مع كل الناس خارج مواسم الانتخابات دون رفع سقف التوقعات كثيرا.

كذلك تشمل سلة الدروس الحاجة بالتخلص من أثقال " الأنا " فـ " الإيغو عدو صاحبه ويحول دون تغريد الجماعة في سرب سياسي. وهذا ينطبق على تغليب المصلحة العليا على الخاص لاسيما أن النتائج الطيبة(13 مقعدا) تظهر أن الخلاف على المحاصصة كان غبيا أيضا لا غير أخلاقي فحسب وربما لو تحاشت المشتركة كل ما أساء لها لكانت ستصل لـ 14 و 15.

هل يمكن أن تتحول الشراكة الانتخابية لشراكة سياسية تلتزم برؤية متفق عليها وتنتقل من قارب لعبور مضيق نسبة الحسم لسفينة كبيرة تسير برؤية وبوصلة صالح، تحمل برنامج عمل حقيقي يقوم على التبصر للواقع الموضوعي والتعاون والاحترام المتبادل وتحديد آلية الأغلبية بدلا من الإجماع في اتخاذ القرارات مع تحديد معالم هامش مناورة أي حزب فيها لا يروق له هذا القرار أو ذاك. بالذات بعدما سمعنا خطاب غانتس يفضل أن تحرص المشتركة على رصانتها وعدم الهرولة لعرض بضاعتها على " أزرق- أبيض " والتصرف بحكمة وهدوء وبعد الاتفاق داخليا على شروط أي نوع من التعاون السياسي. تكثر المؤشرات على أن التخطيط السليم والعمل المتقن كفيلان بزيادة هذا التمثيل مستقبلا وتوسيع دائرة وهوامش التأثير لدى المجتمع العربي في واقعه المركب وضمن مسيرته الطويلة نحو ما يراد ويشتهى. علاوة على التمثيل السياسي واستغلال الكنيست منبرا هناك أمثلة كثيرة على وجود فرص للتأثير بيد الذراع البرلماني العربي من أوسلو حتى الانسحاب من غزة حتى بدون كتلة مانعة وإن كان هذا لا يكفل بتسوية مشاكلنا الكثيرة والمعقدة ودفعة واحدة. هذه رحلة جبلية صعبة واجبنا المضي فيها حتى نصل يوما ما. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة