الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 07:02

الـمـتـكرشــيـن (1)/ بقلم: حمدان زميرو

حمدان زميرو
نُشر: 20/07/19 16:55,  حُتلن: 20:47

من الطبيعي أن يرفض من يدعي قـيادة المجتمع العربي صـيغة النقـد, ولكنني وفي هذا المقال لا انتقد أي من الأحزاب أو الحركات السياسية الفاعلة على الساحة العربية في إسرائيل, وأحاول اختصار الواقع الذي نعيشه بتقشف شديد ,مبتعدا قدر الإمكان عن التنظير السياسي الرخيص والمهترئ.
- الأرض والمسكن / الأمن الشخصي والمجتمعي / الاستقطاب العدائي بين المجتمعين / الوضع الاقتصادي واستمرار اليمين الكاهاني العنصري بسن القوانين العنصرية وأوووا لنصل الى أسواء ألسيئ لـكافة مناحي حياة مجتمعنا العربي وهذا نتاج تراكمي لـسـياسة حكومية منهجية مـن جهـة ووضعية قـيادية محلية لا تفعل شيئا جديا، للخروج من تخلف يحوله تقدم الآخرين ( الوسط اليهودي ) إلى كارثة حقيقية بالنسبة له، تتبدى مظاهرها الملموسة بصورة متزايدة في سائر مجالات حـياته ووجـوده.
- لا أعتقد أن أحدا يجادل في وجود التأخر السياسي كعلامة لإحداثيات هذا الزمـان الراهن، سواء في مجال العلاقات بين الأحزاب والحركات فيما بينها، أم في علاقات القيادة مع القاعدة داخل هذه الأحزاب والحركات. أم في علاقات الأحزاب ومجتمعها، لا وجود لعلاقــات تكاملية بأي حال ولا في أي مجال. إنها بالأحرى علاقات تنابذ وتضاد وعداء، كأن أحزابنا تنتمي إلى أمم متنازعة لا إلى أمة واحدة، لنرقب التراجع الطردي بنسبة التصويت للأحزاب العربية وازدياد نسبة التصويت للأحزاب الصهيونية.
- لم تكن المخاطر الخارجية والتحديات كافية في أي يوم لجعل شعور المتكرشين "من يدعي القيادة" بالخطر مشتركا، رغم تراجع تمثيلها البرلماني من 13 الى 10 مقاعد واستطلاعات اليوم تنذر بتعمق هذه الفجوة والمنتظر الأسواء مما كان, هذا الخطر الهادم لمجتمع بأكمله لم يجعله يعبر عن نفسه في صلات بينية تفاعلية وإيجابية تبطل ما هو قائم من صلات التنافي والتواطؤ والسعي إلى إنزال الضرر بالآخر "تناحر الأحزاب" وهكذا, ليطال الضرر الأخ والشقيق النقب والمثلث, الجليل الغربي والجليل الشرقي, من يتصفح شبكات التواصل الاجتماعي ويرقب الأخبار يلمس عمق المأساة التي صنعتها قياداتنا السياسية المتناحرة "الـمــتــكرشة"، وهذه الزمرة التي تدعي القيادة من كل ما ذكر بحكم الموجود "غائب" صحيح اننا أقلية بوضعية مفروضة علينا قهرا.
- (نحن نمـلـك وطـنـا ولـيـس لـنـا دولة) نرزح تحت الاحتلال منذ ذلك اليوم الشؤم، يوم النكبة ولم يعـرف مجتمعنا درجة من الترابط والانصهار تحصـنه في وجه تحديات خارجية وداخلية متنوعة، مجتمع يبدو وكأنه على وشك الانفراط، بينما تكتسب الدولة (حكومات اسرائيل المتعاقبة) طابعا سلطويا همجيا، مســعورا يجعلها عـدائية في نظر مواطنيها، كأنها لا تنتمي إليه بل إلى نمط الدول القهرية، الذي كــرسه الانـتـداب البريطاني. فلا عـجـب أن يشعر المواطن العربي بالغربة تجاه محتله (دولته المفروضة عليه) وهـو في حـالة نفور وخوف مـستديم منها، أضف إلى ذلك الظاهرة المقلقة لنقص فاضح في الانتماء القومي، الذي جعل عربا كثيرين ينكرون هويتهم ووجود أمتهم، وظاهرة التشرذم من رأس الهرم إلى القاعدة والذي حول المجتمع أو كاد يحوله إلى جماعات تبدو وكأنها على وشك الاقتتال، وقلب السلطة (الأحزاب المتنفذة- المتكرشة) من جهة وطنية إلى قوة احتلال داخلي. بينما انحدر وعي غالبية المجتمع إلى ما دون مستوى السياسة، إن كان ثمة هنا أي وعي على الإطلاق، وساد اندفاع أعمى نحو الاستهلاك ومتعه، تمارسه قيادة يفترض أنها منتجة لـبدائل وحلول لأزمات مجتمعها، ومجددة لتجاربها، وأنها مؤهلة لمقاومة السائد وابتكار سبل وطرائق من شأنها رد السياسة إلى المجتمع والمجتمع إلى السياسة، ليبقى الوطن والمرابطين الى يوم الدين في ارض فلسطين، نسعى لأن نعيش شرفاء أعزاء كرماء، ونرفض الدون في عقيدتنا هويتنا وكرامتنا.
- "المتكرشين" وفي نفس اليوم الذي أعلن فيه عن حل الكنيست خرجوا علينا ببيان موجزه " رسالتكم وصلت وسوف نعمل على اصلاح ما افسدناه" واليوم وبعد 60 يوما من هذا التصريح يخرجون علينا بتصريح "لقد فشلت مساعينا وعودنا الى المربع الأول" خلال 60 يوم لم تتواصل الرباعية مع الأغلبية الصامتة من مجتمعها وهي الأغلبية التي احجمت عن الخروج للتصويت أو خرجت وصوتت لغير الأحزاب العربية, خارج هذه الرباعية هنالك 6 أحزاب عربية مسجلة في مسجل الأحزاب وهنالك تتبلور مجموعة سياسية تسعى لخوض الانتخابات بقائمة "يهودية – عربية" والنتيجة الحتمية من هذه الوضعية انزلاق المجتمع العربي بكامله الى الفوضى السياسية العدمية وصولا الى الهلاك الذاتي الغير قابل للتصليح ويبقى لسان حال المتكرشين " من رأى منكم اعوجاجا مني بدي العن اللي خلفوه ", رحم الله الشهيد ناجي العلي وأرثه الناقد النافذ المستعمل اليوم بغير مكانه.
حزب الإصلاح ومن موقع المسؤولية الوطنية الصادقة سوف يشارك جلسة الحوار المزمع عقدها في شفا عمر والتي بادر اليها حزب الوحدة الشعبية وتم بها دعوة كل الأحزاب الفاعلة في الوسط العربي لتدارس سبل تدارك المأساة السياسية ومحاولة الخروج بخطة عمل قابلة للتنفيذ، هدفها، اعادة السياسة الى المجتمع والمجتمع الى السياسة.

بقلم حمدان زميرو – أمين عام حزب الإصلاح قلنسوة 2019/07/20

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة