الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 02:02

مؤتمر هرتسليا الـ 19 وحالة التشرذم العربي/ بقلم: مهند إبراهيم

مهند إبراهيم
نُشر: 19/07/19 13:04,  حُتلن: 14:21

منذ العام 2000 وبشكل منتظم، ينعقد مؤتمر هرتسليا ، الذي يُنظمه معهد السياسة والإستراتيجية "IPS " الإسرائيلي بالتعاون مع ضابط الموساد السابق البروفيسور "عوزي أراد "، ويشارك في أعماله نُخبة من رجال الأعمال والأمن والعسكريين والأكاديميين الإسرائليين ، وباحثين من مختلف التخصصات، ويتم توجيه دعوات لعدد من الشخصيات العربية - الرسمية وغير الرسمية- والعالمية لحضوره.

يُركز المؤتمر على مراجعة الظروف الموضوعية المتعلقة بوجود الكيان الإسرائيلي، ويقدم الإقتراحات والتوصيات المتعلقه بأمنه القومي، وتشمل جميع المجالات وفي مقدمتها : الأمنية والعسكرية والسياسية والإقتصادية، والعلاقات الخارجية مع المحيط العربي والعلاقات الدولية مع العالم خصوصا الإدارة الأمريكية.

من أهم القضايا التي ركزت عليها المؤتمرات في السنوات السابقة، هي :

- تكرار طرح موضوع إقامة كيان فلسطيني ضمن عملية تبادل للأراضي، يشمل أجزاء من شبه جزيرة سيناء، وتم الترويج لهذه الخطة كحل للمسألة الفلسطينية، في مؤتمرات 2002 ، 2003، 2004، 2008، 2013، 2019. مع الإقرار بصعوبة تطبيقها.

- أهمية تحجيم الإعتماد العالمي على النفط العربي، والحد من إمكانية تنامي النفوذ الدولي المالي والسياسي.

- التصدي للحركات الإسلامية وتمددها والإلتفاف على دورها السياسي وخصوصا التي توصف ب "الراديكالية ". ومن الأمثلة على ذلك ، توقع رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء " أفيف كوخافي" في مؤتمر 2013، حدوث ما أسماه بهزة ثانية في مصر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، ثم تكشف فيما بعد الدور الذي لعبه الموساد في إحداث هذه الهزة. بالإضافة إلى أهمية تغذية الصراع السني- الشيعي، والإستفادة منه، وهو ما نشهده منذ سنوات.

- ضرورة تقوية الجبهة الداخلية، بترسيخ " الهوية الإسرائيلية المشتركة" وعناصرها الأربعة : العلمانية ، الأرثوذكسية الحديثة ، الأرثوذكسية المتشددة، والعرب. مما يعكس المخاوف المتنامية من تفكك المجتمع الإسرائيلي، والقلق من تنامي الحضورالسياسي للتيارات الدينية المتشددة على السلم المجتمعي.

- التأكيد على أهمية التأثيرعلى صانع القرار الأمريكي، ومواجهة إيران وتنامي نفوذها وقوتها والعمل على إفشال مشروعها الأيدولوجي والنووي.

- العمل على إستمرار الحصارعلى قطاع غزة، والحفاظ على " إستمرارية الردع " ضد قوى المقاومة في المنطقة، مع الإعتراف بالواقع المتغير على صعيد موازين القوى ، وتراجع القدرة التقليدية على الردع.

- العمل على تجاوز الحالة الفلسطينية، والبحث عن خيارات جديدة لتصفية القضية الفلسطينية عبر دول الإقليم، والتعامل مع إستمرارالإنقسام الفلسطيني ، كأمر واقع لم يعد يشكل حاجزا أوعائقا أمام إستمرار تطويرالعلاقات الإسرائيلية مع بعض الأنظمة العربية.

- إستمرار الإهتمام التقدليدي بالعامل الديموغرافي ، والتوازن السكاني مع الفلسطينيين.

هذه أهم العناوين العريضة التي يتم تناولها بإستمرار في هذه المؤتمرات، والتي تتحول غالبا ، إلى سياسات أو جدول أعمال للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وبالتأكيد لا يُمكن النظر إليها على أنها إستراتيجية جديدة، بل هي إمتداد للسياسات التقليدية منذ نشأة الكيان ، ولكن ما يجب التركيز عليه ، هو أنها تُمثل مشاركة متواصلة للعقل الجماعي النخبوي الإسرائيلي بمختلف تياراته، في رسم السياسات العامة للدولة، وأن دولة الإحتلال تملك من الإرادة السياسية والقدرة والمؤسسات على تنفيذها، وهو ما لا تُتيحه حالة التبعية والتشرذم العربية وغياب المشاركة المجتمعية في صناعة القرار، وإستمرار حالة الإنقسام في الحالة الفلسطينية.

يُعتبر من الحالمين، من يتوقع أن يقوم " كيان الجامعة العربية " بنفس الدور الذي يقوم به مؤتمر هرتسليا، ناهيك عن باقي المنظمات والمؤسسات الإسلامية والعربية(الكرتونية)، للحفاظ على الأمن القومي.

تمتلك منطقتنا العربية بلا شك، نُخبة أكاديمية ومتخصصة، قادرة على طرح المئات من المشاريع والدراسات الإستراتيجية ، ولكن غياب الدولة القومية الموحدة والمستقلة من التبعية، وغياب الحرية التعددية، والإرادة السياسية، والمشروع الحضاري، عوامل تكرس حالة التراجع العربي، وإستمرار تمدد الكيان الإسرائيلي إقليما ودوليا.

من تابع حيثيات مؤتمر هرتسيليا ال 19 ، والذي أنهى أعماله منذ فترة قصيرة، سيلاحظ القلق الكبير السائد في دولة الكيان حول المستقبل، والعجز- رغم الرغبة الحقيقية- عن إتخاذ قرار منفرد بحسم بعض القضايا الإستراتيجية التي تهدد الأمن القومي على الصعيدين الداخلي والخارجي، وفي مقدمتها : التهديد الإيراني، مقاومة حزب الله، مقاومة حماس، تضاؤل فرص إيجاد تصفية نهائية للمسألة الفلسطينية.

كما يلاحظ تنامي الدور السياسي الذي يلعبه جهاز الموساد في الحياة السياسية على حساب وزارة الخارجية، بعد الأدوار المهمة التي لعبها في إقامة العلاقات السرية ثم العلنية مع عدد من الحكومات الإفريقية، والعربية. وربما سيكون الرئيس القادم لدولة الكيان من بين صفوفه.

يطرح المؤتمر الأخير، ضرورة توخي أقصى درجات الحذر والإستعداد، لحدوث تطورات مفاجئة، بالرغم من الخطاب العام الذي يغلب عليه طابع " الأزمة والقلق"، فتاريخ الكيان معروف بتصدير الأزمات للخارج عبر العدوان والحروب. 

 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة