الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 03:01

تفاهم روسي إسرائيلي حتى في عمليات قصف المدنيين/ بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 09/05/19 10:40,  حُتلن: 15:45

المتعارف عليه عربياً ( على الأقل على الصعيد الشعبي)، أن روسيا هي داعمة للعرب بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص. هذا التفكير العربي يعود تاريخه إلى سنوات الحرب الباردة بين (الإتحاد السوفييتي السابق) والولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيس لإسرائيل على مختلف الأصعدة. لكن محللين سياسيين يرون أن سياسة الإتحاد السوفييتي لإسرائيل لم تكن سلبية بتاتاً وأنه عمل على العكس من ذلك في بناء دولة إسرائيل، بدليل السماح لآلاف اليهود الروس بالهجرة لإسرائيل واعترافه كأول دولة في العالم بإسرائيل. والظاهر في السياسة ليس من المفترض أن يكون الحقيقة، لأن السياسة مصالح وعندما تكون المصلحة تكون السياسة.
السؤال الذي يتبادر للأذهان: ما هي مصلحة روسيا كدولة عظمى قي عقد تحالفات مع دولة صغيرة كإسرائيل. رداً على هذا السؤال يقول الدكتور جهاد ملكه في تحليل له نشره موفع "أمد" في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، " ان روسيا تهدف من وراء تقوية علاقاتها مع اسرائيل، ان تكون عامل تأثير في منطقة الشرق الأوسط والتي أصبحت ساحة تنافس بين القوى العظمى، كما أن إسرائيل لديها طموح في تعزيز تجارة السلاح مع روسيا كقوة عسكرية صاعدة حيث تتطلع إسرائيل للشراكة مع روسيا في تطوير الصناعات العسكرية العالية التقنية وتصديرها للعالم من البوابة الروسية، وتحاول من خلاله التأثير عليها بعدم تسليح حلفائها العرب والايرانيين، بالامتناع عن تنفيذ الاتفاقيات والعهود المبرمة مع سوريا وإيران بتزويدهما بالسلاح والعتاد والتجهيزات والسلاح النوعي، الذي قد يخل بالتوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط".
بعد سقوط الشيوعية في دول أوروبا الشرقية وأيضاً في الإتحاد السوفييتي واستعادة الإسم السابق (روسيا) الذي كان أيام القيصرية، بدأ الموقف الروسي تجاه إسرائيل يتضح أكثر فأكثر، وهذا الأمر ورد هلى لسان كبار السياسيين في روسيا. نائب وزير الخارجية الروسية، سيرجي ريباكوف، صرح في مقابلة مع شبكة "CNN" الأمريكية، في الخامس والعشرين من شهر يناير/كانون الثاني العام الحالي بأن بلاده ملتزمة بأمن إسرائيل". ولو صدر هذا التصريح عن مسؤول أمريكي لكان الأمر عادياً كون أمن إسرائيل من أمن الولايات المتحدة من الناحية العملية. لكن أن يصدر التصريح من قيادي روسي كبير وبصيغة(التزام) وليس كمجرد تصريح فهذا أمر ليس عادياً.
هناك الكثير من الممارسات الروسية التي تبرهن بصورة واضحة التعامل الروسي المميز لإسرائيل. الرئيس الروسي بوتين أصدر أمراً عام 2016 بإعادة دبابة غنمتها سوريا من الجيش الإسرائيلي في معركة "السلطان يعقوب" إبان حرب لبنان الأولى في يونيو/حزيران 1982 وتم نقلها إلى المتحف العسكري في موسكو. وفي الشهر الماضي أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن روسيا قامت بتسليم إسرائيل رفات العسكري الإسرائيلي زكريا باوميل المفقود منذ عام 1982، وقد تمت عملية التسليم في وزارة الدفاع الروسية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي شكر وزارة الدفاع الروسية على البحث عن رفات زكريا باوميل، وإعادته إلى إسرائيل.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لو كانت روسيا مهتمة بدعم الجانب الفلسطيني وإعطاء دفعة سياسية معنوية للموقف الفلسطيني، فلماذا لم تفسح المجال للجهات الفلسطينية المعنية بعملية مبادلة الدبابة ورفات الجمدي يأسرى فلسطينيين، الأمر الذي سيسفر عنه بدون شك تحرير عشرات المئات من المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وقد يكون من بينهم قادة، لأن إسرائيل مجبرة في هذه الحالة على تنفيذ أي مطلب للفلسطينيين بسبب الأهمية الكبيرة للحدث سياسياً ودينيا. لكن يبدو أن المصلحة الروسية تقتضي إبعاد الفلسطينيين عن هذا الموضوع الحساس إسرائيلياً، وإبقائه كإنجاز روسي مميّز لصالح إسرائيل.
يوجد أيضاً قاسم مشترك بين روسيا وإسرائيل، وهو أسلوب قصف المدنيين بالطيران. فالقوات الروسية المتواجدة في سوريا للدفاع عن نظام الأسد، قامت خلال الأيام القليلة الماضية بقصف ثلاثة مستشفيات في شمال غرب سوريا حسب ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الانسان، وأنّ اثنين من هذه المستشفيات باتا خارج الخدمة. كما ذكر المرصد أن القوات الروسية أغارت على حارات شعبية وقتلت العديد من المدنيين. الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ذكرت في تقرير لها ان القوات الروسية استخدمت في سوريا أسلحة شديدة التدمير، إضافة إلى تكرار استخدامها للذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة، لا سيما في المناطق المأهولة بالسكان. وموازاة لعمليات القصف الجوي الروسية للشعب السوري، تقوم القوات الإسرائيلية بنفس الأسلوب، إذ تقصف مباني مدنية ومستشفيات. حتى أن عمليات القصف التي يقوم بها الجانبين الروسي والإسرائيلي تأتي هذه الأيام متزامنة مع بعضها.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة