الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 15:01

هل أصبح الشرخ والانشقاق هو واقع العمل السياسي العربي؟/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 30/01/19 18:04,  حُتلن: 15:08

خالد خليفة في مقاله:

لم تحقق القائمة المشتركة الكثير من الانجازات السياسية ولكن إقامتها في عام 2015 أسدل الستار على حكومات إسرائيل المتتالية للسيطرة على النظام السياسي العربي

يجمع المحللون والمراقبون في الشأن العربي أن القائمة المشتركة افتقدت الرؤية المستقبلية والعمل الجماعي ولم تتفاعل مع الكوادر والخبرات التي كان من الممكن ان تغني كافة مركبات القائمة المشتركة بروح وعمل جماعي

لقد بات من المؤكد أن شرخًا وانشقاقًا قد حدث في السياسة العربية في البلاد، فاعلان النائب احمد الطيبي الانسحاب من القائمة المشتركة وإقامة حركة سياسة منفصلة ستخوض الانتخابات المزمع إقامتها في التاسع من ابريل المقبل، هو حدث ليس من الإحداث الهينة في المسيرة السياسية العربية.

لم تحقق القائمة المشتركة الكثير من الانجازات السياسية ولكن إقامتها في عام 2015 أسدل الستار على حكومات إسرائيل المتتالية للسيطرة على النظام السياسي العربي وتصنيف كافة القوى العربية، من قوى شيوعية وطنية وعميلة ومتواطئة مع الحكومة. أما اليوم وبعد إقامة القائمة المشتركة وممارستها السياسية على مدى الأربع سنوات الأخيرة فقد أنهت القائمة المشتركة هذا الجدل التصنيف وحولت العرب في إسرائيل إلى قوة سياسية لا يستهان بها تماما كتجربة الأحزاب الكردية في تركيا. فتلك الأحزاب الكردية تستطيع إسماع صوتها للعالم وفي نفس الوقت تمنع الحكومة التركية من تنفيذ انتهاكات واعتداءات سافرة ضد الأكراد داخل تركيا وخارجها. ويعتبر الانشقاق الذي قام به النائب ألطيبي انشقاق استراتيجيا لا يغفر. فمن الصعب أن نتوقع ماذا يمكن أن يجني الطيبي من هذا الانشقاق، فعلى مدى السنوات الأربعة الأخيرة وخلال تحالفه مع القائمة المشتركة اعترف به كحركة مستقلة وحصد ميزانيات ضخمة من الكنيسيت نتيجة حلفه مع القائمة المشتركة .كما ان التقصير والذي اتهمت به القائمة المشتركة هو أيضا من نصيبه، حيث انه كان شريكا فعالا في السنوات الأولى من إقامة هذه القائمة في الانجازات والإخفاقات. والكل يشهد ان جميع أقطاب القائمة كانوا يجتمعون في السنوات الأولى، لكنهم توقفوا عن الاجتماعات بعد ذالك. ومن قبيل الشفافية كان من الأحرى عليه إن يعلم الناخب العربي قبل سنتين أن هنالك خلل ما يحدث خلف الكواليس. ولكنه لم ينبس ببنت شفى على مدى السنوات الأربعة الأخيرة وفجأة اخذ يطالب بالمقاعد والغنائم في التركيبة المقبلة للقائمة المشتركة. ويعتبر احمد ألطيبي والذي انطلق إلى معترك الحياة السياسة في مطلع الثمانينات عندما عمل كطبيب نساء في مستشفى هداسا هار هتسوفيم حيث هوجم من قبل متطرفين ولكن الأطباء الاسرائلين دافعوا عنه واحتضنوه بقولهم انه ساعد العديد من النساء اليهوديات في إنجاب أطفالهم، الأمر الذي جلب له الكثير من الشهرة آن ذك. ولينتقل تدريجيا بعدها للعمل في القدس العربية للعمل كطبيب نساء، ولكن ذالك لم يستمر طويلا حيث بدأ في العمل السياسي عندما ارسل من قبل عازار فايتسمان في أواخر الثمانينات للتحاور مع ياسر عرفات.

وخلال تلك الفترة فانه رأى ان الانخراط في الجهاز السياسي الإسرائيلي وخوضه لانتخابات الكنيسيت هو أفضل بكثير من العمل المبهم في تواصل الفلسطينيين والاسرائيلين. إلى أن انتخب للكنيسيت وللمرة الأولى بعد خوضه لانتخابات مع التجمع. أما اليوم وبعد 20 عاما في الكنيسيت الاسرائيلي كنائب وحد قواه مع العديد من الأحزاب العربية كالتجمع والموحدة والحركة الإسلامية، والأخيرة القائمة المشتركة فانه يرى ان انه يريد ان يكون في الكنيسيت لسنوات خمسة أخرى، كما يرى مصلحته تتطلب الانفصال والانشقاق وإقامة حركة سياسية مستقلة تعمل بشكل مغاير ومضاد للقائمة المشتركة والتي من المتوقع ان تمثل كافة الجماهير العربية في البلاد. وبانشقاقه أدلى النائب الطيبي دلوه وقال "إني ليس جزء من هذا المشروع، وهذه القائمة وهدفي الأول والأخير هو إقامة حركة بديلة لهذه القائمة". ولا يعلم احدا كيف سيمول هذه القائمة. ولكنه سيأتي بالتحالفات التي كانت قائمة في الساحة ولن تعمل مع القائمة المشتركة فهنالك بعض الشخصيات التي يمكن ان يجتذبها للحركة العربية للتغير كقائمة "كرامة"وقائمة" الافق الجديد" و"ناصرتي". كما انه يسعى إلى ضم بعض رؤساء المجالس السابقين والحاليين الى تلك القائمة. مهما يكن فان كل هؤلاء سيفاوضونه ويطالبون بمقاعد مضمونة بعده. واذا كان قد ضمن مقعدا له ولصديقه اسامة السعدي في القائمة المشتركة فان الحلفاء الجدد لا يقبلون ذالك ويطالبون بمقاعد مضمونة لهم . كما ان علي سلام رئيس قائمة ناصرتي سوف لن يوافق في التحالف معه إلا إذا انتخب رجلا من "ناصرتي" ليكون في المقعد الثاني، الامر الذي يؤثر على باقي الحلفاء. ومن الصعب الجزم بان احمد الطيبي سيحافظ على استقلاليته المطلقة في حال أقام هذه التحالفات بحيث ان كافة تلك القوى سوف لن تسمح له ان يكون The One Man Show (نجم الساحة الوحيد) حيث ان كافة القوى والتحالفات تريد أيضا حصة في لعبته السياسية الوليدة وفي حوافزها الاقتصادية. أما على صعيد مواجهة الجهاز السياسي الاسرائيلي وخاصة أي حكومة مقبلة ففي حال حقق بعض المقاعد فانه من الصعب أن يحقق أي شيء مع هذه الحكومة وبدون زملائه من القائمة المشتركة، حيث أن ما تستطيع أن تقدم له حكومة إسرائيل هو حقيبة وزير في ملف هامشي.

ويجمع المحللون والمراقبون في الشأن العربي أن القائمة المشتركة افتقدت الرؤية المستقبلية والعمل الجماعي ولم تتفاعل مع الكوادر والخبرات التي كان من الممكن ان تغني كافة مركبات القائمة المشتركة بروح وعمل جماعي. ويمكن القول أن احمد ألطيبي والذي فر من المعركة في اللحظات الأخيرة هو احد المسئولين عن افتقاد تلك الرؤية والعمل الجماعي.
وكان على القائمة المشتركة أن تسير وبخطى ثابتة نحو عمل سياسي أفضل وتقوم بإصلاحات جدية وجذرية بحيث لا يكفي تغيير الأشخاص هنا وهناك ولكن على هذه القائمة تغيير العقل والمفاهيم،و الاستثمار بالعمل السياسي الحديث المتطور والواضح المعالم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة