الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 02:02

هل تعتبر روسيا حليفًا للنظام السوري؟/ بقلم: المحامي صلاح كريّم

صلاح كريّم
نُشر: 22/09/18 10:27,  حُتلن: 07:28

صلاح كريّم في مقاله:

كان بامكان النظام السوري مع القليل من الحكمة والعقلانية ان يجنب سوريا كل هذه الكوارث من خلال احتوائه لثورة شعبه والاستجابة الى المطالب العادلة والحقة

روسيا قَدِمت الى سوريا كقوة عسكرية انتهازية ليس اكثر، وكل سلوكها في سوريا يدلل بما لا يدع مجالا للشك انها لا تعامل النظام السوري كحليف على اساس الندية وانما تعامله باحتقار 

" في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة". ونستون تشرتشل - رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
هذه المقوله تخلص المبادىء التي تتعامل على اساسها الدول فيما بينها، وكل من يعتقد ان الانظمه السياسيه في عصرنا تحتكم الى معايير اخلاقيه وقيميه واهم كل الوهم.
يتسائل كثر من الناس عن دور روسيا في سوريا باعتبارها (كما يتوهمون) حليف للنظام السوري، عن عدم تزويد النظام السوري بمنظومة الدفاع الجوي S300 و S400 لحماية نفسه من الطيران الاسرائيلي الذي نفذ اكثر من 200 غاره على مواقع عسكريه في سوريا خلال العام الاخير؟ ويزداد استغرابهم ودهشتهم في ظل التنسيق الكامل بين روسيا واسرائيل في تنفيذ هذه الهجمات!!! ويزيد استغرابهم من صلف الاسرائيليين في اخبار الروس قبل دقيقة واحده عن موعد الغاره الاخيره على اللاذقيه وتسببهم في اسقاط الطائره العسكريه الروسيه!! ويتسائلون كيف يمكن " للحليف" الروسي ان يسمح لاسرائيل بمهاجمتهم وطعنهم مرة تلو الاخرى؟

كان بامكان النظام السوري مع القليل من الحكمة والعقلانية ان يجنب سوريا كل هذه الكوارث من خلال احتوائه لثورة شعبه والاستجابة الى المطالب العادلة والحقة التي نادى بها الشعب السوري، خاصة وأن الثوره السوريه بدأت بعد اشهر طويله من بداية الهبات الجماهيريه في مصر وتونس واليمن وغيرها من المنطقه العربيه، كان حري بالنظام السوري ان يقرأ الخارطه بشكل صحيح وأن يتصرف بحكمه وعقلانيه ويستفيد من دروس وتجارب الشعوب المحيطه به الا انه ولتعاسة حظه فضل السير وراء عقليته الدكتاتوريه الاجراميه مقدما الحل العسكري على اي حل آخر ومستعينا بسياسة الحديد والنار لاخماد ثورة شعبه والقضاء عليها.
بين اصرار النظام السوري على اخماد الثوره المتصاعده بالحديد والنار وبين اصرار الشعب السوري على المضي قدما في ثورته حتى نيل حريته، مضى الطرفان في الاستعانه بكل معين للقضاء على الطرف الآخر وهذا الامر جر البلاد الى حرب طاحنه ما تزال تدور رحاها حتى يومنا هذا.
النظام السوري استطاع تجييش واستجلاب من يدعمه بعد عجزه عن القضاء على الثوره فيما جيشت المعارضه المسلحه واستجلبت من يدعمها في القضاء على النظام السوري ولم يفلح اي منهما في القضاء على الآخر.
بين هذا وذاك وقع النظام السوري في خطأ تاريخي وكارثي حين استقدم الروس لترجيح كفته والقضاء على الثوره التي ألجاها مكرهة الى حمل السلاح لمواجهة الخيار العسكري الذي اختاره، فما كان من روسيا الا ان تلقفت هذه الفرصه السانحه التي قدمت اليها على طبق من ذهب لكي تحصل على موطىء قدم على سواحل المتوسط وتنشىء قواعد عسكريه لخدمة مصالحها ولاعادة هيبتها أمام الامبراطوريه الامريكيه التي تفردت بالهيمنه والسيطره بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وبالعود الى التساؤل الذي طرحناه بداية. هل قَدِمت روسيا الى سوريا كحليف للنظام السوري ام قَدِمت كقوة انتهازيه لتحقيق مصالحها؟
اعتقد جازما ان روسيا قَدِمت الى سوريا كقوة عسكرية انتهازية ليس اكثر، وكل سلوكها في سوريا يدلل بما لا يدع مجالا للشك انها لا تعامل النظام السوري كحليف على اساس الندية وانما تعامله باحتقار وتريد له ان يبقى حارسا ذليلا لمصالحها ومصالح اسرائيل ليس اكثر.
وما الغارات الاسرائيليه المتكرره على سوريا صبح مساء في ظل تنسيق تام وكامل مع قاعدة حميميم الروسيه والخط الساخن لتنسيق هذه الهجمات الا خير دليل على ذلك. اسرائيل البقره المقدسه التي يسعى الكبير قبل الصغير والقوي قبل الضعيف لاسترضائها والمحافظه على مصالحها وامنها واستقرارها من كل الاقطاب هي من تشكل العمود الفقري في المعادله وكل من سواها هو تفاصيل فقط.
ان ظهور الضابط الروسي وهو يمسك بيد بشار الاسد مانعا اياه من اكمال المسير مع الرئيس الروسي في قاعدة حميميم العسكريه الروسيه على ارض سوريه يلخص كل المشهد ويشرح كل المعادلات.
سوريا اليوم مستباحه من الجميع، ومن يجلس ليقرر مصيرها ويحسم مناطق النفوذ والسيطره فيها هم رؤساء لثلاث دول اجنبيه، روسيا وتركيا وايران ولا وجود لاي رمز سوري في هذه المفاوضات التي تخص الوطن السوري نفسه، ذلك ان النظام السوري اجرم في حق وطنه والجميع يتعامل معه على انه نظام وضيع وظيفته الاساسيه ان يعمل كحارس لمصالح هؤلاء جميعا بعد ان جعل وطنه مشاعا للجميع.
بناء عليه، كل من يظن ان الروس هم حليف للنظام السوري وحليف للمقاومه والممانعه هو واهم كل الوهم، لان الحلفاء يتعاملون على اساس النديه، وما وجود روسيا على ارض سوريا الا تحقيق لمقولة ونستون تشترتشل " مصالح دائمه". تحققها روسيا على ارض سوريا بالمجان، لأن من يهن يسهل الهوان عليه.
 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة