الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 15:01

خطاب عباس في مجلس الأمن والرهان الفلسطيني الخاسر/ بقلم: أحمد حازم

كل العرب
نُشر: 28/02/18 11:19,  حُتلن: 13:50

أحمد حازم في مقاله:

رغم التطورات الدولية وأهمها إعلان الرئيس الأميركي ترامب القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس

مقترحات أبو مازن لم يهتم لها أحد لأنها لم تعد مطروحة على طاولة نقاش، والأحداث التي تمر بها المنطقة تؤكد أن ما يطالب به عباس أصبح في خبر كان

في العشرين من الشهر الحالي (فبراير/شباط) القى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطاباً في مجلس الأمن الدولي، عرض فيه ما أسماه بخطة جديدة لتحريك "عملية السلام". لكن عباس لم يقدم في حقيقة الأمر أي جديد في خطابه إنما أعاد صيغة تمسكه باتفاقيات أوسلو التي جلبت المصائب للشعب الفلسطيني.

الرئيس عباس اقترح على سبيل المثال عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام الحالي على أساس قرارات الشرعية الدولية. لكن هذا الاقتراح كنا نسمعه دائماً في عهد الإتحاد السوفييتي ولم يهتم له أحد. الفارق في المطالبة بعقد مثل هذا المؤتمر هو أن عباس يضع شروطاً مسبقة لنتائج المؤتمر الدولي الذي يطالب بعقده، من بينها قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتبادل الاعتراف بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل على حدود العام1967. ويبدو أن عباس نسي أن الأمم المتحدة أصدرت مئات القرارات لصالح فلسطين ولم ينفذ منها أي قرار، كما أن هذه المنظمة الأممية التي تعتبر القدس مدينة محتلة لم تفعل أي شيء ضد قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل. إذاً الرهان على الأمم المتحدة هو في واقع الأمر رهان خاسر لأن واشنطن هي صاحبة القول الفصل في مجلس الأمن.

ورغم التطورات الدولية وأهمها إعلان الرئيس الأميركي ترامب القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، لا يزال أبو مازن يتحدث عن مرجعيات لمفاوضات قادمة مع إسرائيل مثل: الالتزام بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، مبدأ حل الدولتين، القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين. ضمان أمن الدولتين دون المساس بسيادة واستقلال أي منهما, من خلال وجود طرف ثالث دولي. حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194.

الرئيس الفلسطيني يعرف تمام المعرفة أن مطالبه لا تلقى آذاناً صاغية، لعدم وجود رصيد سياسي قوي لدعم هذه المطالب عل الصعيد العربي أو الصعيد الأوروبي. فالأنظمة العربية مشغولة بأزماتها وحروبها، والرئيس الأميركي ترامب استغل الضعف العربي ولم يكن يجرؤ على اتخاذ أي قرار يتعلق بالموضوع الفلسطيني لولا انه كان على ثقة تامة بوجود رؤساء وملوك عرب يشدون على يديه إعرابا منهم على الموافقة. وقد ارتكب ترامب جريمتين في آن واحد: أولهما اعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وثانيهما اختيار الرابع عشر من مايو/ أيار القادم موعداً لافتتاح السفارة، علماً بأن هذا التاريخ يصادف الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية الأولى.

مقترحات أبو مازن لم يهتم لها أحد لأنها لم تعد مطروحة على طاولة نقاش، والأحداث التي تمر بها المنطقة تؤكد أن ما يطالب به عباس أصبح في خبر كان. فموضوع القدس تم حسمه أميركيا وإسرائيليا بعد قرار ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
في العام 2002 وخلال مؤتمر للقمة العربية في بيروت، تقدمت السعودية بمبادرة أسمتها "مبادرة السلام العربية" تضمنت استعداد 57 دولة عربية وإسلامية بتطبيع عربي كامل مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والجولان السوري، وتضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين بمقتضى قرارات الأمم المتحدة، لكن إسرائيل رفضت ذلك. ويأتي الرئيس عباس ويدعو في خطابه مجددا إلى تطبيق مبادرة السلام العربية، رغم أن إسرائيل رفضت المبادرة وتريد المزيد من التنازل، وتطالب كشرط جديد باعتراف فلسطيني وعربي بـ "يهودية إسرائيل" بمعنى أنها غير مهتمة كلياً بما يقوله ويطالب به عباس، لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو هو حامل "كرت الجوكر" في اللعبة مع الفلسطينيين.

وإذا كان الرئيس عباس يعول على الدور الأوروبي في المرحلة القادمة، فعلى ما يبدو "إن المكتوب يقرأ من عنوانه". لغاية الآن لم تعلن أي دولة أوروبية بصورة رسمية على مواجهة ترامب في قراره، واكتفت الدول الأوروبية بإدانة القرار. ويلاحظ في مكان آخر من خطاب ابو مازن في مجلس الأمن، أنه استخدم أسلوب النفاق و"مسح الجوخ" فيما يتعلق بواشنطن، لدرجة أنه لا يزال يراهن عليها بالرغم من كل ما حصل فقد ذكر في خطابه: أن واشنطن تقدم المساعدات للفلسطينيين وأنها تخلت عن اعتبار منظمة التحریر منظمة “إرهابیة”. ومهما يستخدم الرئيس الفلسطيني من عبارات العطف والشفقة، فإن رهانه على المفاوضات وعلى واشنطن والأمم المتحدة هو رهان خاسر، لأن قرار ترامب قضى على كل ما تبقى من إمكانيات لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة