الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 04:02

هل الكنيست مجرد مايكروفونات ومعاشات ؟/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 23/01/18 15:52,  حُتلن: 22:17

وديع عواودة في مقاله:

الممثلية العربية الفلسطينية في الكنيست الإسرائيلي تعكس معضلة المتبقين في وطنهم،المواطنون الفلسطينيون العالقون منذ 70 عاما على خيط رفيع بين وطنهم ومواطنتهم

يخطئ من يعتقد أن هناك خيارا سياسيا آخرا أو أفقا حقيقيا خارج المواطنة

إسرائيل ستواصل استغلال وجود نواب عرب فيها لغايات دعائية حول ديموقراطية الفيلا وسط الغابة الشرق أوسطية

في ظل الخذلان العربي والانقسام الفلسطيني الداخل والنفاق العالمي تنطوي عملية الاحتجاج الشجاعة هذه على شحنة أمل معنوية يحتاجها شعبنا بكل مكان لمواصلة المشوار

بخلاف ما يظنه كثيرون يبقى الثمن باهظا للسياسي الوطني حامل هم شعبه أن يحمل صفة " عضو كنيست " رغم الميزانيات والمايكروفونات. اعتقد أن النواب العرب عن الأحزاب الصهيونية أو المتكسبين منهم يشعرون بالحرج والضيق و يكتوون هم أيضا بالعنصرية الرافضة لكل ما هو غير يهودي حتى وإن تكلم عبرية فصيحة وحفظ التوراة أو حتى ربى " سوالف ".

عالقون معنا
هذه الممثلية العربية الفلسطينية في الكنيست الإسرائيلي تعكس معضلة المتبقين في وطنهم،المواطنون الفلسطينيون العالقون منذ 70 عاما على خيط رفيع بين وطنهم ومواطنتهم،خيط أبو النحس المتشائل. نحن السكان الأصليون عالقون معهم في ظل دولة بنت كينونتها على أنقاض شعبنا ترى بذاتها دولة اليهود وتمارس كل صنوف الإقصاء والتمييز العنصري وغمط الحقوق المدنية والسياسية ومحو الهوية الوطنية. بالمقابل هم الأغلبية اليهودية المهاجرة عالقة مع من هم أصليون وباتوا أقلية هامة كما وكيفا. هذه الأغلبية عنصريتها باتت سافرة وتيارا مركزيا جدا لكنها ليست غبية وتعي أن الأقلية الفلسطينية في داخلها ستحول الدولة اليهودية يوما ما لثنائية القومية.

بيت جن وجلجولية
يخطئ من يعتقد أن هناك خيارا سياسيا آخرا أو أفقا حقيقيا خارج المواطنة. لذا فإن التمثيل العربي في الكنيست قرار سليم وهو يتيح منبرا لصوت سياسي احتجاجي يطمس هنا وفي العالم ومنصة لمقارعة الظلم وإبراز أحد تجليات الدولة ثنائية القومية المعلقة حتى الآن وهي محاولة لدفعهم للتسليم بواقع يرفضونه. من هنا،من ناحية الرمزية،من ناحية الوعي،وعينا ووعيهم تأتي أهمية" المشتركة " بالذكرى الثالثة لتشكيلها ( خاصة بالمنظور المستقبلي) التي لا تحافظ على ذاتها كما يتوقع من قادة وساسة مسؤولين. أما من ينتظر تغييرا جذريا استراتيجيا في واقع المواطنة من خلال أداء مختلف( مهادن أو معتدل أكثر) على يد النواب العرب فهو واهم رغم مساهمتها الكبيرة في زيادة ميزانيات الحكم المحلي عبر الخطة الاقتصادية الخماسية. نظرة واحدة للقرى العربية الدرزية تعكس الحقيقة على الأرض فبيت جن التي قدمت 62 جنديا قتلوا في حروب إسرائيل لا تختلف حالها عن جلجولية من ناحية البنى التحتية والفوقية. هذا لا يعني أن سلوك النواب العرب على ما يرام فهناك الكثير من التدليس والثرثرة وتقديس الخطابات والمايكرفونات على حساب التنظيم الشعبي والنضال الميداني لدى بعضهم على الأقل.

فيلا بالغابة
لكن التوقعات المفرطة من النواب العرب وكأنهم وزراء وسلطة تنفيذية لا مبررات منطقية لها والعنوان للغضب على النواقص والتمييز هو واحد،الحكومة. ما قام به النواب العرب أمس من احتجاج على زيارة وخطاب نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس جدد النقاش حول التمثيل البرلماني هل هو لنا أم علينا ؟ كما قيل نحن عالقون وهم معنا والتمثيل في الكنيست لنا وعلينا. إسرائيل ستواصل استغلال وجود نواب عرب فيها لغايات دعائية حول ديموقراطية الفيلا وسط الغابة الشرق أوسطية. لاشك أن هذا مفيد لإسرائيل وحتى بينس نفسه رد على رفع اللافتات من قبل النواب العرب بالإشارة لـ "الديموقراطية الفوارة الحيّة".

مسجد برلماني
وهذا جزء طبيعي من الثمن المترتب على فعلنا السياسي مبدئيا وسبق أن برز ذلك بقوة يوم أقامت الكنيست مسجدا برلمانيا فيما واصلت اعتداءاتها على الأقصى. ولكن لابد من رؤية النقاط الإيجابية في التمثيل البرلماني بشكل عام وباحتجاج الأمس رغم التسرع بالكشف المسبق عن " المفاجأة " مما أفقدها بعض بريقها ومفعولها النفسي. يستدل من متابعة وسائل الإعلام الأجنبية أن جزيئية الاحتجاج نالت باهتمام أكبر من زيارة وتصريحات بينس. وخصصت شبكة السي إن إن في تقريرها مكانا لأقوال النائب أيمن عودة حول الدور الأمريكي الهدام للسلام وذهبت شبكة إن بي سي للتساؤل هل كان حراس الكونغرس سينقضون على نواب سود لو قاطعوا خطاب ضيف حل عليه ؟ في ظل الخذلان العربي والانقسام الفلسطيني الداخل والنفاق العالمي تنطوي عملية الاحتجاج الشجاعة هذه على شحنة أمل معنوية يحتاجها شعبنا بكل مكان لمواصلة المشوار. النقد يمكن أن يتحول لجلد للذات ونحن بحاجة لما هو أبعد من الكلام السهل المريح حول السؤال الجارف ماذا فعل النواب العرب.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

 

مقالات متعلقة