الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 21:01

لا لتزوير إرادة الشعب الفلسطيني


نُشر: 21/12/06 09:49

نعم، لقد نجح أبو مازن ومن حوله بما لم تنجح به إسرائيل نفسها منذ تأسيسها. نجح أبو مازن وبطانة المنتفعين التي تحيط به في وضع الفلسطينيين على حافة أول حرب أهلية، لا قدر الله. أو على الأقل إراقة الدم الفلسطيني بأيد فلسطينية، مهما قل هذا الدم أو كثر.
خطاب أبو مازن الذي أعلن فيه نيته التوجه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في حال لم تنجح جهود تشكيل "حكومة وحدة وطنية قادرة على رفع الحصار"، كان تصريحا بسفك الدم الفلسطيني. ولا يشفع لأبي مازن شلة "الإفك" التي كانت من حوله تصفق لخطابه التهكمي من حساب دماء الشعب الفلسطيني. فشلة "الإفك" تلك معروف هواها ومستخدمها والأجندة التي تسهر على تحقيقها في الساحة الفلسطينية.
أبو مازن يعلم أنه لا يملك حق حل المجلس التشريعي قانونيا. وهو يعلم أيضا أن ليس من حقه الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. بل وأكثر من ذلك نجده هو نفسه يقر بهذا في الكثير من تصريحاته وتصريحات شلة "الإفك" من حوله، ومع ذلك قرر خرق القانون، الذي صاغه مشرعو فتح أنفسهم عندما لم يترشح أحد ضدهم في انتخابات عام 1996. ورغم كل هذا دعا إلى هذه الانتخابات المبكرة، والتي تعني عمليا حل المجلس التشريعي، والتي هي ليست من صلاحيات مؤسسة الرئاسة أبدا. بل إن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عباس زكي، قال في لقاء مع قناة العالم يوم الاثنين (18-12-2006)، أن المجلس التشريعي السابق تحت سيطرة فتح، تعمد أن لا يعطي هذه الصلاحية لمؤسسة الرئاسة وذلك حتى لا يقوم الرئيس الراحل ياسر عرفات "بتفنيش" المجلس إذا اختلف معه. ومع ذلك يدافع زكي عن قرار عباس بحل هذا المجلس التشريعي، وذلك لأن أمريكا لا تقبل به. هذه ليست إضافة من عندي ولا هي تجن على "المناضل" عباس زكي، ولكنها عبارة خرجت من فمه.
لم يراع عباس أن مثل هذا القرار غير القانوني-الأصل أن يقال غير الدستوري ولكنه لا يوجد دستور فلسطيني إلى الآن-كان من المؤكد أن يشعل النار ويفجر برميل البارود كما حصل فعليا. فالرجل لا يمتلك التخويل القانوني اللازم، وبالتالي فإن من حق الطرف الآخر المتضرر من مثل هكذا قرار أرعن وغير مؤسس قانونا أن يرفضه. ولما كان كلا الطرفين يمتلكان القوة والرجال والسلاح، فالنتيجة الطبيعية هي حرب الإخوة وسفكهم لدماء بعضهم البعض. عباس برر قراره هذا بأن الفلسطينيين لا يستطيعون تحمل الحصار أكثر من ذلك، ونسي أنه وشلة "الإفك" من حوله أطراف في هذا الحصار. يتناسى أبو مازن أن أموال المساعدات العربية والإسلامية والتي جمعت أغلبها حكومة حماس، أودعت في حسابات الرئاسة، وذلك على أساس أن بنوك العالم، بقرار أمريكي، لا تتعامل مع حكومة حماس. فأين هي هذه الأموال؟ هل دفعت كرواتب للموظفين؟ كلا وقطعا، فهي لا زالت في حسابات الرئاسة، ومنها يتم تسليح وتمويل وتدريب حرس الرئاسة-بشكل جزئي لأن الميزانية والجهود الأكبر قادمة من أمريكا وإسرائيل وبعض الدول العربية-وذلك في أفق الاستعداد لحرب تتطلع لشنها على حماس. أيضا يتناسى أبو مازن أن بعض من كان حوله في خطابه سيئ الذكر، هم أنفسهم متورطون في التحريض على هذا الحصار. وكنت قد كتبت من قبل عبر ذات هذه الزاوية كيف دعا ياسر عبد ربه من واشنطن لاستمرار فرض هذا الحصار لإسقاط الحكومة الفلسطينية وحركة حماس. ما هو أبعد من ذلك، أن عباس وبطانة السوء من حوله، لا يقرون بحقيقة امتعاضهم من نجاح الحكومة الفلسطينية بتوفير حوالي مليار دولار من دول عربية وإسلامية، كفيلة بحل المعضلة المالية الفلسطينية. لقد عاد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية من جولته العربية والإسلامية بتعهدات تقارب المليار دولار، لا كسلفة، وإنما كمنحة للشعب الفلسطيني. وماذا كان جزاء هنية؟ جزاءه كان الحقد من قبل عباس وبطانته. حيث سارع عباس، حسب تأكيد الناطق بإسم الخارجية الأمريكية، وصحيفة معاريف الإسرائيلية، إلى الاتصال بالأمريكيين والإسرائيليين للضغط على مصر لمنع هنية من عبور معبر رفح وبحوزته 35 مليون دولار أمريكي. وبعد أن سمح لهنية بالدخول وحده دون المال الذي أودع لدى الجامعة العربية، سعت أجهزة أمن عباس إلى محاولة اغتياله، وهي العملية التي استشهد على إثرها مرافق له، وجرح فيها مستشاره السياسي.
أمر آخر أغاض عباس وزمرته. فخطاب حماس السياسي بدأ بالنضوج، وأوروبا استقبلت وفدا رسميا من حماس. وهذا أمر لا يعجب عباس، وذلك لأن اقتناع أوروبا-وربما أمريكا فيما بعد-بإمكانية قبول حماس مفاوضا يوما ما، سيعري ويكشف نهج "عصابة" أوسلو التفاوضي التفريطي. خطاب عباس، إن عبر شيء فإنما يعبر عن حقيقة عباس ومن حوله. ولاحظ الفرق بين خطاب عباس التصعيدي التفريقي وخطاب هنية الهادئ التجميعي. لقد استحق هنية عبر خطاب الرد على خطاب عباس، الصفة التي أطلقها عليه العديد من المراقبين من أنه "رجل دولة". 
عيب على عباس أن يتهم رئيس الوزراء الفلسطيني "بتهريب" الأموال. فمن يهرب الأموال معرفون لعباس وللنائب العام، وهم من قيادات فتح وكوادرها، والذين "اكتشف" أبو مازن فجأة بعد أن فازت حماس بالانتخابات التشريعية وجودهم، وأعلن نائبه العام عن سرقة 700 مليون دولار، تلاشى الحديث عنها بعد ذلك. لقد أفلح كل الناهبون من أعمدة ورموز السلطة السابقة في الهرب خارج البلاد. هؤلاء هم المهربون، لصوص لقمة وقوت الشعب، أما من يدخل الأموال إلى داخل أرضه المحتلة ليطعم شعبه ويكفيه مهانة السؤال فليس مهربا. وما حديث أبو مازن عن إبقاءه لباب تشكيل حكومة وحدة وطنية "قادرة على رفع الحصار"، إلا ابتزاز آخر. فحكومة "قادرة على رفع الحصار"، معناها حكومة مفصلة بالمقاسات الأمريكية الإسرائيلية، واللبيب من الإشارة يفهم.
عيب على عباس أيضا، أن يعلن في لقاءه مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في رام الله بأنه على استعداد للقاء جزار شعبه، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، في حين أنه يتعزز عن لقاء رئيس وزراءه، إسماعيل هنية. وعيب عليه كذلك أن يزعم بأنه فاز بـ 62,32% من التأييد الشعبي في انتخابات الرئاسة، أي أكثر من حماس التي حصلت على 57.6%في انتخابات التشريعي. ففي انتخابات الرئاسة لم تنافس حماس فتحا، لكي نقول أنها انهزمت أمامها. أما في انتخابات التشريعي فقد هزمت حماس فتحا. أما نسبة 62,32% فهي كذبة أخرى. ولعل أبو مازن ينسى أن نسبة التصويت في الرئاسة كانت بحدود 45%، صوت له منهم 62,32%، بمعنى آخر أن النسبة الكلية التي حصل عليها أبو مازن ممن يحق لهم التصويت هي بحدود 27%. دع عنك حقيقة أن لجنة الانتخابات مددت التصويت وسمحت بالتصويت بالبطاقة الشخصية وذلك بعد أن صدموا بتدني نسبة المصوتين. هذا كان الحال في الانتخابات الرئاسية. أما في انتخابات التشريعي فقد بلغت نسبة المشاركين 77.69% من كل من يحق لهم الانتخاب. فمن يترى يحق له فعلا ادعاء  التفويض الشعبي: الفصيل الذي ترشح وحيدا في ظل تدني نسبة المصوتين (سبب تدني نسبة المصوتين عدم مشاركة حماس بها) أم الفصيل الكبير الذي ترشح ضد الفصيل الآخر الكبير في الساحة فهزمه في ظل نسبة تصويت غير مسبوقة؟ أترك الجواب لكم.
في كل الأحوال، فإن كل ما سبق لا يغني من القول بأن دماء الشعب الفلسطيني أطهر من أن يعبث بها عابث أو أن يسفكها مجرم. قرار عباس هو قرار من لا يملك على ما لا يملك. ولذلك فهو قرار باطل. وكل دم سال أو أريق، وكل روح أزهقت، هي في رقبة من اتخذ قرارا أراد به إرضاء أعداء شعبه لا مصلحته. أبو مازن ليس هو الرجل الحريص على شعبه وقضيته، ويكفي أنه عير في خطابه أكثر من 8 ملايين لاجئ فلسطيني لأنهم لم يتغبروا بتراب فلسطين. أترى لا يعرف أبو مازن حقا أن هؤلاء ألـ 8 ملايين لا يملكون حق العودة!؟ أتراه نسي أن مستشاره الأسوأ والذي كان جالسا عن يمينه في خطاب "الإفك"، وأعني هنا ياسر عبد ربه، ألغى حق العودة للاجئين الفلسطينيين في اتفاقية العار المسماة "جنيف"!؟ والحمد لله أن عبد ربه ليس هو "الفعال المطلق"، وإلا لكان باع حتى المقاطعة في رام الله. أم تراه-أي عباس-لا يذكر أنه هو نفسه من عاش متنقلا بين القصور الفارهة بين عمان وبيروت وتونس، وصولا أخيرا إلى قصور رام الله وغزة!؟ فارروق القدومي، أحد الرموز التاريخية لحركة فتح ورجلها البارز، قال في مقابلة مع صحيفة القدس العربي (اللندنية) نشرتها يوم الأربعاء (20-12-2006)، بأن أبو مازن لم يكن مناضلا ولا ثوريا يوما، وبأنه لم ينم في كهف من قبل ولم تتغبر قدماه في النضال الفلسطيني، حيث قضى حياته "الثورية" مرفها معززا في القصور والمتاع. أوبعد كل ذلك يعير أبو مازن أبناء شعبه المشرد والذين يعيش أغلبهم حياة بؤس وفقر وحرمان وضياع بدون وطن يحلمون به وأجهضه هو!؟. أم لعل أبا مازن نسي تصريحاته في قمة العقبة التي جمعته عندما كان رئيسا للوزراء-يصارع عرفات على ذات الصلاحيات التي يعزها على هنية اليوم-في حزيران/يونيو 2003 مع كل من جورج بوش وأرئيل شارون، والتي اعتذر فيها عن عذابات اليهود التاريخية، وكأن الفلسطينيين هم المسؤولون عنها. فكان أن أكد بوش بناء على هذا التصريح الأحمق، بأن من حق إسرائيل أن تعيش كدولة "يهودية". يعني بمعنى آخر ضاع حق العودة بالنسبة لمعظم اللاجئين، إلا إذا كان أبو مازن يمتلك أن يحرر أرضهم بالقوة ويعيدهم إليها!.
لا يا عباس. فبإسم قضيتنا أصبحت ميليونيريا أنت وشلة "الإفك" من حولك. وعلى ظهورنا أصبحت رئيسا ورمزا. ولكننا لن نسمح لك هذه المرة بأن تريق دمائنا وتزهق أرواحنا وتضيع قضيتنا بزعم مصلحتنا. لقد تكلم الشعب الفلسطيني في الانتخابات الأخيرة. ولا يغير الواقع إلا قرار الشعب في انتخابات في موعدها المقرر. أما رهانك على تصويت الجائع المفلس، واستغلال ضنكه وعوزه، لتضيع القضية ومصالحها من أجل مصالحك ومصالح بطانة سوءك فأمر ينبغي أن لا يحدث أبدا.
من واجب حماس أن تحمي قرار الشعب الذي وثق بها وأن تدافع عن إرادته. ومن حق الشعب الفلسطيني أن يسقط حماس في الانتخابات القادمة ويأتي بفتح أو بغيرها، وذلك إن لم تكن حماس بمستوى المسؤولية وأمانتها، وهو أمر يحدده الزمن ويقرره الشعب لا فتح وإسرائيل وأمريكا، وبعض حلفائهم في المنطقة. ففلسطين ليست حماس وفتح. ومثلما أصبحت حماس وفتح قطبي رحى الساحة الفلسطينية بقرار وتأييد الشعب الفلسطيني، فمن حقه أن يلغي هذا الامتياز لهما. فكلا الفصيلين، بل وكل الفصائل مجتمعة، لا ترث الشعب الفلسطيني وتحتكر صوته، بل تتحرك بقرار تفويض منه. وهذا التفويض أعطي اليوم لطرف، وينبغي أن يحترم قرار الشعب هذا إلى حين انتهاء أجله.
نحن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية تخدم فلسطين ومصلحة شعب فلسطين، لا حكومة وحدة وطنية لتخدم مصالح إسرائيل ومن يقف وراءها. ومن يريد غير ذلك "فليشرب من بحر غزة"، كما كان يقول الرئيس الراحل ياسر عرفات، رحمه الله. 

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
237747.28
BTC
0.51
CNY