الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 22:01

وماذا يضير الإسلام أأسلم أم كفر؟


نُشر: 04/09/08 07:37

تناولت وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية وبعض العربية، بإسهاب مشبوه في دوافعه وأهدافه، قضية تنصر نجل القيادي الحمساوي الأسير في المعتقلات الإسرائيلية، الشيخ حسن يوسف.
الصحافة الإسرائيلية كانت أول من كشف الخبر قبل أسابيع.. خبر تنصر مصعب والمقيم حاليا في كاليفورنيا. حينها، ردت عائلته المقيمة في رام الله في الضفة الغربية المحتلة، ببيان تنفي فيه هذه الأنباء، خصوصا وأن بعض الأبواق الإعلامية المحسوبة على حركة فتح بدأت تروج للخبر وتحتفل به، ووجدت فيه مأتما ضائعا تبحث عنه وترتجيه لتشبع فيه نفسها نحبا، ووجها لطما، وشعرها شدا، وذلك في سياق صراعها المحموم مع حركة حماس. وغاب عن تلك الأبواق الساقطة، أن خبرا كهذا، إن صح، على أساس أنه كان في حينها مجرد "إشاعة"، فإنه يمثل قضية انتقاص من الإسلام، والذي هو دين فتح كما هو دين حماس، لا انتقاصا من حركة حماس فحسب. أقول هذا الكلام، ذلك أن المقابلة التي نشرتها إحدى الصحف الإسرائيلية مع مصعب، والتي كانت إلى حينها مجرد خبر غير مؤكد بعد، حمل هجوما من قبل مصعب على الإسلام، أكثر مما حمل هجوما على حماس، كما أنه هاجم الفلسطينيين ودافع عن إسرائيل المحتلة لهم، أكثر مما كان نقده منصبا على الإسلاميين.. والأولى كان أن يكون مثل هذا الكلام مدعاة للوقوف صفا واحدا لرد هذه الإهانات التافهة للإسلام وللشعب الفلسطيني والمنسوبة إلى مصعب حينها، بدل أن تستخدم وتوظف في سياق معارك فصائلية وحزبية هامشية. على أي حال، ليس هذا هو الموضوع الأهم في هذا السياق.
كنت رفضت منذ البداية أن أكتب عن الموضوع أو حتى أن أتابعه وذلك بعد أن تلقيت بعض الطلبات في المسألة. وكان منطقي في ذلك أن مصعب هذا أتفه من أن يرد عليه، والإسلام أعظم وأكبر وأجلُّ من أن ينتقص صعلوك مثله منه. وحتى عندما ظهر مصعب على قناة "فوكس نيوز" واحتفلت بردته أبواق الإعلام اليميني الأمريكي المتطرف والقنوات التبشيرية العربية، لم أجد في أيّ من ذلك دافعا للاهتمام بموضوعه. مرة أخرى لأن من هو مثله لا يستحق الاهتمام أصلا. ولكن من أسف، فإن كثيرا من أبناء جاليتنا هنا احتل الأمر لديهم حيزا واسعا في تفكيرهم. فما من سفرة لي إلا وسألت فيها عن أمره، ومرة بعد مرة أتلقى اتصالا حول موضوعه وضرورة تغطيته، ولولا هذا التضخيم الذي يتعاطى به البعض مع هذه القضية التافهة لما "حَقَّرٌتُ" هذا القلم بمثل هذا الموضوع.
بداية ينبغي أن أوضح مسألة هامة، ألا وهي أني عندما أحيل أو أشير ببعض العبارات السلبية أو المنتقصة من مصعب هذا، فإني لا أفعل ذلك لأنه غير دينه وارتد عن الإسلام، ولا كذلك لأنه هاجم حماس. إن صاحب هذه السطور مؤمن كل الإيمان بأن حرية التدين مكفولة للجميع إسلاميا. "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف: 29).  ويقول القرآن الكريم مخاطبا الرسول الأعظم والأكرم محمد صلى الله عليه وسلم: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (يونس: 99). وكذلك: "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" (البقرة: 272). ولكن سبب الإحالات السلبية هنا إلى ذلك الشخص أنه لم يكتف بتغيير دينه، سواء أكان ذلك لقناعة أم مصلحة، بل إنه أطلق سيلا من الشتائم والاتهامات الكاذبة على الإسلام والقرآن الكريم والرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم. إن انتقادات ذلك الصعلوك للإسلام لم تكن انتقادات موضوعية، سواء اتفقنا معها أم اختلفنا حولها، بل إنها كانت جملة من الأكاذيب والترهات والتطاول لإرضاء من غير دينه من أجل إرضائهم.. وهذه مسألة أخرى.
لقد اُسٌتُغِلَ وضع ذلك الرويبضة كابن لقيادي إسلامي بل وحمساوي كذلك، لوصم الإسلام وقرآنه ونبيه بكل نقيصة ووضيعة. هذا ما يبرر عندي تحقير هذا الشخص، لا ارتداده عن الإسلام بحد ذاته. ولنا في القرآن الكريم عبرة لكل معتبر. فالقرآن لم يتردد في تسجيل، بل وحتى تفصيل كل شبهة أثيرت حول الإسلام، بل وحول الله عز وجل نفسه وله المثل الأعلى. ولأن القرآن كلام الله، فإنه كان انعكاسا لتلك الثقة في طرح الشبهات والرد عليها وتفنيدها. هذا هو منهج الإسلام... إنه المنهج المتين الراسخ والذي لا يخشى "ذباب" التشكيك الطائر هنا وهناك. نعم، ثمة فارق شاسع بين التشكيك والنقد والذي هو حق لأي إنسان، وما بين الشتيمة والانتقاص من دين عظيم يعد أتباعه بمئات الملايين. وهذا المنهج ينسحب على أي دين أو ملة، وليس على الإسلام فحسب. إن القرآن الكريم واضح في تعاليمه الربانية السامية في هذه المسألة. فهو يعلمنا مثلا أن الجدال مع غير المسلمين ينبغي أن يكون بالتي هي أحسن: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (العنكبوت: 46). وبأن أي حوار مع غير المسلمين ينبغي أن ينطلق من المتفق عليه أولا لا المختلف فيه: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (آل عمران: 64). وأبعد من ذلك، فإن القرآن يعلمنا أن الشتيمة لا تكافئ إلا بشتيمة، ولذلك نهينا عن سبِّ ما يعبد غيرنا: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأنعام: 108).
وعودة مرة أخرى إلى تأثر الكثيرين من ردة هذا الشخص وتوترهم بسببه وتضييع وقتهم في نقاش مسألته. إنني على يقين بأن أولئك قد سقطوا في هذا المستنقع الضحل غيرة على دينهم، خصوصا وأن لوالد هذا الشخص مكانة إسلامية سياسية رمزية مرموقة. ولكن ينسى أولئك، أن هذا هو بالضبط المطلوب من شَهٌرِ قضية هذا الشخص المفلس دينا وخلقا إعلاميا. إن من يقف وراءه يريد إحداث بلبلة في صفوف بعض الفلسطينيين تحديدا، وبعض المسلمين بشكل عام، وهم بتأثرهم بهذا الموضوع واهتمامهم به فإنما هم يسهمون بإنجاح هذا الهدف. هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية، فإنهم ينسون أن الإسلام أكبر من حماس وكل الحركات الإسلامية وأكبر من المسلمين جميعهم، بل وحتى أكبر من محمد نفسه صلى الله عليه وسلم. فليس منهم من أحد من هو حجة على الإسلام.. بل إن الإسلام حجة عليهم وعلينا جميعا. نعم، إن قرآننا يعلمنا أن شخص الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم مركزي في سياق التبليغ فحسب. ومن كان لديه شك في ذلك فليقرأ كتاب الله من أوله إلى آخره وليأت بآية واحد تذكر الحبيب صلى الله عليه وسلم خارج سياق الرسالة التي هو مأمور بتبليغها. "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" (آل عمران: 144). "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" (الأحزاب: 40). "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" (الفتح: 29). "تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ" (الحاقة: 43-47). فإذا كان رسول الله، على علو مكانته وعظمتها، مجرد مبلغ مؤتمن على الرسالة، لا على صيرورتها ومستقبلها، فكيف يهتز البعض بكفر كائن من كان!؟
مرة أخرى، ما ينبغي لقضية تافهة كهذه أن تهز أركان البعض وتزلزل إيمانهم.. وهم الحمد لله قليلون جدا. تذكر بعض الروايات أن بعضا ممن كان يتبع الرسول الأعظم ارتد عن دينه بعد حادثة الإسراء والمعراج... ترى كم أثر ذلك في مسار صيرورة الإسلام!؟ لا شيء... ووقائع التاريخ المثبتة هي شاهدنا هنا. وترى مَنٌ مِنٌ أولئك النفر الذين ارتدوا سجل التاريخ أسمائهم في سجل العظماء!؟ لا أحد. نعم، هذا هو الناموس الرباني: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا" (الكهف: 29). 
إن كتاب الله يعلمنا أن الهداية من الله: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (يونس: 99). أيضا، لم ينتقص كفر زوجا نوح ولوط عليهما السلام من إيمان النبيين الكريمين ومنزلتهما الرفيعة، ولم يكن ذلك دليل فشل لهما: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ" (التحريم: 10). أفهم أن يصعق الأهل بردة ابنهم عن الدين الحق كما نؤمن ونتيقن نحن المسلمون، ولكن ينبغي أن نبقى دائما على منهج الله في كل شيء، وهذا هو حكم الله كما نتعلمه من قصة نوح عليه السلام مع ابنه الذي كفر ورفض أن يركب فُلٌكَ النجاة مع أبيه فكان مصيره الغرق والإهلاك مع من كفر: "وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (هود: 45-47). وذات المنهج الرباني يعلمنا في خطابه للحبيب المصطفى: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر: 97-99). وهو ذات المنهج الرباني في خطابه للحبيب أيضا: "أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" (فاطر: 8).
ومرة أخرى، يعلم الله أني ما أردت أن أكتب في هذا الموضوع ولا حتى أن أتطرق إليها تصريحا أو تلميحا، لأنه أتفه من أن يشار إليه أو إلى صاحبه.. ولكن عفا الله عمن خُضَّ بسبب هذا الأمر فاضطرني إلى الكتابة فيه، ومن ثمَّ شَهٌرُ ذلك الصعلوك الرويبضة وقضيته. وكلمة أخيرة... "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ" (فاطر: 10). 

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
236981.48
BTC
0.51
CNY