الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 03:02

عزمي بشارة..لماذا تركت التجمع وحيدا


نُشر: 22/08/08 07:31

بعد الكشف عن وثائق خاصة بالتجمع الوطني الديموقراطي سارعت القيادات(معظمها) باللجوء ل"نظرية المؤامرة" لتفسير كل شيء بتحميل الآخرين بالتهم وإعفاء الذات منها.
وتعامت قيادة التجمع في البلاد عن رؤية حق "كل العرب" (و"حديث الناس" لاحقا بنشرها عن لجنة تحقيق داخلية) وسائر الصحف عن نشر مستندات هامة كهذه لها أن تطلع الجمهور الواسع على الحالة الراهنة للتجمع وما يدور فيه بعد غياب قائده د. عزمي بشارة.
ليس هناك مكانا  لتفهم  ردود الفعل الغاضبة والاتهامات الغبية الموجهة للصحف عقب النشر فالتجمع حزب جماهيري، لا طريقة صوفية أو طائفة دينية مغلقة، ومتابعة فعالياته وتفاعلاته الداخلية حق وواجب ومسألة بديهية الإسهاب فيها يقع ضمن توضيح الواضح.
وبكيل التهم للصحف والصحافيين واتهامهم بالوقوع في شراك الشاباك يبث التجمع رسالة هامة تعني أنه يتخبط في أزمته ولم يفلح بعد بالإفلات من صدمة الغياب وتبعاته ويمضي في طريق وعرة.
كما أن  التشبث بنظرية المؤامرة والضغط السريع على زناد التهم للآخرين على غرار الحالة المطروحة يكشف عن خلل بنيوي في التجمع الوطني منذ سنوات ومن قبل مغادرة قائده يتمثل بضيق الانفتاح والشفافية وبقلة أكسجين الديموقراطية رغم تسميته بها.
رغم كل الاختراعات الطبية والعلمية لن تتوفر في أي صيدلية في العالم حبة دواء تعيد للتجمع ثقته وشعبيته وهيبته التي تليق به كحزب وطني وقومي سوى مراجعة الذات وحساب النفس أولا نحو إصلاح حقيقي لما تعطل وضعف وجاء غياب بشارة ليكشفه ويعمقه لا ليسببه فحسب.
ولمن يبحث عن الحياة والطريق الآمن لتحقيق الأهداف المشتهاة لا بديل عن بناء المؤسسات الحزبية والقيادة الجماعية والمزيد من الشفافية وإشاعة الانفتاح على من هم خارج التجمع بل حتى على أصدقائه.
رغم كل أخطائه بحق نفسه وحق حزبه والآخرين لعب عزمي بشارة دورا هاما وطليعيا في السياسة والثقافة بالساحتين الفلسطينية والعربية وفي رعاية مشروع ترتيب صفوف المواطنين العرب نحو جعلهم أقلية قومية ناضجة.
رغم المآخذ على ما صنعه بيده ميسّرا عملية إقصائه من البلاد ورغم الرسالة السياسية السلبية الكامنة برحيله ما زلت أرى به في كثير من المناسبات سفيرا للمواطنين العرب في الوطن العربي والعالم. هناك مكتسبات وميزات لا يستطيع حتى خصوم بشارة بخسها أو طمسها في كل الظروف.
لكن المستندات الداخلية المنشورة تؤكد ما كان معروفا بأن بشارة ما زال يشد بكل خيوط الحزب بجهاز تحكم عن (لحد الاهتمام بنشر مقال في صحيفة) بعد رغم تصريحه بأنه يتقلد منصبا فخريا ليس إلا..
وفي ظل حضوره المهيمن رغم غيابه تتكرس الأزمة الداخلية بدلا من محاصرتها. حينما تبقى مفاتيح الحزب بيد رجل واحد يعني وضع البيضات بسلة واحدة والمغامرة بمستقبله وهذا ما حصل في ربيع 2007 وهذه هي  قصة تجارب تاريخية مشابهة أبرزها الناصرية التي غابت بغياب مؤسسها جمال عبد الناصر.
وهكذا هي قصة الشهيد عبد الحاج محمد قائد ثورة 1936 الذي شكل رحيله ضربة للثورة لا لمركزية شخصيته القيادية فحسب إنما لأن البريطانيون ضبطوا معه فور استشهاده في صانور عام 1937 وثائق الثورة  وأسماء الثوار وميزانيتها.
تقتضي مصلحة الحزب تحريره من القيود والمراقبة حتى يقوى على التنفس برئتيه هو فيرى ما هو مناسب له وللجمهور بعيون قيادته الجماعية بما في ذلك عزمي بشارة.
وعلى خلفية ما حدث لن تتأتى عملية الإصلاح دون إيلاء الناحية التنظيمية حيويتها المستحقة فالأمين العام للحزب عوض عبد الفتاح غير قادر على ضبط الناحية التنظيمية والقيام بالمهام المنوطة به وحان الوقت لاستبداله.
منذ أن أسندت له الأمانة العامة بقي عبد الفتاح ظلا لرئيس الحزب وموظفا في  الحزب مستنكفا عن  بناء الفروع، تفعيلها، تطويرها، وربط القواعد بالقيادات وتنشيط العمل الميداني الجماهيري وبناء الموازنات الحيوية بين رئيس قوي ومهيمن على الحزب وبين سائر مركباته.
حتى الآن يرتدي عبد الفتاح زيا لا يلائمه فهو مصنوع من مادة لا تصلح للتنظيم والقيادة الجماهيرية بقدر إجادة التنظير وهذه وظيفة هامة يجدر إسنادها له بعد إعفائه من الأمانة العامة.
بعد عشر سنوات على تأسيسه نشر التجمع حبوب خطابه القومي مؤثرا على الوعي والهوية لدى قطاعات واسعة تتعدى مقاساته بل طرح تحديا كبيرا ليهودية الدولة وأطلق المعركة لتغيير جوهرها لكنه لم يستكمل العملية بترجمة الخطاب لمشاريع عملية على الأرض.
وتدلل تجربة التجمع أيضا أن القضية العادلة والمواقف النبيلة بحاجة هي الأخرى لمحام ماهر يحسن المحافظة على المؤمنين بها وتوسيع دائرتهم.
منذ تأسيسه لازمت أوساط واسعة في قيادة التجمع نزعات مضرة لعبت وظيفة ماكنة التدمير الذاتي تجسدت بالنبرة الاستعلائية، الإقامة بأبراج نخبوية، المزاودة على المنافسين والأصدقاء أحيانا وإشعال المعارك الجانبية غير المجدية.
ولمن يبحث عن العينات نورد بعض التساؤلات لا كافتها لكثرتها فكيف سمح التجمع لنفسه باستبدال النقد المشروع  لمحمود درويش العام الماضي بالقدح والردح والسقوط بمستنقع الإهانات الشخصية واتهامه ب"بطاقات الخمسين شيكل" وهو بمثابة وجدان الناس بل أيقونتهم المعلقة في سويداء القلب رغم مواقفه السياسية المتهادنة جدا.
وكيف يمكن أن يطور التجمع نظرية " الخط الأحمر" لاستبعاد النائب أحمد الطيبي عن قائمة تحالفية محتملة وهو أول من حالف الطيبي عام 1999؟ فهل كان الطيبي مختلفا عما كان عليه بعد التحالف معه؟ وهل التحالف مع" العمل" في هستدروت الناصرة أكثر حلالا؟
لماذا يتم التوقيع على "شيكات" دون التفكير مليا بقسوة صرفها واستحقاقاتها كتحصين المكان الثالث في قائمة التجمع لسيدة في ظل أوضاع وحساسيات داخلية وعامة معقدة لا يعرف غير الله كيفية الخروج منها؟
لماذا طغى  البرلماني على الميداني والتعويل على مهرجانات تبدو استعراضية بين الفترة والأخرى؟ لماذا ابتعدت أوساط سياسية وثقافية هامة عن التجمع آمنت بفكره، بعضها انتظم بصفوفه وهل جرت محاولة لمد الجسور معهم؟
المفجع أن هناك العشرات من مثل هذه الكوادر-الطاقات ما زالت تؤمن بفكر التجمع وتتحفظ على تطبيقه وعلى ممارسات الحزب وتؤثر التنحي جانبا وهي قادرة على إثراء الحزب وشد أزره وتعزيز قواه عندما يضع حدا ل"صناعة الخصوم والأعداء" مجانا. يمثل التجمع فكرة وتنظيما طاقة مهدورة تفاقم هدرها بمغادرة عزمي لكن الطريق للنهوض موجودة إذا ما قررت قيادته الإقلاع بتعاون وإعادة ترتيب البيت بصدق.
كيف يمكن التوفيق بين العلمانية  البحتة لبعض الشخوص الساكنة في عليّة البرج العاجي للحزب مع طموحات التحالف مع الشق الجنوبي للحركة الإسلامية ؟
وثمة سؤال يسأل للنائب زحالقة حول تعويله على الخوض في قضايا فكرية تتبع حالة الرفاهية للمجتمعات كالفيمينيزم وعلم الجيولوجيا والهزات الأرضية بدلاً من التعويل على بناء نفسه وريثاً جديراً لعزمي بشارة في قيادة الحزب ؟ 
على التجمع الإسراع بالتخلص من أدران انتهازية طالما  دربت أنوفها على شم رائحة "البزنيس" والسعي لتحقيق المكاسب الشخصية باستخدام وسائل الفهلوية والضحك على الذقون ود. باسل غطاس ليس وحيدا من هذه الناحية. كذلك على التجمع التنبه للضرر الفادح الناجم عن علاقته ببعض الجمعيات الدائرة في فلكه والتي فشلت في تحقيق أهدافها رغم الميزانيات الضخمة في حساباتها، وبعملية حساب بسيطة يستنتج المراقب أن كفة الخسارة ترجح بقوة على كفة الربح.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
234983.17
BTC
0.51
CNY