الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 14:01

حكاية حصان عمر بقلم: سعد جرايسي

العرب
نُشر: 21/08/08 16:59

كان يا مكان، في قديم الزمان، ولد صغير واسمه "عمر"، كان يسكن مع جده قرب الغابة في بيت صغير وبجانبه ارض مزروعة وعنده عدد من الحيوانات.. كان لديهم حمار وحصان، عنزة وخروف، كلب وقطة، وعدد كبيرة من الدجاج.
"عمر" كان يحب أكثر شيء إطعام الدجاج، فكل صباح، قبل ذهابه إلى المدرسة كان يأخذ لهم الطعام والماء، وبعد أن يبدأ بمناداتهم: "تيعا، تيعا، تيعا".. كان يلقي لهم بالأكل ويملأ دلو الماء لكي يشربوا وبعدها يذهب إلى المدرسة.
وعندما يعود من المدرسة، كان يحضر دروسه أولا ويتناول وجبة الغذاء وينظف الأواني، ثم يذهب لسقي الأرض الزراعية وإطعام الحيوانات ومساعدة جده بما يطلبه منه.

عندما اقترب عيد ميلاد "عمر"، أراد جده مفاجأته في عيد ميلاده، ولهذا أقام له حفلة كبيرة، دعي إليها معلموه وأولاد صفه وأصدقائه وجيرانه.
خلال الحفلة تلقى "عمر" الكثير من الهدايا من العاب وكتب، لكن الجميع انتظر هدية الجد.
وبعد إطفاء الشمع وتقطيع الكعكة واكلها وفتح الهدايا وترتيبها، رفع الأولاد "عمر" ثلاث مرات، كما هي العادة وبعدها بدأ الجميع بالسؤال عن هدية الجد، طلب الجد من "عمر" بأن يفتح باب البيت ويرى ما ينتظره خارج الباب.. ذهب "عمر" بسرعة، يلحقه الجميع إلى خارج البيت وهناك شاهدوا حصان لونه ابيض يقف في ساحة البيت.
صفق الجميع لجمال الهدية وخصوصا "عمر" الذي جرى أولا إلى الحصان وضمه ومن ثم إلى جده يضمه ويقبله ويشكره على الهدية.
جده أوصاه بأن يهتم جيدا بالحصان، واخبره بأنه من فصيلة جيدة وعليه إطعامه وتدريبه وتنظيفه باستمرار، وعندما يكبر، سيكون له حصان أصيل وذكي.
وهكذا كبر "عمر" وكبر الحصان معه وأصبحا صديقين لا يفترقا، وأحيانا كان ينام بالإسطبل بجانب حصانه، ولم يمض وقتا حتى بدأ "عمر" بالذهاب إلى المدرسة راكبا حصانه الأبيض.
في احد أيام الشتاء العاصف، أراد "عمر" الذهاب إلى المدرسة صباحا.. جده نصحه بأن يبقى في البيت لسوء حالة الطقس، لكن "عمر" رفض، لأنه لا يحب التغيب عن المدرسة. فنصحه جده بالسير رويدا، رويدا، لأن الطريق غير صالحه للجري مع الحصان.
سمع "عمر" نصيحة جده، لكنه عندما وصلا إلى أعلى التلة المجاورة للمدرسة رعدت السماء وأبرقت، فجفل الحصان وتزحلق ووقع هو و"عمر" في الوادي.
بعد إن صحي "عمر" من تأثير الصدمة، بدأ بالتفتيش عن حصانه، ووجده بعد عدة أمتار لا يقوى على الوقوف، فحاول عدة مرّات مساعدته للوقوف، إلا انه لم ينجح وتأكد بان رجل الحصان قد كسرت.
بدأ "عمر" يفكر بحل سريع لهذه المشكلة، وبسرعة خطرت على باله فكرة، فقام بكسر فرعين من الشجرة القريبة، ثم فك حزامه وربطه مع الغصنين على جنبي رجل الحصان المكسورة وبدأ يساعد الحصان على النهوض، وبعد عدة محاولات استطاع الحصان الوقوف على رجليه، وبدأ سوية بالسير البطيء معه إلى القرية المجاورة. وهناك ساعد الطبيب على تنظيف الحصان والتمهيد لوضع الجبص على الرجل المكسورة.
مدح الطبيب "عمر"، على تصرفه، وأوصاه بالاهتمام أكثر في الحصان خلال هده الفترة، إذ يجب على الحصان إن يبقى نائماً لمدة أسبوعين.. وخلال هده الفترة نقل "عمر" سريره إلى داخل الإسطبل وبقي بجانب حصانه يعتني به وينام بقربه وبعد مرور أسبوعين، حضر الطبيب وفك الجبص عن رجل الحصان، وعندما رآه يمشي، تأكد بأنه شفي.. سر "عمر" بنجاح العملية وركض باتجاه حصانه وضمه إلى صدره.
بعد مرور عدة سنوات، وفي احد أيام الربيع، كان "عمر" يجري في الغابة مع حصانه، كعادته كل يوم، لكن "عمر" في ذلك اليوم أراد الجري بسرعة كبيرة، وركض الحصان معه، وإثناء ذلك، اصطدم "عمر" بإحدى فروع شجرة كبيرة، فوقع عن الحصان، ونزف الدم من رأسه.
توقف الحصان ورجع إلى حيث وقع "عمر" وأخذ يهزه من رجله، لكن "عمر" لم يتحرك، تلفت الحصان إلى كل الجهات وعندما لم يجد أحدا يستطيع مساعدة صديقه "عمر"، تركه وأخذ يركض بسرعة نحو البيت وعند وصوله اخذ يصهل بصوت عال.
خرج الجد عند سماعه صهيل الحصان، ولما رأى الحصان لوحده، فهم بأن حادثا ما جرى لـ"عمر"، فركب عليه وأمره بأن يأخذه إلى "عمر"، وعندما وصلا نزل الجد عن الحصان وضمد جراح "عمر" وحمله على الحصان وذهبا بسرعة إلى طبيب القرية.
وبعد إن عالج الطبيب الجرح نقل "عمر" إلى البيت، وبقى نائما لمدة أسبوع، وخلال هذه الفترة بقي الحصان واقفا خارج البيت ينتظر خروج "عمر".
بدأ "عمر" بالصحو من غيبوبته، وبقي على هذه الحال عدة أيام حتى استطاع يوما إن يقف بجانب السرير ومشي عدة خطوات باتجاه شباك الغرفة، وعندما رآه الحصان بدأ بالصهيل والجري السريع تعبيرا عن فرحه، إذ فهم انه قد شفي من الحادث الأليم.
وبعد الحادث ازدادت العلاقة بين الحصان و"عمر"، وصارت علاقتهم حكاية على كل لسان، بداية في القرى المجاورة، وبعدها انتقلت إلى القرى البعيدة، وقد تناول هذه القصة كل الأجيال بحيث انتقلت قصة علاقتهم من جيل إلى جيل، حتى يومنا هذا.

مقالات متعلقة