Share this link via
Or copy link
أصدقائي كلاب وأنا ايضا: حزب الكلاب
مهيب البرغوثي - أصدقائي كلاب وأنا ايضا: حزب الكلاب الضالة
الشارع مطفأ سوى من بعض الإنارة.. تتوسطه خمسة كلاب، فجأة انزوى كلبان وأخذا يداعبان بعضهما بعضا بعتمة تفوق متعة الجلوس وحيدا علي شرفة المنزل الساعة الخامسة صباحا من يوم كهذا، مع كأس من القهوة ونرجيلة تمباك عجمي.
أخذت الكلاب الأخرى بالنباح بصوت متقطع، فعرفت ما معناه أنها تحتج على الخلوة التي قام بها صديقاهما واعتبراها خيانة قد تمت وان كانت مبررة فهي غير مقبولة في وقت العمل.
اعود يوميا في تمام الساعة الرابعة صباحا من عملي اصنع القهوة واعد النرجيلة، حينها تبدأ الكلاب بالتوافد، يأتي الكلب الاحمر، وهو على ما يبدو زعيمهم، ثم تاتي الكلبة وقد سميتها المسعورة لانها مشاع للجميع، وصوتها لا يسكت بتاتا، ثم الابيض والاسود، ولهذا الكلب قصة حزينة فقد خطف أطفال الحي جراءه، وهو كل يوم يمشي حزينا وكلما سمع نباحا يأخذ في البكاء على جرائه دون انقطاع، واخيرا يشرف كلب وصديقته، فتبدأ الحفلة ويبدآن بقمامة الحارة، ولسوء الحظ، فمعظم سكان حارتنا من موظفي الدولة؟
وكم مرة تحدثت وانا عائد مع (بول) زعيمهم حول اهمية اقتسام شارع الارسال ودسامة قاطنيه، لكنه لم يأخذ برأيي كأنه مثلي لا يحب ما ليس له.
وقد حدث مرة ان جمعتني مع هذه الكلاب مأدبة، وقد حدثت مشادة حول قطعة لحم، حيث ادعى بول انها في منطقته فيجب ان تعود له، وانا ادعيت ان لا مكان لي، فكل شيء مباح، وبعد جدال تدخلت الكلاب من المناطق المجاورة، وحدث صلح ووقعنا اتفاقية شرف كان اهم بنودها:
1 ـ عدم عودتي للحاوية مرة اخري كونها في شارع غير الشارع الذي اقطن فيه.
2 ـ أن نقتسم الشوارع بيننا، لي 3 شوارع و10ساعات، ولها 20 شارعا وما تبقي من الوقت.
3 ـ إذا حدث وجاء عندها ضيف علي ان اتقبله مرغما، واذا جائني ضيف علي ان اطلب اذنها؟
4 ـ إذا ما كانت قطع اللحم كثيرة او كبيرة اثناء الوقت المخصص لي؛ علي ان اقتسمها معها.
5 ـ عليّ أن احترمها أثناء لعبها، فلا امر من أمامها حتي وان كانت نائمة، وغير مرة احتج الجيران على هذه الصداقة التي يعقبها ازعاج يومي، لكن قلت لهم ان النبي عليه افضل الصلوات والسلام كان قد اوصي بسابع جار فكيف من يقاسمك الشارع والقمامة؟! وفيما بعد عرفت ان الجيران كان احتجاجهم علي وليس علي الكلاب.
في الخامسة صباحا من كل يوم اجلس ما يقارب الساعة علي شرفتي، وأتعلم درسا في الحرية والفوضي من أجمل واصدق من رأيتها تتقن متعة الحياة، إنها كلاب رفضت أن تعيش في بيوت مرفهة، ورفضت أن تكون لعبة لأي طفل في الأرض، بعد إن سرقت جراؤها وبيعت لتتوزع في إرجاء الوطن.
ولهذا قررت أن أكون حزبا واسميه حزب الكلاب الضالة ، بعد ان تاهت السبل بنا وبالأصدقاء، فمات من مات وسرقت الدنيا من سرقت وأعطت من أعطت، وتماما مثل أي كلب ضال أحب حريتي ومستعد أن ادفع رأسي ولا أن اخسر ضحكة مهما كانت صغيرة، لذلك اجلس علي شرفتي بعد أن أعود في الخامسة صباحا من عملي، معطيا الحرية للكلاب أن تمنعني أو تسمح لي بان أمر، إنها كلاب حرة، وهل علي هذه الأرض مهما صغرت أو كبرت إنسان حر؟