الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 23:02

التغيير الفرنسي المقبل إزاء بشار الأسد/ بقلم: رندة تقي الدين

كل العرب
نُشر: 25/01/17 08:43

رندة تقي الدين في مقاله:

على المعارضة السورية الديموقراطية أن تبدأ التفكير بالبديل لأن فرنسا بعد هولاند ستتخلى عنها لسوء حظها وحظ الشعب السوري

المعارضة السورية خاسرة، لكن بشار الأسد خاسر أيضًا لأنه سيبقى تحت نفوذ روسيا وإيران و «حزب الله». ومستقبل المنطقة حالك في ضوء هذه التغييرات

مع انتهاء عهد الرئيس فرنسوا هولاند وتولي دونالد ترامب رئاسة أميركا، هناك أمر محزن ومخيب للأمل بدأ ينكشف بالنسبة إلى سورية: تغيير القيادات في دول الغرب المهمة سيؤدي بها إلى الوقوع في فخ استراتيجية بشار الأسد في حربه على شعبه منذ عام 2011، والمرتكزة على مبدأ: إما أنا أو «داعش» والإرهاب والخراب.

إن التغيير في فرنسا إزاء الوضع السوري آت. فتصريحات المرشحين الأوفر حظًا في السباق الرئاسي الذي سيتم في أواخر نيسان (أبريل) المقبل تشير إلى ذلك وإن اختلفت بعض الشيء في أسلوب التعامل مع الملف السوري. فالعودة إلى الحديث مع بشار الأسد أصبحت قاسمًا مشتركًا بين المرشح اليميني رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون والمرشح إيمانويل ماكرون الذي كان وزيرًا في عهد هولاند وأنشأ تيار «إلى الإمام»، ومرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن ومرشح أقصى اليسار جان لوي ملانشون.

كل هؤلاء يرون أنه لا يمكن تجاهل بشار الأسد وأي مسار سلمي ينبغي أن يكون عبر مفاوضات يشارك فيها الرئيس السوري. فيون غيّر مواقفه عددًا من المرات في الحملة الانتخابية. فكان في البداية يقول: بين بشار الأسد و «داعش» سأختار الأسد حرصًا على مسيحيي سورية والشرق وتحاشيًا للإرهاب. وقال أنه في حال وصل إلى الرئاسة سيعيد فتح سفارة فرنسا في سورية ويتحاور مع الأسد. ثم تراجع عندما أعرب الأسد عن أمله بأن تغير فرنسا سياستها مع مجيء فيون إلى الحكم. فشعر فيون بانزعاج من هذا التدخل، وقال أنه يدرك تمامًا أن بشار الأسد ديكتاتور مناور ويدرك أنه لا يمكن أن يكون هناك حل للحرب السورية كما أوحى أنه لن يتعاطى مع المعارضة السورية لأنه يعتبرها منقسمة وغير موجودة على الأرض. أما ماكرون فقال وهو يتناول الموضوع السوري علنًا للمرة الأولى خلال زيارته الأخيرة لبنان، أنه لن يعيد فتح السفارة الفرنسية في دمشق وأن بشار الأسد رئيس فاشل، لكنه أضاف أن التفاوض يجب أن يتضمنه. وعندما سئل ما إذا كان الأسد مجرم حرب اكتفى ماكرون بالقول أنه فاشل. أما لوبن فهي منذ البداية تدافع عن الأسد وعن عرّابه فلاديمير بوتين. وقالت في تصريح لها أنه ينبغي التحالف مع بشار الأسد لمكافحة «داعش»، وأنه يحكم سورية ويدير جيشًا وليس هناك أي وسيلة أخرى لإزالة «داعش».

إن عهدًا جديدًا سيبدأ في فرنسا قريبًا. وفي الولايات المتحدة لم نسمع بعد الكثير عما يريده ترامب بدقة بالنسبة إلى بشار الأسد. وعلى المعارضة السورية الديموقراطية أن تبدأ التفكير بالبديل لأن فرنسا بعد هولاند ستتخلى عنها لسوء حظها وحظ الشعب السوري. فالمرشحون للرئاسة الفرنسية الأكثر حظًا للوصول إلى الرئاسة لا يبالون بالجرائم التي ارتكبها بشار الأس، في حلب ولا في درعا ولا في المدن السورية الباسلة. وهمهم الأول التفاهم مع القوة المتمثلة بفلاديمير بوتين الذي رغم ضمه القرم وتهديده أوكرانيا على باب أوروبا يفرض نفسه على المرشحين الفرنسيين لتراجع هيبة أوروبا إزاء القوة الروسية. إن الغياب العربي في آستانة لن يساعد المعارضة السورية المعتدلة والشعب السوري اليائس من رئيسه. فالدول العربية أيضا منقسمة إزاء بشار الأسد.

والمرشحون الفرنسيون يتجاهلون أنه لو تم وقف الحرب في سورية في عام 2013 مع ضرب مراكز قوى النظام السوري لما تصاعدت قوة «داعش». فقد مثل ذلك أفضل طريقة للأسد لاستعادة ثقة الغرب الأعمى به. فعلى رغم قتل الشعب السوري وما ارتكبه النظام في لبنان سابقًا من تقسيم المسيحيين واغتيال شهداء لبنان يرى المرشحون للرئاسة في فرنسا مستقبل لسورية مع الأسد. فالثورات لن تنجح إلا عندما تعتمد على ذاتها. والمعارضة السورية خاسرة، لكن بشار الأسد خاسر أيضًا لأنه سيبقى تحت نفوذ روسيا وإيران و «حزب الله». ومستقبل المنطقة حالك في ضوء هذه التغييرات.

نقلا عن الحياة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة