الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 18:02

فرصة لمصالحة الحقّين السوري والفلسطيني؟/ بقلم: حازم صاغية

كل العرب
نُشر: 07/01/17 08:08,  حُتلن: 08:09

حازم صاغية في مقاله:

السوريّون هم الذين سينتخب لهم الحلف حاكمهم الذي أنزل بهم ما أنزل من خراب وقتل

الفلسطينيّون هم من تهدّدهم إدارة ترامب بالقدس عاصمة موحّدة لإسرائيل، وبتأييد الاستيطان الذي تمضي فيه قدمًا حكومة نتنياهو، غير عابئة باعتراض العالم وبشروط أيّ سلام لا يزال ممكنًا

هناك اليوم الكثير ممّا يوحي بنشأة حلف كبير لتدبير المشرق العربيّ وإدارة شؤونه: فلاديمير بوتين، دونالد ترامب، بنيامين نتنياهو، بشّار الأسد، حيدر العبادي، مع احتمال كبير بأن يلتحق بهم رجب طيّب أردوغان من موقع ضعيف بعد تذليل ما تبقّى من خلافات بينه وبين كلّ من علي الخامنئي والأسد. غالب الظنّ أنّ تقاسمًا للعوائد والرشى، مصحوبًا بكثير من الضجيج اللغويّ، سيرتّب الأمور.

وبانتظار أن تتّضح صورة العلاقة بين علي الخامنئي وكلّ من ترامب ونتنياهو، والتي قد يتعهّد بوتين إصلاحها، يبقى «داعش» الشرط الضروري لاشتغال الحلف هذا. فهو الخصم المعلن الذي يتّفقون عليه، كأنّه شرطهم أو حليفهم من موقع ضدّي.

وهؤلاء يتشابهون بوصفهم وجوهًا سلطويّة نافرة، فيما تتقاطع أنظمتهم عند حدّ أدنى شعبويّ، بعضهم تندمج شعبويّته في ديموقراطيّة انتخابيّة، غير ليبراليّة، وبعضهم لا يحتاج أصلًا إلى غطاء كهذا، فيمضي في سلطته المستمدّة من السماء، كالخامنئي، أو في التعويل على الأمن أساسًا للسلطة، كالأسد.

لكنّهم كلّهم رجعيّون وقساة، لا يثقون بالحرّية طريقًا إلى التقدّم، ولا بالتقدّم، غير الممنوح من أعلى نُتفًا ومظاهرَ، طريقًا إلى الحرّية. وهم لا يرون إلاّ العنف، على تفاوت النسب، سبيلًا إلى توطيد الحكم والحاكميّة.

وهذا الحلف، في حال قيامه بعد نجاحه في تذليل تناقضاته، محكوم بأن يختار لتعذيبه شعبين يقع عليهما اضطهاده الأقصى: السوريّين والفلسطينيّين.

فالسوريّون هم الذين سينتخب لهم الحلف حاكمهم الذي أنزل بهم ما أنزل من خراب وقتل. وهو قد يُجري في جسدهم عمليّات جراحيّة يصعب أن تطابق واقع الحال، ويستحيل أن تستجيب موجبات العدل.

والفلسطينيّون هم من تهدّدهم إدارة ترامب بالقدس عاصمة موحّدة لإسرائيل، وبتأييد الاستيطان الذي تمضي فيه قدمًا حكومة نتنياهو، غير عابئة باعتراض العالم وبشروط أيّ سلام لا يزال ممكنًا.

وهجمة كهذه، على قسوتها، فرصة لمصالحة الحقّين السوريّ والفلسطينيّ اللذين تصادما في السنوات الأخيرة بفعل الموقف من الثورة السوريّة ومن النظام السوري بالتالي.

فهناك اليوم احتلال روسيّ - إيرانيّ لسوريّة سيتكيّف مع نتنياهو و»احتياجاته الأمنيّة»، وهناك تمدّد في القضم الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة متكيّف مع العلاقات المزدهرة لإسرائيل بدول العالم القويّة، ومع علاقاتها الضمنيّة والمداورة بدول المنطقة.

وقد يكون دونالد ترامب الرمز الأكبر الذي تتجمّع فيه الاتّجاهات والميول هذه، تمامًا بقدر ما تتجمّع الأهواء الرجعيّة ونوازع القسوة حيال شعبه وحيال العالم.

ومصالحة الحقّين والقضيّتين هي ما ينبغي أن يبدأ، وهي لا تبدأ إلاّ مع الاعتراف بأنّهما حقّان وقضيّتان لا يمثّل أيّ منهما الآخر، ولا ينطوي أيّ منهما في الآخر. ذاك أنّ البقاء عند خرافة «القضيّة القوميّة الواحدة»، بدل القضيّتين الوطنيّتين، يعاود رسم بشّار الأسد ممثّلًا للفلسطينيّين، فيُهينهم مجدّدًا فيما يهين السوريّين حكمًا.

ومعارضة ترامب وحلفه الدوليّ لا تخدمها العزلة عن العالم، ولا التعويل على حكّام وقوى من طينة الخصوم يكونون «معنا»، ولا ترداد الشعائريّات القديمة في رفض التدخّل الذي يدفع السوريّون والفلسطينيّون أكلاف عدم حصوله.

فهذا الحلف الكبير والقويّ ليس كلّ العالم، وهناك في بلدانه من يناهضونه حاملين الأفكار والمثالات التي يحملها السوريّون حين يناهضون الأسد، والفلسطينيّون حين يناهضون نتنياهو.

واليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، يبدو العالم عالمين: واحد عنوانه القوّة ونقص الديموقراطيّة، والآخر عنوانه الحقوق والمزيد من الديموقراطيّة. فإذا كان من أمل للسوريّين والفلسطينيّين، وللعالم، فهو في انتصار الأكثر ديموقراطيّة والأكثر تقدّمًا فيه. هذا صعب بالتأكيد حيال تلك القوى الجرّارة، إلاّ أنّه وحده الأمل المتاح.

نقلا عن الحياة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة