الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 17:01

صار البحر خلاصا/ بقلم: يوسف حمدان

كل العرب
نُشر: 12/12/16 08:23,  حُتلن: 08:09

ثوبُ العرس تشتتَ
مع أشلاء قذيفهْ..
تبكي الحلمَ الضائعَ
بنتٌ كانت مخطوبهْ..
مدنٌ تهوي
كفقاعاتٍ مثقوبهْ..
آثارُ حضاراتٍ
ضاربة في التاريخِ
تواجه صنفَ رعاعٍ
سلَّحهم راعٍ جشعٌ
بالمدفع والدبابهْ..
العالم يتفرجُ
من فوق سحابهْ
والذئب يسيل لعابهْ..
فقد الطفلُ الحالمُ
أولادَ الحيِّ
وألعابهْ..
الأزهار تراقب في ذعرٍ
من وسط خرابهْ..
البحرُ العاتي يتقيأُ
ما ملأ البرُّ عُبابَهْ..
الطفلةُ تبحثُ
عن شيءٍ تأكلهُ
في زمنٍ
لم يترك غير الدَّم
غذاءً لذُبابهْ..
وكبار الأقوام تنادوا
وتباروا..
من يحصد أكثرَ
من غلّات الموتِ
ويترك للحي عذابهْ..
طارت طائرةٌ
كي ترصد خارطة البؤسِ
وتَسبُر في حقل الذلِّ
خصائصَه المرغوبهْ..
ما عاد العالمُ
ساحةَ عمرانٍ
بل أصبح غابهْ..
لا ينبتُ قمحٌ.. أو يحصدُ
في مرمى القصف المرعبْ..
أسمع إمرأةً تصرخُ:
لا خير بأرضٍ
حيث ينام الفقراءُ جياعاً
وتصيب التخمةُ من ينهبْ!
لا خير بسلطانٍ
حرَم الأطفالَ طفولتَهم
ونفاهم من أحضان الملعبْ!
***
وهنا وهناك
حول الملعب سورٌ عالٍ
ورصاصٌ مضطربٌ فتاكْ.
ويصير السطان وكيلاً
لسلاطين الأملاكْ
ويحاول صابرُ أن يتسلَّلَ
عبر شقوق الأسوارِ
وبين الأسلاكْ
كي يصل البحرَ
لتحمله الأمواجْ..
لم يحلم صابرُ يوماً
أن يصطادَ الأسماكْ..
لم يحلم أن يصبحَ
أمهر سبَّاحٍ أو بحّارْ..
يحلم أن يتعلم في مدرسةٍ
لا يُسمع فيها إطلاق النارْ..
يحلم أن يسكن في بلدٍ
يتنفس فيه الناسُ هواء الأحرارْ.
***
يتأرجحُ رقاصُ الساعةِ
بين شِمالٍ ويمينْ
مذ هُجِّر شعبٌ..
من حطينْ..
كبرت غرساتُ الأيامِ
وصارت أشجارَ سنينْ
قال الإخوةُ:
من أين أتى اللاجئُ
كي يتعكر صفوُ مدينتِنا؟
ورموا زخات خطاباتٍ ساخنةٍ
صوب الأرض المسلوبهْ..
أصحابُ العزّةِ هبّوا للنجدةِ
فاستلموا أسلحةً معطوبهْ..
قال العاقلُ:
أرضُ اللاجئ..
ما كانت إلا عَتَبهْ..
يقفز منها نحو أراضيكم
من كانت لهم الغلبهْ..
نفخَ العاقلُ في القِربةِ
لكن القربةَ كانت مقطوعهْ..
زحفت في كل جهات الأرضِ
خيام لجوءْ..
صار البحرُ خلاصاً
والأمل المنشودُ تشرَّدَ
من وطن الأجدادِ
إلى الغربهْ..
يتأرجحُ رقاصُ العدلِ
يمينا ويساراً..
يتذبذبُ
بين ظلام الجهلِ
ونور العقلْ..
لكن العدلَ
يميل رويداً
نحو الجهة الأسمى..
ينحازُ إلى العلمِ
ولا يحتمل الجهلْ..
ينحو نحو التفكيرِ
وينأى عن رجس التكفيرْ..
ويظل الرقاصُ يميل شِمالاً
حتى ينتصر الطفلْ..
فيعود إلى ملعبهِ
كي يلعب حراً
ويفرِّح أفئدة الأهلْ..
ويسير الورد بزهوٍ..
من مهد المشتلِ
حتى حضن الحقلْ.
***
أعشق إمرأةً
تُدعى حُريّهْ..
أزرعُ في راحتها ورداً
وسنابلَ قمحٍ
وأُربّي بين يديها
غزلان البريهْ..
أجمع من عينيها
باقات ضياءٍ.. أغرسها
في الأصقاع العربيهْ..
وأقدم من صنع يديها
خبزا للبشريهْ.

نيويورك

مقالات متعلقة