الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 05:02

من أجل دحر المدّ اليميني/ بقلم: النائب يوسف جبارين

كل العرب
نُشر: 05/10/16 13:05,  حُتلن: 10:00

 النائب د. يوسف جبارين في مقاله:

 المسؤولية الرئيسية لتنظيم سياسي طلائعي مثل الجبهة تبقى في بناء استراتيجيات عمل وطرح مبادرات مجتمعية لتقوية الحصانة الاجتماعية الداخلية

 المهمة الاساسية التي تقف امام قيادة وكوادر الجبهة اليوم هي اعادة الاعتبار للعمل الجماهيري-الكفاحي والعمل النضالي والعمل الشعبي، ليكون هذا العمل هو الاساس في مسيرة حماية وجودنا ومستقبلنا

تتجه الجبهة لمؤتمرها الاول بعد الانتخابات الاخيرة، التي خاضتها ضمن القائمة المشتركة، وهي تجربة كان للجبهة دور ريادي في بنائها ونجاحها. لكن بالذات بسبب هذا المشروع الوحدوي، من الاهمية بمكان أن تبرز الجبهة خصوصيتها في طروحاتها السياسية والاجتماعية وفي عملها الميداني، وان يشكّل مؤتمرها انطلاقة متجددة للعمل الكفاحي والنضالي الذي يميّزها.

على الجانب الاجتماعي، على المؤتمر برأيي أن يلتفت الى خمس قضايا تفرض نفسها في السنوات الاخيرة على الاجندة الاجتماعية للجماهير العربية. اولًا، قضية العنف المستشري في قرانا ومدننا وفوضى السلاح التي تجتاح حاراتنا، بحيث أصبح العنف يهدد بتحويل واقع مجتمعنا الى ما يشبه "الحرب الاهلية" التي تفتك بالأخضر واليابس. ثانيًا، قضية الحريّات الداخلية في مجتمعنا، وبروز خطاب وممارسات تضع القيود على حرية المرأة العربية وتسعى لتحديد حضورها في الحيّز العام تحت غطاءات دينية ومجتمعية. ثالثًا، قضية الهوية الوطنية للجيل القادم من طلابنا وطالباتنا في ظل المحاولات المستمرة من قبل وزارة المعارف لفرض مناهج تدريسيّة تتبنى الرواية الصهيونية وخاصةً في موضوعي المدنيات والتاريخ. رابعًا، قضية حوادث العمل الآخذة بالتفاقم دون ان تتخذ المؤسسات الرسمية اية خطوة جديّة لمواجهتها، وخاصة حوادث العمل في فرع البناء التي يروح ضحيتها بالأساس عمالنا العرب عبر طرفي الخط الأخضر. خامسًا، قضايا الشباب ومستقبلهم في ظل واقعهم الخطير اليوم، الذي يجمع بين تضاؤل فرص العمل وارتفاع نسبة الفقر وازدياد العنف وعدم توفر أطر اجتماعية وتربوية واقية.

ازاء هذه التحديات، فلا شك أن المسؤولية الرئيسية لتنظيم سياسي طلائعي مثل الجبهة تبقى في بناء استراتيجيات عمل وطرح مبادرات مجتمعية لتقوية الحصانة الاجتماعية الداخلية لمجتمعنا على اساس قيم وطنية تقدمية، وفي تعزيز التنظيم الداخلي للأقلية العربية على الصعيدين السياسي والمهني. لست بصدد مناقشة شاملة لهذه الافكار، لكن يمكنني ان اطرح على سبيل المثال بلورة مشروع جماعي للمعلمين والمربين العرب ليأخذوا بدورهم دورًا طلائعيًا في قضايا التربية والتعليم والهوية ومواجهة العنف، ومشروع للمحامين العرب وللمحامين التقدميين اليهود يأخذون من خلاله دورًا رياديًا في الدفاع عن الحريات في البلاد وفي الضغط على سلطات تنفيذ القانون بقضايا العنف وجمع السلاح وضبط النظام.

اما في الجانب السياسي فلا شك ان موجة القوانين العنصرية وغير الدمقراطية التي "تتفنن" في تشريعها حكومة نتنياهو الرابعة، الحكومة الأكثر يمينية وتطرفًا، هي عنوان المرحلة، بحيث أحدث برأيي الكم الكبير من القوانين تحوّلًا نوعيًا سلبيًا في طبيعة النظام في البلاد وفي ثقافة الحكم. وتدل قائمة القوانين هذه على اتساع رقعتها وعلى تنوّع مضامينها: قانون الارهاب، قانون طرد اعضاء الكنيست، قانون الجمعيات، قانون منع لم الشمل، قانون توسيع صلاحيات التفتيش، قانون سجن الاطفال دون سن ال14، قانون تشديد العقوبات على راشقي الحجارة، قانون سحب مخصصات التأمين الوطني من أهل الاسرى الاطفال، وحزمة القوانين التي تحمل امتيازات ضريبية للمستوطنين ولمستوطناتهم. وتُضاف هذه القوانين الى عدة قوانين عنصرية في فترة حكومة نتنياهو الثالثة، وخاصة قانون منع احياء النكبة وقانون منع المقاطعة، وقانون "لجان التمييز" في القبول للسكن، وغيرها.

ويبقى الاساس ليس الموضوع الكمي بهذه القوانين، بل التغيير التراكمي الذي تحدثه في وضعية الحريات الديمقراطية في البلاد وفي التآكل الجديد في الهامش الدمقراطي، وذلك في ظل ممارسات على ارض الواقع تعكس المناخ السياسي المتردي والتعبير الميداني للقوانين العنصرية.

ويمكن أن نرى تأثير هذه القوانين على اربعة اصعدة. الصعيد الاول هو المس الواضح بمبادئ ديمقراطية اساسية وخاصًة حرية التعبير، وحرية العمل السياسي. ثانيًا، استهداف الجماهير العربية ومخططات النيل من شرعية عملها السياسي، وهو استهداف يجمع بين القوانين اعلاه وبين ممارسات ميدانية نلمسها في ام الحيران، والعراقيب ودهمش ومستوطنة حريش وغيرها. ثالثًا، المس بفرص التواصل مع الهيئات السياسية والحقوقية الدولية وتحديد فرص الاستثمار في التواصل الدولي.
رابعًا، الانتقاص من استقلالية الهيئات التي من المفروض أن تشكل كابحًا لتآكل الهامش الدمقراطي، وبالتالي الاستمرار بإضعاف دورها، مثل المحكمة العليا، ومكتب مراقب الدولة ومكتب المستشار القضائي للحكومة.

السؤال: هل هناك فعلًا خطر جدي لانحدار النظام في البلاد الى الفاشية؟

يمكن القول أن اجتماع الاضلاع الثلاثة التالية يخلق فعلًا خطرًا حقيقيًا: اولا، كما أسلفنا، التآكل الخطير والمتواصل بالهامش الدمقراطي بالبلاد، وتراجع دور المنظومات المراقبة والكابحة، خطابًا وممارسة. ثانيًا، المس المتواصل بشرعية الجماهير العربية والمحاولات المتكررة لسحب شرعية عملها السياسي ودورها المجتمعي. ثالثًا، تكريس الاحتلال وسياسات قمع الشعب الفلسطيني وسلب مقدراته الانسانية والطبيعية، ومخططات ضم مناطق "سي" الى اسرائيل (وهي أكثر من نصف الاراضي الفلسطينية المختلة عام 1967).

التقاء هذا الثالوث هو بمثابة ناقوس خطر حول انحدار النظام في اسرائيل لمنحدر خطير، في ظل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخها. إن التحدي السياسي الاساسي امامنا هو التصدي لهذا الثالوث ومنع امتداد التقاء هذه الاضلاع.
وبناء على هذا، فان المهمة الاساسية التي تقف امام قيادة وكوادر الجبهة اليوم هي اعادة الاعتبار للعمل الجماهيري-الكفاحي والعمل النضالي والعمل الشعبي، ليكون هذا العمل هو الاساس في مسيرة حماية وجودنا ومستقبلنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة