الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 23:01

سقطتان معيبتان لأوباما وعباس في جنازة بيرس/ بقلم: عبد الباري عطوان

كل العرب
نُشر: 02/10/16 08:01,  حُتلن: 08:25

عبد الباري عطوان في مقاله: 

اذا كان نواب الكنيست العرب رفضوا احتراما لقاعدتهم الوطنية المشاركة في هذا التشييع، فكيف يقبل الرئيس عباس هذه المشاركة

عباس رش المزيد من الملح على جرح الشعب الفلسطيني، وكل الشرفاء في العالمين العربي والاسلامي، عندما عبر عن حزنه وألمه لوفاة بيرس، الذي وصفه بأنه "كان شريكا في صنع سلام الشجعان"

أين هو سلام الشجعان هذا الذي يتحدث عنه؟ وأين ثماره؟ هل هي التنسيق الأمني لمصلحة بقاء الاحتلال ومستوطناته وجرائمه؟ أم هي تكسير عظام شباب الإنتفاضة؟ أم الإعدامات الميدانية الهمجية لشباب "هبة السكاكين"؟
أوباما مارس أبشع أنواع النفاق والتملق، وزاود على الرئيس عباس في هذا المضمار، وما كان له أن يقدم على هذه "السقطة" وهو الذي ينتمي الى عائلة سوداء عانت من التمييز العنصري الأمريكي البشع في الستينات

بيرس يذهب الى القبر وأياديه ملطخة بالدماء، ويترك ارثا حافلا بالمجازر والكذب والخداع، والمشاركة في جنازته صك براءة له ولكيانه الدموي العنصري

أمران يرتقيان الى درجة العيب، حدثا على هامش تشييع رئيس دولة الاحتلال شمعون بيرس اليوم في القدس المحتلة.
الأول: مشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في هذه الزيارة على رأس وفد كبير، ومعاملته معاملة سيئة يستحقها، عندما لم يوضع في صف الرؤوساء العالميين الذين حضروا من مختلف أنحاء العالم.
الثاني: قول الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن بيريس "يذّكره بعمالقة القرن العشرين مثل الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا الذين تشرفت بلقائهم".
لا أعرف لماذا قبل الرئيس عباس على نفسه هذا الوضع المهين على الصعيد الشخصي والوطني معا، اللهم الا اذا كان يريد "استفزاز" الشعب الفلسطيني الذي يدرك جيدًا انه ضد هذه المشاركة، في جنازة رجل يوصف بأنه آخر رجال الحركة الصهيونية التاريخيين الذي أقام دولة اسرائيل على حساب تشريد الشعب الفلسطيني.
فاذا كان نواب الكنيست العرب رفضوا احتراما لقاعدتهم الوطنية المشاركة في هذا التشييع، فكيف يقبل الرئيس عباس هذه المشاركة، وهو الذي يعتبر آخر "الأبوات" في حركة "فتح" التي أطلقت الرصاصة الأولى، وقادت مسيرة المقاومة للإحتلال؟

***

الرئيس عباس رش المزيد من الملح على جرح الشعب الفلسطيني، وكل الشرفاء في العالمين العربي والاسلامي، عندما عبر عن حزنه وألمه لوفاة بيرس، الذي وصفه بأنه "كان شريكا في صنع سلام الشجعان".

فأين هو سلام الشجعان هذا الذي يتحدث عنه؟ وأين ثماره؟ هل هي التنسيق الأمني لمصلحة بقاء الاحتلال ومستوطناته وجرائمه؟ أم هي تكسير عظام شباب الإنتفاضة؟ أم الإعدامات الميدانية الهمجية لشباب "هبة السكاكين"؟

لنترك الرئيس عباس جانبا، فلا فائدة من الحديث عنه، ومشاركته المهينة، وننتقل الى "سقطة" الرئيس أوباما، التي تمثلت بمقارنته بيرس بالعملاق العظيم نيلسون مانديلا، ونسأل أين أوجه الشبه؟ فهل اغتصب مانديلا ارض الآخرين؟ وهل مارس سياسات التمييز العنصري ضد أصحاب الارض، وهل طور برنامجا نوويا لإرهاب كل الجيران وما بعدهم؟ وهل إرتكب مجازر مثل مجزرة قانا في عرين مركز للأمم المتحدة، لجأ إليه الهاربون من القنابل العنقودية للطائرات الاسرائيلية؟

مانديلا العظيم فكك البرنامج النووي الجنوب أفريقي، وقدم مثلا في التسامح والتعايش والترفع عن الثأرات والأحقاد، وحمى العنصريين البيض من مجازر أبناء جلدته الإنتقامية، وترفع عن كل معاناته تحت التعذيب من قبل جلاديه في زنزانة انفرادية لاكثر من 28 عاما.

***

أوباما مارس أبشع أنواع النفاق والتملق، وزاود على الرئيس عباس في هذا المضمار، وما كان له أن يقدم على هذه "السقطة" وهو الذي ينتمي الى عائلة سوداء عانت من التمييز العنصري الأمريكي البشع في الستينات.

أوباما وهو الذي بات بينه وبين مغادرة البيت الأبيض الا اسابيغ معدودة، ليس مضطرًا للتملق للاسرائيليين بهذه الطريقة المقززة، وهو من المفترض أن يكون زعيم الدولة الأعظم والأقوى في العصر الحديث.

بيرس يذهب الى القبر وأياديه ملطخة بالدماء، ويترك ارثا حافلا بالمجازر والكذب والخداع، والمشاركة في جنازته صك براءة له ولكيانه الدموي العنصري.

نقلا عن الرأي اليوم 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة