الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 03:01

الصين مستقبلنا/ بقلم: عبد الرحمن الراشد

كل العرب
نُشر: 03/09/16 08:33,  حُتلن: 08:34

عبد الرحمن الراشد في مقاله:

ما يميز السعودية أنها خزان النفط الأكبر في العالم والأرخص كلفة والأكثر تجهيزا ولا تخضع لعقبات أو عقوبات كما هو الحال مع إيران

الصين تكاد تكون مؤسسة واحدة فهي أكثر انتظاما في التعامل من خلال أجهزتها الحكومية العليا والمؤسسات الرسمية هي المحرك الفعلي للعلاقة والمعاملات الخارجية

هناك بلدان قد يلعبان دورا حاسما في المستقبل القريب للسعودية٬ ودول الخليج بشكل عام٬ هما الصين والهند. عامل رئيسي واحد قادر على أن يغير المعادلة أن البلدين يمثلان أكبر سوقين تنموان في العالم في وقت تشبعت فيه الأسواق الكبرى الأخرى أو انكمشت من حيث وارداتها النفطية. ومن الجلي أن الرياض تتجه نحوهما كما نرى في الزيارتين المتتاليتين للصين اللتين يقوم بهما ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضمن مساعيه لمواجهة المتغيرات المحيطة وتنمية الموارد الاقتصادية.

التوجه للصين والهند تتبناه أيضا عدد من الدول الأخرى الصناعية والبترولية٬ ونراها تتسابق للفوز بحصة هناك٬ إلا أن ما يميز السعودية أنها خزان النفط الأكبر في العالم٬ والأرخص كلفة٬ والأكثر تجهيزا٬ ولا تخضع لعقبات أو عقوبات كما هو الحال مع إيران مثلا.

هل تستطيع السعودية أن تتبنى استراتيجية التحول شرقا بعد عقود من العلاقة مع الغرب؟ لحسن الحظ في المرحلة الحالية لا توجد هناك محاذير كما كان موجودا إبان محاور الحرب الباردة٬ فقد كانت الدول تخاطر عندما تحاول تغيير نهجها السياسي٬ هذا إذا استطاعت الانتقال. التوجه نحو الصين والهند ليس مشروعا سياسيا بحتا، حيث ستظل العلاقات مع الغرب قوية لأنه الأكثر تأثيرا سياسيا على المنطقة٬ والعلاقة المميزة مع كل من الصين والهند ستعزز نفوذ السعودية وأهميتها الاستراتيجية إقليميا ودوليا٬ ومع الغرب تحديدا.

استثمار العلاقة مع الصينيين والهنود في مشروع اقتصادي كبير ليس مهمة سهلة٬ هو فتح عالم جديد. سيتطلب هجمة إيجابية بإمكانات حكومية كبيرة؛ هناك أدوار متعددة ومتكاملة من الشركات٬ والبنوك٬ والصناديق٬ والغرف التجارية والشراكات الثنائية٬ ورجال الأعمال٬ والمراكز البحثية والجامعية٬ والمؤسسات الحكومية المتخصصة.
ولأن الصين تكاد تكون مؤسسة واحدة٬ فهي أكثر انتظاما في التعامل من خلال أجهزتها الحكومية العليا٬ والمؤسسات الرسمية هي المحرك الفعلي للعلاقة والمعاملات الخارجية. أما نموذج الهند فإنه يترك للقطاع الخاص إدارة شؤونه إلى حد كبير.

في العلاقة القديمة مع الأسواق الاستهلاكية الكبرى٬ مثل بريطانيا ولاحقا الولايات المتحدة٬ عاشت منطقتنا على التبادل التجاري القائم على مبيعات النفط٬ ولا يزال هو العامل الأساسي في تعاملاتنا مع الصين والهند أيضا. واليوم المأمول أن تكون سلة العلاقات متنوعة.

فالصين والهند الوحيدتان القادرتان على تعويض الناقص من الأسواق الغربية٬ مثل تراجع مبيعات النفط إلى الأسواق الأميركية. وتتيحان فرصة كبيرة لطموحات الحكومة بزيادة مبادلات البلاد الاقتصادية التي تتطلب فكرا أكثر إبداعا واعتمادا أكبر على القطاع الخاص ليقوم بدوره متميزا بالمرونة والسرعة والتأقلم.

وتتشابه الصين والهند في حذرهما من خلط السياسة بالتجارة٬ مع أن الصين تحديدا من مصدري السلاح الرئيسيين في العالم٬ والسعودية لها تجربة ناجحة منذ التسعينات. امتناع البلدين الآسيويين عن التورط في حروب المنطقة وتحالفاتها سيعني استمرار العلاقة الخاصة مع الدول الكبرى طالما استمرت الصراعات.

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة