الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 16:01

قصاصة عشق قديمة/بقلم: مارون سامي عزام

كل العرب
نُشر: 11/08/16 18:11,  حُتلن: 18:14

غطّى غمام السنين أيّام الدراسة، حتّى طال قصاصتي التي كتبتها في ذلك الحين، داخل الصف الذي ازدحَم بمقاعد الطلاب، يومها جلست زميلتي في الصّف الذي أمامي لحُسن حظّي، خلف المنضدة التي تراكمت عليها الكُتب المدرسيّة والدّفاتر، جرفنا تيّار العِلم نحو أعماق الاجتهاد، جدَّفنا بأقلامنا بكدٍّ ونشاط، رافعين أعلام المنافسة التي رفرفت بالزّمالة الحقيقيّة، إلى أن وصلنا شاطئ التخرج بنجاح.
ودَدتُ أن أقدم لزميلتي تلك القصاصة، لكني تراجعت في اللحظة الأخيرة، لخوفي أن تصدّني معتذرةً، أو توبّخني نافرةً، لذا تخلّيت عن هذه الفكرة المُربِكة في نظري، فبقيتُ محتفظًا بتلك القصاصة في دُرجي... لكنّي لم أنسَ تلك الفتاة، فظِلّ جمالها ما زال ينعكس على ذاكرتي كلّما تذكّرتها... فعندما كانت تدخل ساحة المدرسة صباحًا، كان قُرص الشّمس يَمسَح شعرها الأسود النّاعم بمنديل بريقه، يَغسِل بشرتها البيضاء بشلاّل أشعّته الصيفية، وما زالت تلك الأيّام تتلألأ بالذّكريات الجميلة.
ذات يومِ أخرجتُ القصاصة من دُرج مكتبي، فوجدتها بالية بعض الشّيء، لكثرة ما مرّت عليها حافلة الزّمن، ففَتَحتُ طِيَّتها بلطف، لئلا تتفتّت بين يدي، وانبعث منها عِطر تلك الفترة الذّهبية. بدأت نظراتي تجوب مُدرّج أسطُر قصاصتي، فاسترجعَت لي شكل زميلتي الذي غازل تفكيري حينها، دون أن تشعُر، في ذلك الوقت فرَضَت عليّ الظروف الشّبابيّة حالة عشق لا إراديّة، عيّشتني في جوٍّ ربيعيٍّ صافٍ... حلَّقَت في ذهني فراشات الخجل والحيرة، حتّى جعلتني أكتب لها هذه القصاصة.
قصاصة حبٍ صغيرة، فيها خلاصة إعجاب بفتاةٍ غيّبَتني عن أوّليّات العشق الذي يبدأ عادةً بالصداقة. لم يستطِع عقلي نسيانها، رغم أنني أرى يوميًا العديد من الفتيات الجميلات العابرات تحت راداري... أنا متأكّد أنها لو قرأت هذه القصاصة في وقتنا الحاضر، لابتسمت ابتسامة عابرة للذّوق ولأدبيّات المسايرة، واعتبرَتها مجرد ولدَنَة مدرسيّة منّي.
أعدت قصاصة عِشقي إلى خزينة قلبي، تركتها تلهو مع أيام مراهقتي الرائعة، تلاطفها ذكريات حبي الشقية التي لا تُشبه أبدًا غراميّات هذا الجيل المنفتح أخلاقيا، والمتفتح سلوكيًّا!! فرومانسيّة جيلنا تشبَّعَت بالوفاء... هذه القصاصة بالنسبة لي مميزة جدًّا، ستظل ذكرى جميلة محفوظة في دُرج طاولة عمري، لذا دوّنتها في ديوان أقاصيصي الكبير، ربما تجمعني بها يومًا ما.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة