الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 10:01

عرائس قبل الأوان/ بقلم: حنين عثامنة

كل العرب
نُشر: 14/06/16 08:26,  حُتلن: 12:10

حنين عثامنة في مقالها:

عندما يتحول تأخير سن الزواج لصالح الالتحاق بالاكاديميا لعنة على الفتاة فعلينا أن نغيّر حساباتنا

تخيير الفتاة ما بين تعليمها او زواجها يمكن اعتباره احد اهم الأسباب التي تدفع الفتاة الى الزواج المبكر والتنازل عن فكرة اكمال التعليم الاكاديمي

لا يمكننا الرقص في عرسين ويجب أن لا نتوقع أن يبدع مجتمعنا ويرقى ما دام يجلد الانثى والذكر ليعيش الاثنان حياة الكهولة في عز الشباب

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول،  أي تلك التي تملك قوة الانجاب وحفظ النوع البشري. وفي طور ثان، ارتسمت معالمها الاولى لدى بعض الحضارات القديمة مثل الفراعنة والرومان. وصارت المرأة أو صار بامكانها أن تصير زوجة بملء معنى الكلمة. وفي العصر الحديث، وابتداء من عصر النهضة الأوروبية ، بزغ مفهوم المرأة الانسان. وحينها وعت المرأة قيمتها وامكانياتها بشكل أفضل وعملت بكد للنهوض بمصالحها وحقوقها لما فيه صلاح للمجتمع باكمله لتصل اوجها في القرن العشرين. وقد بات جليا، ان أول مراحل التنمية الحقيقية والمستديمة للمجتمع تمر حتما بالاعتراف بالمساواة في جميع المجالات بين النساء والرجال. ورغم التقدم الفعلي في مجال المساواة في الحقوق بين الجنسين، الا أن بعض القوانين ما زالت تستوجب القيام بعدة اصلاحات للاخذ بعين الاعتبار الوضعية الحقيقية للمرأة. مما يبرز أن القوانين لم تكن مصاحبة للمسؤوليات التي تقلدتها المرأة، والفضاءات الجديدة التي اقتحمتها.

الزواج المبكر" كان ولا يزال ضربا من ضروب الاكراه، اضطرت المرأة الى تحمل وزره عبرالتاريخ. ولقد ارتأت منظمات المجتمع المدني اعتماد مصطلح "تزويج الاطفال" عوضا عن "الزواج المبكر" المتداوَل لوصف المشكلة. فهو "تزويج" وليس "زواج"، لأنه يفتقد إلى عنصر الإرادة. إن ظاهرة الزواج المبكر، أو ما نحاول ترسيخ مفهومه كتزويج لأطفال، كان ولا زال ظاهرة تلاقي قبولاً لدى شرائح عريضة من مجتمعنا الفلسطيني في الداخل، وذلك رغم الإنجازات التي حققتها المرأة الفلسطينية على مستويات عدة، فنلحظ وجود إرتفاع مستمر لنسب الفتيات الملتحقات بالجامعات لنيل الشهادات العليا، كما وطرأ تغيير في شرعية خروج المرأة إلى ميدان العمل، وتمثيلها في الحيز العام قياساً بالعقود السابقة.
الا أنه ما زالت تزف العديد من الطفلات اليوم، لتلد الطفلة طفلا. إن إستمرارية هذه الظاهرة تعكس مشكلة من الدرجة الاولى، تكرسها السلوكيات الاجتماعية والعرفية والتي ترى بالحيز الخاص (الزواج، صيانة البيت، ورعاية الزوج والاطفال) المكانة الطبيعية للمرأة. فالدور الإنجابي هو الدور الرئيسي بالنسبة للغالبية العظمى من النساء في الدول النامية ، ويهيئ المجتمع البنت منذ الصغر لتقبل هذا الدور ويعدّها إعداداً يرسِّخ قناعتها بأنَّ الاهتمام بالأسرة والأطفال هو الدور المعوَّل عليه لاحترامها والاعتراف بها. ورغم الاعتراف بأهمية هذا الدور ومحوريته، إلاَّ أنّ الإعداد له لا يتم بالطريقة المناسبة؛ فالقيام بهذا الدور بالطريقة الصحيحة يتطلب قدراً كبيراً من التعلم والثقافة والتجربة والوعي والإطلاع الواسع على أمور الحياة. ولكن يتم التركيز فقط على الزواج وإمكانية الإنجاب وعدد الأبناء والبنات دون الاهتمام بالوسيلة لأداء هذه الأدوار بالصورة المثل.

إن تخيير الفتاة ما بين تعليمها او زواجها يمكن اعتباره احد اهم الأسباب التي تدفع الفتاة الى الزواج المبكر والتنازل عن فكرة اكمال التعليم الاكاديمي، حيث أن الفتاه قد تكون رتبت أولوياتها بشكل يتناسب مع مستوى تفكيرها، ولكن هذا التفكير اذا ما تضارب مع ترتيب المجتمع للأولويات ستقع الانثى في صراع نفسي كانت شريكة فيه بحسن نية، ولكنها نسيت انها في مجتمع لا يمنح التخفيضات. إن الفتاة والشاب اللذان خططا حياتهما بشكل سليم والتحقا بالاكاديميا سيقفان على نفس المفرق سوية ولكن الشاب يعبر المفرق تاركا رفيقته هناك، يتركها لانه قد يختار فتاة صغيرة في السن، ولأنه هو الذي يختار وما اسهل مهمة الاختيار.
عندما يتحول تأخير سن الزواج لصالح الالتحاق بالاكاديميا لعنة على الفتاة فعلينا أن نغيّر حساباتنا، علينا أن نفهم أن هناك ظلمًا يحدث، شركاء فيه المظلومون أنفسهم، إن المشكلة لا يمكن أن يحلها طرف واحد الا اذا كان هناك اتفاق جماعي على رفع البطاقة الحمراء في وجه الزواج المبكر. لا يمكننا الرقص في عرسين ويجب أن لا نتوقع أن يبدع مجتمعنا ويرقى ما دام يجلد الانثى والذكر ليعيش الاثنان حياة الكهولة في عز الشباب.

طالبة عمل اجتماعي في جامعة تل ابيب

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة