الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 20 / مايو 00:01

نتنياهو وخطه الأحمر/ بقلم: بيار عقيقي

كل العرب
نُشر: 23/04/16 00:24,  حُتلن: 00:30

بيار عقيقي في مقاله:

في المرحلة المقبلة، سيواصل نتنياهو تثبيت قوات الاحتلال في هضبة الجولان، بغية "شرعنتها إسرائيلياً" أمام المجتمع الدولي، كما بدا من زيارته أخيراً إلى المنطقة

 سقوط الجولان بيد الاحتلال، كان "حتمياً"، قياساً على المحطات التاريخية، لكن الأهم: هل تنطبق هذه "الحتمية" على ديمومة الاحتلال؟

لم يكن كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أيام، بخصوص الجولان السوري، مفاجئاً، على الرغم من نبرته العالية. عبارة "الجولان خط أحمر لإسرائيل" تؤكد المؤكد في نوايا الاحتلال الإسرائيلي أرضاً عربية، وفي فلسطين النموذج الأكبر. الأبرز في كلام نتنياهو مكانه وزمانه.


مكانياً، اختار نتنياهو المكان عينه الذي زاره في سبتمبر/أيلول الماضي: العاصمة الروسية موسكو. في تلك الزيارة، كان يرمي رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى هدفٍ واحد في لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: عدم الاشتباك العسكري بين قواتهما في السماء السورية. بعدها، بدأت القوات الروسية غاراتها في سورية في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، ثم أُعلن عن خروجها الجزئي في 14 مارس/آذار الماضي، ولم يحدث أي تصادم بين الطرفين. وعلى الرغم من وضع الرئيس الروسي منظومة صواريخ "أس 400" في الساحل السوري التي يغطي مداها، فيما يغطيه شرقاً وغرباً، عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، إلا أن الطيران الحربي الإسرائيلي قصف قوافل وشاحنات تنقل أسلحة لحزب الله في سورية، وفق زعمه، كما طاول قصفه مواقع لقوات النظام السوري، واغتال أيضاً اللبناني سمير القنطار في جرمانا، جنوب دمشق (19 ديسمبر/كانون الأول الماضي)، من دون أن تتحرّك القطعات العسكرية الروسية.

عليه، انتقل نتنياهو إلى الخطوة الثانية، ومن موسكو أيضاً، في منتصف الأسبوع الحالي جدّد التأكيد على "إسرائيلية الجولان السوري مهما كانت نتائج التسوية في سورية". رمزية المكان الروسي تُرسّخ دور موسكو في الشرق الأوسط من جهة، واعتناقها مبدأً أميركياً من جهة أخرى، يقضي بـ"تأمين المصالح الحيوية، أياً كانت الجهة التي بإمكانها تأمين هذه المصالح". بوتين، في نهاية النهار، ليس سوى رجل يسعى إلى القطبية الروسية الندّية مع الأميركيين، انطلاقاً من القدرة على تأمين أكبر قدر ممكن من الأسواق الاقتصادية للغاز للروسي، أولاً، وللسلاح الروسي ثانياً. بالتالي، فإن أي حديثٍ عن "مبدئية" روسية في الموضوع السوري أو غيره، لا يُمكن توظيفها في إطار عاطفي بعيداً عن الأرباح التي تأمل روسيا في كسبها في الشرق الأوسط وانعكاسها على أوروبا، من بوابة أوكرانيا والشمال الأوروبي، في البلطيق واسكندنافيا.

زمانياً، اختار نتنياهو، الظرف الأدق في الملف السوري: مفاوضات جنيف وارتداداتها السياسية وتداعياتها الميدانية، ليُعلن جهاراً أنه "اللاعب الذي لا يُمكن تجاوزه في أي حلّ"، ولو أن "إسرائيلية الجولان" مرفوضة تماماً من جميع الأطراف السورية والعربية. ذلك، لأنه تمكن من تأمين الظهير الروسي، كما الأميركي، إلى جانبه، تحت اسم "الواقعية السياسية"، المستندة إلى عدم قدرة أي طرف في سورية على التفرّغ لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي للجولان عسكرياً.

لا فرضيات في التاريخ، غير أنه من المؤكد أنه لو استُخدم مبدأ "المقاومة" في الجولان، سياسياً أو عسكرياً، من النظام السوري، في العقود الأربعة الماضية، أي منذ ترسيم خطّ الهدنة عام 1974، بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، بدلاً من الصمت، لكانت تبدّلت المعطيات كثيراً.

في المرحلة المقبلة، سيواصل نتنياهو تثبيت قوات الاحتلال في هضبة الجولان، بغية "شرعنتها إسرائيلياً" أمام المجتمع الدولي، كما بدا من زيارته أخيراً إلى المنطقة، والتي تعزّزت مع عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي جلسةً، الأحد الماضي، في مستوطنة كتسرين في الهضبة، للمرة الأولى منذ نكبة عام 1948. وسينعكس ذلك على الضفة الغربية، فنتنياهو وبطريقة إثارته لموضوع الجولان، سيفسح المجال في المضي في إنشاء مزيد من المستوطنات، مع مواصلة محاولاته قمع الهبة الفلسطينية التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وأيضاً، في هذا السياق، يشحن الرجل جنود الاحتلال، لمهاجمة "حماس" في قطاع غزة، رداً على عمليتها النوعية في تل أبيب، الاثنين الماضي. سقوط الجولان بيد الاحتلال، كان "حتمياً"، قياساً على المحطات التاريخية، لكن الأهم: هل تنطبق هذه "الحتمية" على ديمومة الاحتلال؟  

* نقلًا عن العربي الجديد - لندن

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة