الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 08:01

الواقع الصحي بين الشمال والمركز - مسافات قصيرة وفجوات ساحقة/بقلم: د. محمد خطيب

كل العرب
نُشر: 04/04/16 11:23,  حُتلن: 07:25

د. محمد خطيب في مقاله: 

وفق المعطيات الرسمية يتضح أن معدل عمر الإنسان المتوقع في منطقة الشمال هو أقل بسنتين منه في منطقة المركز ولو قارنا بين بعض التجمعات السكانية في المنطقتين نرى أن الفرق قد يصل الى 7 سنوات

أكثر من 50% من سكان الشمال هم من العرب فإنهم الأكثر تضررًا من هذه الفجوات الصحية وينعكس ذلك في وضعهم الصحي في جميع المقاييس المعروفة

معدل عمر الانسان العربي المتوقع هو أقل بـ3 سنوات من المعدل القطري العام إضافة الى النسب المرتفعة بالأمراض المزمنة كالسكري، سرطان الرئة، أمراض القلب والأوعية الدموية، وفيات الأطفال، السلوكيات الخطرة كالتدخين، والسمنة

لم تعد الفجوات الصحية بين مركز البلاد ومناطق الأطراف وبين المجموعات السكانية كالعرب واليهود مسألة تحليل ونقاش، بل هي واقع تقرَه وتعترف به جميع الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة الصحة ومن خلال تقاريرها الرسمية المتتابعة. فتقرير "اللامساواة في الصحة والتعامل معها 2015" يشير بشكل واضح الى هذه الفجوات والتي تتجلَى بالمقاييس الصحية المختلفة كمعدل عمر الأنسان المتوقع، نسبة الوفيات العامة ووفيات الأطفال، والأمراض المزمنة والتلويثية. وتأتي هذه المعطيات في ظل النقص الكبير في الاستثمار في الصحة، عدد الأسرة للاستشفاء، أقسام العناية والعلاج، غرف العمليات، معاهد التشخيص والعلاج، القوى العاملة الطبية والمساعدة ونقص كبير في خدمات التأهيل وطب الطوارئ.

ووفق المعطيات الرسمية يتضح أن معدل عمر الإنسان المتوقع في منطقة الشمال هو أقل بسنتين منه في منطقة المركز، ولو قارنا بين بعض التجمعات السكانية في المنطقتين نرى أن الفرق قد يصل الى 7 سنوات. أما نسبة المبيت في المستشفيات للعلاج وعدد ايام المبيت فهي الأعلى في الشمال، وتتصدر هذه النسب خمسة قرى عربية في الجليل.

ومن حيث القوى العاملة، فتبلغ نسبة الأطباء العاملين في الشمال 2.2 طبيب لكل 1000 نسمة في حين تصل هذه النسبة الى 4,7 في منطقة تل أبيب والى 3.3 في المركز. أما بالنسبة لعاملي التمريض فهنالك نقص يعادل 2600 ممرضة. حيث تصل نسبتهم الى 4.4 لكل 1000 نسمة مقارنة ب- 6.1 في منطقة تل أبيب و- 7.0 في حيفا. وبما يخص المهن الصحية المساعدة فهي الأقل في منطقة الشمال مقارنة بباقي المناطق حيث تشكل 2.2 لكل 1000 نسمة .

إضافة لذلك، تشير التقارير الرسمية الى نقص حاد في خدمات التأهيل الصحي (الجسدي والنفسي) بأنواعه المختلفة في منطقة الشمال. ففي منطقة تل ابيب مثلاً يبلغ عدد الأسرة المخصصة للتأهيل الصحي 24 ضعفاً مما هو عليه في الشمال ويبرز هذا النقص الحاد في خدمات التأهيل للأولاد بشكل خاص.

وحيث أن أكثر من 50% من سكان الشمال هم من العرب، فإنهم الأكثر تضررًا من هذه الفجوات الصحية وينعكس ذلك في وضعهم الصحي في جميع المقاييس المعروفة. فمثلاً، معدل عمر الانسان العربي المتوقع هو أقل بـ3 سنوات من المعدل القطري العام. إضافة الى النسب المرتفعة بالأمراض المزمنة كالسكري، سرطان الرئة، أمراض القلب والأوعية الدموية، وفيات الأطفال، السلوكيات الخطرة كالتدخين، والسمنة. وكل ذلك في واقع النقص الكبير في الخدمات الصحية، مناليتها وملائمتها الثقافية، الإجتماعية والإقتصادية.

غير أن هذه الفجوات في المقاييس الصحية جميعها هي ليست أمراً مسلماً به بل واقعاً يمكن ويجب تغييره وذلك من خلال تجند جميع الجهات المسؤولة في إطار برنامج قطري شامل ورسمي ترصد له كل الإمكانات المطلوبة، والذي يعتمد تدخلاً مكثفاً في جميع المستويات ابتداءً بالمواطن الفرد (التربية والترشيد الصحي وتبني نمط حياة صحي وفعل) مرورًا بالخدمات الصحية والمجتمعية الوقائية والعلاجية المقدمة من قبل صناديق المرضى والسلطات المحلية وانتهاءً بالسلطة العليا المتمثلة البرلمان, الحكومة والوزارات ذات الصلة وعلى رأسها وزارة الصحة.

في هذا السياق وفي هذا الواقع يعقد مؤتمر الجليل الثاني للمساواة الصحية بمبادرة المنتدى المدني لتطوير الصحة في الجليل وبالتعاون مع بلدية شفاعمرو (يوم الأربعاء الموافق 6 نيسان 2016، أشكول بايس، شفاعمرو) بهدف عرض ومناقشة هذه المعطيات من خلال حوار مفتوح مع وزير الصحة، مسؤولين ومهنيين في وزارة الصحة، مدراء مستشفيات الشمال، رؤساء سلطات محلية، مهنيين في مجالات الصحة والطب ومواطنين، كخطوة أخرى لطرح الحلول المطلوبة لتطوير وتحسين الوضع الصحي لمواطني الشمال.
ندعوكم جميعاً ونأمل مشاركتكم في هذا المؤتمر الهام.

* د. محمد خطيب – المنتدى المدني لتطوير الصحة في الجليل

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة