الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 14:01

خاطرة حرب تموز...نرمين موعد


نُشر: 24/07/08 07:46

كان ينقصنا إستيعاب مفهوم أنها  حرب...
قمت بإخراج خاطرة الحرب من ثنايا صفحات أرشيف الذكريات، وإن لم تكن بذكرى طيبه.
دونتها على أجندتي بعين إنسان عادي وبكلمات مجردة من كل ما هي سياسة.
كان عام 2006 نشيطًا بالأحداث، وقد شهد الصيف أنشطها، إبتداءً من  مونديال ألمانيا!  إذ كان الحدث المنتظر وقد حظي على نسبة إستقطاب جماهيري عاليه على المستوى العالمي والمحلي. أجهل إن كان ختامها مسك، لأنه قد أسدل ستائره على خيبة زين الدين زيدان، عندما قام "بنطح" اللاعب الايطالي "ماتيراتزي" مما جعل منه "سكوب" اللعبة النهائيه وحديث الإعلام. وقد إعتبرت بعض الصحف الأجنبية تصرفه كنوع جديد من "الإرهاب العربي"!
جاء من يطفئ الأضواء عن ملعب زيدان من دون منازع، ويشعل الضوء على ساحة نيرانها باتت ضارية.
نواقيس الحرب تقرع أجراسها وبدا رنينها يعلو حتى وصل الأفق. تقوم من سباتها الذي دام خمسة عشرعامًا منذ حرب الخليج الأخيرة عام 1991 التي كان صداها في سبات ذاكرة الطفولة، وقد إستيقظ صوتها في ريعان الشباب، بحرب جديدة.
كان بركانها يختمر على نار هادئة منتظرًا أية شعلة كي ينفجر. جاء رد فعل إسرائيل قاسي على لبنان نتيجة خطف رجال من جنود حزب الله إثنين من الجنود الإسرائيليين، عبر الحدود المشتركة بين الدولتين.
لقد صرخت صفارات الإنذار بأعلى صوتها في كل أنحاء البلاد، باستثناء المناطق العربية أخرست بتعمد أو بغيره! لماذا؟.
 كانت حجتهم ووجهة نظرهم، أننا لا نقف إحترامًا لذكرى موتاهم أو أبطال حروبهم في يوم إستقلالهم لدى سماعنا صوت الصفاره، لذلك فهي مهملة ولا تعمل في مناطق السكن التي تأوي العرب؟!
وأضيف إهمالا آخر كان ولازال ملحق ببعض مناطقنا العربية، إن العديد من مبانيها وأحياءها ينقصها الملاجئ أو الغرف أالمحصنه والمحكمة الإغلاق.
إن اللا وعي عندنا مليء بالتناقضات، كان  ينقصنا أن نستوعب مفهوم كلمة حرب، وإن الموت بات قريب منا.
لقد إنقسم الشارع العربي المحلي بين مؤيدين لسماحة الشيخ ولحزب الله، وبين معارضين له.
كانت أغلبية المؤيدين له لأسباب، إنتماء قومي عربي أو ديني، ولان سماحته الأسد الوحيد الذي إستطاع أن يجابه "الغول" الذي إسمه إسرائيل!. وشارعنا العربي ينقصه وبحاجة لباسل مثله، مما جعله يحظى بشعبية محلية واسعة.
من منا لا يخشى الحرب، ويكره رائحة الموت التي تعبق بآلياتها.
إعتقد العديد منا أن صواريخ سماحته لن تفرض زيارتها على مناطقنا العربية! وإنها فقط موجه صوب مناطق السكن اليهودية. وكأن صواريخ الموت لها عين ترى وتميز بين من هو عربـــي أو يهـــودي وبين ملة وديانه!.
جاء الغير متوقع، لقد أخفقت وتاهت صواريخ حزب الله عن هدفها المخطط له، وكانت مدينه الناصره الضحية الأولى من المناطق العربية التي زارتها صواريخ الموت.
ضربات قوية ومتكررة إرتعشت منها الأرض وهزت كيان المدينة في أكثر من موقع،  الأربعاء 06-07-19 ، كنت حينها بالعمل، لم استوعب قوة الضربه وإرتجاج كل شيء حولي، لم يكن رد فعلي أكثر من صمت تائه وإبتسامة أجهل معناها خرجت سهوا مني غير مستوعبة ومدركة للحدث! أردت أن اصرخ، أن ابكي وأدرك الخطر الذي كان بقربي، لم يصدر مني سوى الصمت.
لقد إستغربت من رد فعل الشخص الذي يقف أمامي في تلك اللحظة، فبدل من أن يطلب اللطف والعفو من الله وأن يرحمنا وتنتهي الحرب. من بعد ضحكة صدرت منه لا معنى و طعم لها قال "بان العرب تستحق أكثر من ذلك وتمنى الموت لكل من هو عربي وخرج ! بالرغم من انه ابن لهذه المدينه!.
بعفوية حب الاستطلاع بدأت عيناي تستكشف وتراقب الشارع، وبدأت تعلو أعمدة دخان سوداء من مكان كنت أجهل موقعه في حينها، شيئا فشيء بدأ الشارع يحتشد بالناس.
لقد شد انتباهي، إرتسمت على بعض المتجمهرين الفرحة! كانوا غير مدركين في لحظتها أن الموت كان قريب منا جميعًا لكن شاء الله أن يسقط في ذاك المكان.
إكتظ الشارع بالناس والسيارات خشيوا من أن يفوتهم شيء، أظن انه كان من الأجدر بهم حينها عدم التجمهر والاقتراب من موقع الحدث لخطورته،  وكان قد سقط لأحد الصواريخ على وكالة لبيع السيارات.
لقد تعطلت شبكة الاتصالات وبالكاد إستطعت أن اطمئن على أهلي وأن أطمئنهم عني.
كل منافذ السير والطرقات أصبحت مغلقة وبالكاد إستطاع والدي أن يصلني وينتشلني من مكاني. بدأت عيناي تراقب الطريق وكل شيء حولي ثقيل، أراقب الناس المتجولة في الشارع وضجيج مبعثر هنا وهناك.
أثناء طريق العودة إلى البيت المزدحم بالسيارات، وَجدتُ مفارقة أخرى بين الحياة والفرح، والحرب والموت. إذ بعيني تلمح عروس تخرج من صالون لتصفيف الشَعر، كان تعبير وجهها مختلط بالحزن والقهر لكل ما يحدث بيوم سهرة حناءها.
كان من السخيف مني أن ابتسم على هذا الموقف، وسرعان ما خجلت أسناني من غفلتي حينما ظهرت سهوا، تمتزج هذه الابتسامة بالشفقة عليها  فهي بالكاد تتماسك، ووسواس آخر في راسي كان همه أن ينتقد فستان سهرة حناءهاإن الحياة حقا مليئة بالتناقضات كان يومها  "عرس وميتم" !
كلما كنت اقترب نحو البيت كانت أعمدة الدخان تتزايد.
مفاجأة أخرى كانت بطعم الحنظل، ذاقه الحي الذي أسكن فيه، فقد هوى عليه صاروخ أعمى هو الآخر، لم يستطع أن يميز بأنه قد قام بقتل طفلين من نفس البيت تاركين وراءهم أم وأب ثاكلين.
كانت محطات التلفزة والفضائيات تبث الحادثه عبر شاشاتها، لم أر الحزن على غالبية المتجمهرين الذين كانوا يتزاحموا أمام عدسة الكاميرا التي كانت تبث من موقع الحدث.
فمن بينهم من كانت ترتسم على وجوههم ابتسامة تائهة، ومنهم من قام باستعراض نفسه أمام الكاميرا، ومنهم من إنشغل برفع هاتفه النقال على آذنه والتأشير بيده الثانية لتحية معارفهم.
من المؤكد أن شعبية السيد حسن نصر الله من بعد هذه الضربة المؤلمة قد إنخفضت بنسبة ملحوظة، لكن بنفس الوقت لم تكف الأغلبية من الناس من الدعاء والتضرع إلى الله، ليقوم بنصره ويهزم جيش أعداءه وأن يسحق إسرائيل! إن العاطفة الدينية والقومية كانت هي الحاكمة لدى الأغلبية من الناس. وكأن الحرب بديار غير هذه الديار. والموت لا يشمل الأرض التي نحيا بها. فقد تكبدت الأضرار بالمناطق العربية بنفس الحجم تقريبًا في المناطق اليهودية وخصوصًا بخسارة الأرواح.
أنا لا أنكر عروبتي وإنتمائي لأرض فلسطين، لكن ألسنا نحن أيضًا متضررين من هذه الحرب! ألسنا أيضا من سكان إسرائيل؟.
في نفس الوقت بالاتجاه الآخر الذي تؤشر إبرة البوصلة صوب  شمال البلاد أي لبنان، يوجد من تضرر منها؟ ألم تزهق أرواح العديدين بلا ذنب، وهدمت بيوتهم وتشردوا.
أجهل كيف قيس حينها من المنتصر ومن هو الخاسر؟ لان كلا الطرفين تكبد الخسائر، الإنسانية ، الحربية والاقتصادية وغيرها.
جيش قد سقط سهمه، وذلت عنجهيته وأقيل وإستقال بعض من أركانه، أدوات حربه كانت على آخر تطوراتها التكنولوجيه. خسائرها بشرية وعسكرية، جيش لم يهزم بعد، لكن جاء من يدغدغ الخط الأحمر الذي يحميه وينذره من قوة جديدة آتيه وكفاه تفاخرًا بجيشه الذي ضعف بساحة الحرب.
 في الاتجاه الآخر، نجد قوة متواضعة لكنها صامدة، جيش أو عصابات حرب منظمة، قائد ومقاتلين كان وعدهم صادق. ربما يوم 16-07-08 عرف من إحتفل بنصر عرشه، ومن بكى على عرش جيشه المكسور.
هذه ليست كل خاطرة الحرب، كانت أحداثها أكثر وربما الخوف كان أفظع مما صورته عبر هذه الكلمات، أردت أن احذف منها كل ما هي سياسة. و أصف الحرب بعين إنسان عادي، قد شهد أو عاش فيها، وأبث لكم كيف خزنت بعض ذكريات الحرب بذاكرتي.
على أمل أن تكون تلك الحرب آخر طوفان يمطر علينا صواريخ من السماء وأن تخمد نيران الحرب التي لم تطفئ شعلتها بعد، أن يموت غراب الحرب، وترسل لنا السماء حمامة الســـــــــــــــلام.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
238235.29
BTC
0.51
CNY