امير، شريف وشادي، ثلاثة اخوة لم يستسلموا لـ"فرمان" شروط القبول لجامعات البلاد وقررا طلب العلم والدراسة العليا  خارج البلاد متحملين الغربة وتكاليف المعيشة هناك ليعودوا مرفوعي الراس مثبتين للجميع بقولهم:"نعم.. لا حق للبسيخومتري علينا ولا باطل".
امير ضاهر ابن 25 عاما انهى دراسته الثانوية عام 98 وتوجه للاردن لتحقيق حلمه بدراسة الطب العام في جامعة العلوم والتكنولوجيا في اربد. لم تمضي سنتان حتى تبعه شقيقه شريف لدراسة موضوع الصيدلة ثم شقيقهم الثالث شادي الذي لحق بهما لدراسة موضوع الهندسة في نفس الجامعة.
ستة سنوات درس امير(25 عاما) موضوع الطب في الجامعة هناك بعد انهائه الدراسة الثانوية في المدرسة المعمدانية في الناصرة ودراسته لعام واحد اللغة الانكليزية في بريطانيا. مؤخرا اجتاز امير امتحان التأهيل المهني في البلاد وحصل على رخصة ممارسة المهنة ليحمل لقب دكتور، في حين سيقوم قريبا باختيار موضوع التخصص بقسم الامراض الباطنية في احد مستشفيات البلاد.
اما شريف (23 عاما) فقد انهى دراسته الثانوية عام 2000 وتوجه هو الاخر في خطى اخيه امير لدراسة موضوع الصيدلة ايضا في جامعة العلوم والتكنولوجيا. مؤخرا انهى هو الاخر دراسته في الاردن وعاد الى البلاد ليبدا مشوار عمل في مجال الصيدلة.
اما الاخ الاصغرشادي (21 عاما) فلا يزال بصدد دراسة الهندسة المعمارية في السنة الاخيرة لها.
الوالد نادر ضاهر رجل اعمال في مهنته يرى ان تجارة العلم لابنائه الثلاثة هي افضل تجارة واربحها في هذا الزمن فلم يأبه الغربة لابنائه الثلاثة والتكاليف الباهظة التي سيتكبدها، واصر على تحقيق حلم ابنائه الثلاثة حتى ولو في الصين.

ثلاثة اخوة.. حياة واحدة
"بيت واحد جمعنا نحن الثلاثة خلال دراستنا الجامعية هناك. تقاسمنا البيت بغرفه، المأكل والمشرب، والمصروف اليومي لنحقق اخيرا مبتغانا في نيل العلم الذي تعذر علينا تحقيقه في وطننا الاصلي نسبة الى شروط القبول "التعجيزية"  التي حالت دون قبولنا للمواضيع الاكاديمية التي طالما ارادناها"، كما اشار الشقيق الاوسط شريف في حديثه. واشار قائلا:" علامات البجروت اهلتنا للقبول لدراسة المواضيع التي اردناها، الامر الذي يشير الى قدرتنا الى لتحصيل العلامات اذ اننا نرى ان البسيخومتري ليس به ان يفي بهذا الغرض وان يعكس قدرتنا في دراسة المواضيع العلمية".
ويتابع الشقيق الاصغر شادي ويقول:"الاردن استقبلتنا بالترحاب، فكوننا اسرائيليين لم يشكل عائقا بيننا وبين الطلاب الاردنيين الخرين، فخلال هذه الفترة كانت لنا صداقات حميمة حتى مع العديد من الطلاب من كافة الدول العربية المجاورة، الامر الذي بعث بنا الاحساس والشعورالبيتي، ليس الغربة بتاتا. فمن معبر الحدود مع الاردن كنا نسافر لمدة نصف ساعة فقط حتى وصولنا الى الجامعة. كما كنا نتتبع اخبار البلاد من خلال محطات التلفاز التي نلتقطها بوضوح وسهولة هناك. اضافة الى الاتصال اليومي الذي توفر لنا مع الهل عبر الهواتف الخليوية دائما، كل هذا جعلنا نفقد الاحساس بالغربة". اقوال الاخ الاصغر شادي اثارت مشاعر الاخوين أمير وشريف اللذان انهيا دراستهما وعادا الى البلاد. فبالنسبة لهم، لو سنحت لهم الفرصة، لكانا قد اختارا الاردن للعيش والعمل هناك.

 تكاليف باهظة لتعليم عالمي
يعرف التعليم الاكاديمي في الاردن بمستواه العالمي. ففضلا عن كون التعليم باكمله باللغة الانكليزية، يضم طاقم المعيدين في الجامعة، عددا كبيرا من المعيدين الاجانب. جميع هذه الصعوبات تجعل من الدراسة الاكاديمية في الاردن مهمة ليست بالسهلة خاصة وان تقييم الطلاب بين الحين والاخر يقوم على قدراتهم في اجتياز امتحانات بين الفينة والاخرى حتى ان العديد ممن لم يجتازوها، اضطروا الى ترك الدراسة خاصة وان امكانية الامتحان تفتح امام الطالب مرة واحدة فقط لا غير، فاذا ما فشل في اجتياز الامتحان كان من الصعب اعادة الكرة مرة اخرى.
اضافة الى جميع هذه الامور، تبقى رسوم الدراسة الجامعية هناك باهظة للغاية مقارنة مع الدول الاخرى وبضمنها اسرائيل. فاكثر من 10 الاف دولار سنويا كانت تكلفة دراسة الطب للشقيق البكر امير ناهيك عن رسوم اجار البيت والمصروف اليومي ومصاريف الجامعة الاخرى، وتكاليف الرسوم الدراسية للشقيقين الاخران.
ستة سنوات، اجتاز في نهايتها امير امتحان التأهيل وعاد الى البلاد طبيب عام، اما الشقيق الثاني شريف فبعد اربع سنوات من الدراسة، عاد الى البلاد بشهادة صيدلي في حين ينتظر الشقيقي الاصغر شادي انهاء دراسته للعودة قريبا الى ارض الوطن. الاشقاء الثلاثة، ينصحون في نهاية حديثهم الشبان العرب الذين ضاقت عليهم الظروف للقبول للدراسة الجامعية، عدم الاستسلام  واليأس، فدائما هنالك باب مفتوح امام الانسان ليثبت انه قادر مع قليل من المجهود والمسؤولية. اخيرا، يشكر  الثلاثة د. طه امارة الذي كان العنوان بالنسبة لهم لدخول الجامعة الاردنية والتسجيل للمواضيع المختلفة هناك. كما يشكرون المدرسة المعمدانية الناصرة التي انهوا فيها الدراسة الثانوية وحازوا على شهادة البجروت الكاملة التي اهلتهم الى القبول للمواضيع الجامعية في الاردن.