الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 20:01

تأملات (9) التدريب والمدربون في فلسطين/بقلم:ذوقان قيشاوي

كل العرب
نُشر: 28/02/16 14:21,  حُتلن: 08:00

ذوقان قيشاوي في مقاله: 

التدريب وبكل مكوناته يساهم في تطوير الكفايات البشرية وهذا يحتم علينا أن نقدم الأمثل والأعلى مستوى لشعبنا

التدريب هو بطريقة ما مكمل للتعليم الجامعي ويساهم بشكل كبير في الارتقاء بالأداء فكثيراً من المؤسسات لها منظومتها في احتساب العائد على التدريب

تأملات (9) التدريب والمدربون في فلسطين، صنعة وصناع ليس لهم إطاراً مرجعياً ينظم ويقنن المزاولة !!

يتم تعريف التدريب في الأدبيات على أنه تدخل لتحسين الأداء من خلال إكساب المستهدفين من التدريب مجموعة محددة من المعارف والمهارات والاتجاهات ذات العلاقة، وعند التعمق في هذا التعريف نرى أن المدرب يلعب دوراً هاماً في فهم وتحليل مستوى الأداء الحالي، وتصميم التدخل المطلوب، وتطوير ما يلزم من مواد تدريبية وكذلك عقد وتنفيذ التدريب، والمشاركة في التقويم والتقييم، وطبقاً للتعريف فإن المخرجات المباشرة المتوقعة لهذا التدخل المبني على التدريب هو وجود تحسن في الأداء على ثلاثة مستويات وهي:-

المعرفة:
هذه مساحة هامة للاطلاع والاكتشاف والتأمل والمراجعة والتعمق في الكثير من جوانب المعرفة ذات العلاقة بتطوير الأداء، فمهم جداً للخريج الجامعي أن يعرف أن هناك خطوات ممنهجة للبحث عن عمل، وهناك عناصر هامة يتوجب أن تكون موجودة في سيرته الذاتية، وهناك رسالة تغطية لها ديباجة عامة وغير ذلك من جوانب المعرفة الهامة والضرورية.

المهارة: وهي جانب هام جداً يتوجب أن يكتسبه المتدرب، وفي الكثير من الأحيان يتم توظيف المعرفة لتخدم المهارة، فمعرفتي بخطوات البحث عن وظيفة تحتاج إلى اكتساب مهارة، وتحتاج إلى أن يتأكد المتدرب أن التغيير المطلوب قد حصل وصار هناك تحسن في أدائي عندما قمت بالمشاركة في مقابلة عمل صورية، واكتسبت من التغذية الراجعة على أدائي من المدرب والمتدربين.

الاتجاه: وهذه منطقة هامة يتم من خلالها تشكيل الوعي والوجدان، ويتم من خلالها خلخلة بعض القناعات والمفاهيم والمعتقدات، وهي منطقة هامة قد ننقل من خلالها شخصاً وضع نفسه في مربع الفشل، وحسم أمره أنه فاشل، قد ننقله إلى منطقة تفكير أفضل " فليس هناك في الحياة فشل، ولكن يوجد تغذية راجعة"، الكثير من المتدربين تغيرت حياتهم من خلال إدخالهم إلى تلك المنطقة وبشكل ممنهج، على الصعيد الشخصي لقد قابلت الكثير ممن دربتهم قبل أكثر من عشرة سنوات، وسمعت منهم أن تدريباً ما قد غير كل مسار حياتهم، وجعلهم يعتلون سلم النجاح.

نظراً لأهمية العناصر الثلاثة أعلاه (المعرفة، المهارة، الاتجاه) ولأنها تساهم في إحداث التغيير في حياة ومسار من ندربهم، يجب أن نتوقف هنا ونسأل من هم الذين يقومون بالتدريب؟ وهل كل شخص قادر على القيام بذلك؟ هل يحتاج المدرب إلى مزاولة لتلك المهنة؟ ومن هي الجهة التي سوف تراقب وتنظم ذلك؟ وكيف نفحص جودة تدريب المدرب؟ وما هي المعايير؟ ومن سيضعها؟ وغير ذلك من الأسئلة، فكلها أسئلة ليست بالسهلة ولكنها قد تفتح آفاقاً عليا في العمل على تطوير هذا القطاع ليصل إلى درجة الاحترافية، أعرف الكثير ممن حضروا ثلاثة أيام تدريبية لدورة عنوانها تدريب مدربين وقالوا عن ذاتهم في اليوم الرابع "نحن مدربون"، هذا ليس انتقاصاً وليس تقليلاً من الشأن، فهناك الكثير من المهن كمهنة المعلم أو المحاضر الجامعي تخضع لمعايير، وهناك إطاراً مرجعياً ينظم هذا العمل، أما في قطاع التدريب وبناء القدرات، فلا يوجد جسم شرعي عليه إجماع سواءاً أكان رسمياً أو أهلياً أو خاصاً ينظم ذلك.

فكأن هذا القطاع يسير بجهود فردية والتي من خلالها يسعى المدرب الفلسطيني للحصول على شهادات دولية في هذا المجال لكي يضفي بعض الشرعية على ما يقوم به، وفي كثير من الأحيان تكون الأعباء المالية عالية جداً مما يؤدي إلى حرمان بعض أبناء وبنات الجيل الشاب من الانخراط بتلك الفرص واكتساب تلك الشهادات.

لا أنكر أن التدريب وبكل مكوناته يساهم في تطوير الكفايات البشرية، وهذا يحتم علينا أن نقدم الأمثل والأعلى مستوى لشعبنا، فالتدريب هو بطريقة ما مكمل للتعليم الجامعي، ويساهم بشكل كبير في الارتقاء بالأداء، فكثيراً من المؤسسات لها منظومتها في احتساب العائد على التدريب، والكثير من المؤسسات لا تجد خبرات محلية وتلجأ في بعض الأحيان إلى جلب خبرات إقليمية ودولية.
حتى نسير قدماً في هذا الاتجاه، فنحن بحاجة إلى مجموعة من الخطوات وأهمها:-

• تشكيل نواة للأطراف المهتمة بهذه القضية لتشكل (الحكومة، القطاع الخاص والأهلي).
• أن نخرج بدراسة أولية حول واقع التدريب في فلسطين، بحيث تصف هذه الدراسة الواقع وتحلله.
• أن نخرج بأهم الفجوات والتحديات التي يتوجب العمل عليها
• أن يتم تطوير إطار مفاهيمي يحدد الأوليات ومناطق التدخل.
• أن يتم تطوير خطة عمل وطنية وضمن إطار زمني.
أحب أن أرى في وطني نموذجاً ملهما، ونجوماً من المدربين الذين يساهمون ولو بالقليل في بناء قدرات أبناء وبنات هذا الوطن وغيره من الأوطان، فنحن نستحق دائماً الأفضل، ويمكن أن تكون هناك إضافة نوعية مع كل صباح يشرق على أرضنا.

- ذوقان قيشاوي - مختص في بناء القدرات وكفايات التنمية البشرية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة