الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 22:01

فيلم باقة الآن، يا قادة الأحزاب حاوروا شبابكم/ بقلم: محمد قدح

كل العرب
نُشر: 24/02/16 21:04,  حُتلن: 10:54

محمد إبراهيم قدح في مقاله: 

شراكة الشيخ والشيوعي والقومي في لجنة المتابعة والقائمة المشتركة لا تشكل مصدر إلهام للشباب الحزبيين فأصغر حدث كفيل بأن يولد الصدام

المتدين يسعى لتصوير العلماني على أنه فاعل الموبقات المتمرد على الدين والقيم والأخير يتهم المتدين بالداعشية لأتفه الأسباب حتى لو كانت لا تمت للدين بصلة

لن أسهب في حديثي عما حصل في مدينة باقة مؤخرا والجدل حول عرض فيلم "عمر"، أولا لعدم إلمامي بتفاصيل الحدث وثانيا لسماعي أن الأمر قد تتم المداولة به قضائيا. ولربما يصعب فهم الحادثة إذا ما نظرنا إليها على نحو منفرد، إنه مشهد من مسلسل، سبقه مشهد "دبكة رمضان" ومشاهد أخرى. بل قل إنها معركة في خضم حرب، تدور رحاها في المجال الافتراضي على شبكات التواصل، يتقاتل فيها صغار المحاربين "الحزبيين" ويغيب عنها القادة، ربما ترفعا أو هربا. لكن في تقديري سيجدون أنفسهم مضطرين عاجلا أم آجلا للتعاطي مع ذلك وبمنتهى الجدية.

قد تبدو مسألة الفيلم شخصية- اجتماعية مجردة من الثوب الحزبي، بخلاف واقعة "الدبكة" التي بدأت في إطار حزبي وتطورت إلى جدل بين تيارين سياسيين. إلا أنهما وكما أسلفت مشهدين متتابعين لمسلسل "الصراع العلماني الديني بين شبيبة الأحزاب".

كما يبدو، شراكة الشيخ والشيوعي والقومي في لجنة المتابعة والقائمة المشتركة لا تشكل مصدر إلهام للشباب الحزبيين، فأصغر حدث كفيل بأن يولد الصدام. المتدين يسعى لتصوير العلماني على أنه فاعل الموبقات المتمرد على الدين والقيم، والأخير يتهم المتدين بالداعشية لأتفه الأسباب حتى لو كانت لا تمت للدين بصلة.

فلماذا يتسع الشرخ بين الشبيبة، بالرغم من عناق وضحكات قياداتهم؟
في اعتقادي الجواب يكمن في فهم سلم أولويات هؤلاء وهؤلاء. اختلافات رأي عديدة قائمة بين القيادات، في مسائل هامة كدخول الكنيست والربيع العربي والسؤال إن كان ربيعا. لكن في المقابل تتقدم جدول أعمالهم قضايا ملحة كالتعليم والأرض والمسكن يعتبرونها هموما مشتركة تقتضي التعاون، وبالتالي تكون تلك الخلافات هامشية.

فماذا عن الشبيبة؟
يتضح ان منهم من اختار الخلافات بالذات لتتصدر الأجندة بالإضافة إلى مواضيع أخرى صنفها القادة على انها النار التي يجب تفاديها، بينما آثر شبابهم اللعب بها.

فتتصدر أجندة الشبيبة المحسوبة على التيار المتدين معالجة العلمانية والتصدي لها. وكما هو معلوم في المجتمعات العربية قل من تجده يصرح بأنه "علماني لا يدين بديانة"، بل يكون التوجه نحو علمانية بمعنى "فصل الدين عن السياسة وعدم إقحامه بها". فيكرس التيار المتدين جهدا ليثبت للمجتمع أن التيار الآخر يسعى لتغييب الوازع الديني.

في المقابل، على أجندة التيار الشبابي العلماني ظهرت مواضيع مغايرة، طالما تردد قادتهم في طرحها وارتبكوا بالاجابة عنها للصحافة. لقد نجح شبابهم في طرحها والخوض بها، كموضوع الجنس والمثليين و "الكنابيس" وغيرها. ولربما سهلت ذلك موجة انتقال الشباب من البلدات العربية إلى المدن المختلطة كتل أبيب وحيفا. عن ذلك تحث "نيسان شور في مقاله (هآرتس، 20.1.2016) قائلا: "حدثني أصدقاء في حيفا بأن هناك مقاهي جديدة، نوادي، حفلات مثليين وعروض ثقافية كلها للعرب".

طبعا لا أقول أن هذين الطرحين هما نتاج قرارات اتخذتها شبيبة الأحزاب في اجتماعاتها، لكن هذا ما تعكسه مواقف عديدة. وبغض النظر عن شرعية الطرحان أو عدمها، فإن المواضيع المطروحة هي مثار جدل في مجتمعات عدة. السؤال هنا، ما هو سبب الاختلاف بين ما تطرحه شبية الأحزاب وما يطرحه القادة؟

لربما رأت شبيبة الأحزاب أن هذا الصراع سهلا ومن الممكن كسبه، إذا ما قورن مع الصراعات الخاسرة التي تخوضها القيادات بقضايا المسكن وفرص العمل والتمثيل في المؤسسات العامة. أو لربما في هذا المضمار يستطيع الشباب التأثير أكثر مقارنة مع تأثيرهم المحدود داخل أحزابهم.

على أي حال، فعدم التناغم بين أجندة الشبيبة والقيادات ينم عن ضعف أو انعدام الحوار بين شباب وقادة الأحزاب.
هذا ما على المؤمن بضرورة وجود أحزاب متعددة كوسيلة لبناء مجتمع ديموقراطي استخلاصه من تلك الجدليات كجدلية الفيلم في باقة. ويا قادة الأحزاب حاوروا شبابكم!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net  

مقالات متعلقة