الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 14:01

قانون الجذب والواقع الفلسطيني/ بقلم: ذوقان قيشاوي

كل العرب
نُشر: 20/02/16 07:49,  حُتلن: 07:50

ذوقان قيشاوي في مقاله:

الأفق السياسي أشبه بسراب ولا يحمل على أجنحته أية بشائر والانقسام وتشرذم الوطن كأنه صار أمراً واقعاً يتوجب التعايش معه

الواقع الذي نعيشه لن يتغير بين يوم وليلة وليست هناك آفاق جدية للتغيير في المنظور القريب وتغيير هذا الواقع سوف يأخذ وقتاً ليس بالقليل حتى نرى نتائجه الايجابية على حياة الناس

كثيرة هي اللحظات التي نمر بها ونكون بأدنى مستوى نفسي، فالجو العام وبكل مركباته يحمل الكثير من السوداوية بين ثناياه، فالأفق السياسي أشبه بسراب ولا يحمل على أجنحته أية بشائر، والانقسام وتشرذم الوطن كأنه صار أمراً واقعاً يتوجب التعايش معه، وكذلك معدلات البطالة المرتفعة أثقلت كاهل الجميع وبالذات جيل الشباب، هذا هو الواقع، وهذا ما نعيشه بشكل يومي، في الكثير من التدريبات التي أقوم بها في الوطن أرى العديد من يرغبون بإرسال سيرتهم الذاتية لي لمساعدتهم في البحث عن وظيفة، يجب أن تفهم ما يقوم به هؤلاء الشباب، فهم يرون بريق أمل في أي لقاء يذهبون إليه، والكثير منهم يذهبون لتلك التدريبات وورش العمل لعل إحداها قد تساهم في تحقق حلم له وهو إيجاد وظيفة، لقد أصبح العمل والوظيفة لهم حلماً، لكنه في دول أخرى حقاً من حقوق المواطنة، ويجب على الدولة أن تخلق لهم الفرص أو تعوضهم كي يعيشوا بكرامة.

يبدو أن الواقع الذي نعيشه لن يتغير بين يوم وليلة، وليست هناك آفاق جدية للتغيير في المنظور القريب، وأن تغيير هذا الواقع سوف يأخذ وقتاً ليس بالقليل حتى نرى نتائجه الايجابية على حياة الناس، هل نبقى مكاننا ننتظر؟ هل نعول على الظروف لتتغير لوحدها؟ الأشخاص العقلانيون هم من يقرأون هذا الواقع ويحللونه بشكل عميق ثم يأخذون القرار بضرورة خلق الأمل في وسط هذا الجدار الأسود الذي أحاط بكل جوانب حياتنا وصادر أحلامنا، هناك نماذج ملهمة للكثير من الشباب ممن استوعبوا هذا الواقع وعرفوا السر، حيث يكمن السر هنا في قدراتنا على التعامل مع كل الظروف مهما كانت، إنها لغة التفكير الايجابي المحفز والذي يصنع فرصة من كل تحدي، سوف تتناول هذه المقالة واحدة من القصص الملهمة والتي كنت شاهداً على كل تفاصيلها.

هي حكاية فتاة التقيتها في إحدى التدريبات قبل عامين، لقد كانت فتاة مميزة ونشيطة، وتوقعت لها أن تتميز في المستقبل، تواصلت معي قبل حوالي أربعة شهور، وسألتني السؤال التالي "هل تعرف مركزاً يمكن له أن يساعدني في تخسيس وزني؟"، فكرت لبرهة وقلت لها أنا سوف أساعدك، ولكن وقتها لم أعرف كيف سأساعدها، ولكن كنت على يقين أن موضوعها في مجمله يعود إلى مستوى الإحباط الذي تمر به ليس أكثر، وهي بحاجة إلى أكثر من مستوى تدخل.

المستوى الأول: استعادة الثقة بالذات، وهنا كان دوري من خلال اللغة التحفيزية، وأنه ليس هناك مستحيل، لقد تواصلت معها بشكل مستمر، حتى تيقنت أنها أخذت القرار بأنها سوف تنجح في عملية خسارة الوزن، وأنه ليس هناك مكان للفشل ولا للتراجع، كان من الواضح أنها وصلت إلى مستوى جيد في أخذ القرار ومعرفة هدفها، وتحديد النتائج، فهي قد عرفت السر، لقد عرفت المفتاح وكان عنوانه "نعم استطيع، سأثبت لذاتي قبل غيري".

المستوى الثاني: خلق الدافع القوي فيما يخص خسارة الوزن، وكان الاتفاق معها أنها مقابل كل كيلو سوف تخسره، يجب عليها التصدق بملغ ما لطفل يتيم حتى لو كان بسيطاً، فكان أمامها منارة جاذبة، وكان وراءها قوة دافعة تحثها على بذل أقصى جهد في إنزال وزنها لأن هناك طفلاً فقيرا هو بأمس الحاجة إلى العطف والمال، وأنها هي من ستدخل السعادة إلى قلبه وروحه، لقد أيقنت أنها أمام رسالة إنسانية ذات قيمة عالية، وأصبحت عملية إنزال الوزن عند هذا المستوى هي عبارة عن تحصيل حاصل سوف تصله مع هذا الإصرار.

المستوى الثالث: التفكير المنطقي والعقلاني فيما يخص عملية التخسيس، فقد تم وضع هدف واحد فقط وهي أن يتم تخسيس الوزن بما يعادل 2 كيلو غرام فقط في كل أسبوع، فنحن لا نحقق النجاح في الكثير من الأشياء لأننا نأخذ الأشياء بمستواها الكلي، فمن الصعب لشخص وزنه 117 كغم أن يفكر أنه سوف يخسر 40 كغم من وزنه، ولكن من السهل أن يقتنع أن هناك مجال لأن يخسر 2 كغم ليصبح وزنه 115 في نهاية الأسبوع وهكذا، لقد تم العمل على هذا المستوى وتمت عملية تجزئة الهدف.

المستوى الرابع: كان يتوجب أن يصمم لها برنامجاً للتخسيس الصحي يحتوي على عناصر التغذية الرئيسية وما يتبعها من برامج رياضية وسلوك صحي، يساعدها في تنظيم غذائها بطريقة علمية، وهنا استشرت أهل الاختصاص من شبكة علاقاتي ممن ساعدوني في ذلك.

وبدأت الفتاة الرحلة في منتصف شهر 11 من العام 2015، وكانت هناك عزيمة قوية لديهاـ استطاعت حتى الآن أن تخسر من وزنها ما معدله 24 كغم، لقد كانت هذه قصة نجاح، أثبت بها لذاتي أن لا مجال للفشل، ولا مساحة للغة السلبية، فنحن نمتلك قدرة هائلة وطاقة جبارة لكنها بحاجة دائما إلى شعلة صغيرة حتى ننطلق.

لقد رويت قصة تلك الفتاة لأكثر من مجموعة قمت بتدريبها خلال نهاية العام 2015، والآن أصبح لدي فريقا مكونا من 8 فتيات ممن ألهمتهم القصة، وبدأت كل واحدة منهن مشوارها في التخسيس، وتهافتت الإنجازات، برأيي ليس الهدف هو إنقاص الوزن فقط، ولكن هناك هدف أعلى مستوى، فلكل فتاة اتبعت هذه المنهجية لن تقف أمام أي حاجز قد يعيق تقدمها وتحقيق أحلامها، فهي البداية نحو التغيير، وعندها سنكون امتلكنا السر في كيفية تحدي التحدي، وخلق الحافز لنتجه نحو أهداف أخرى وأعلى مستوى.

مختص في بناء القدرات وكفايات التنمية البشرية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة