الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 05:02

اللبناني ضحية نهب منظم/ بقلم: ليندا فايز التنوري

كل العرب
نُشر: 11/02/16 10:54,  حُتلن: 10:55

ليندا فايز التنوري في مقالها:

سارعت طهران بعد رفع العقوبات التي كانت مفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي للاعلان عن رفع انتاجها النفطي نصف مليون برميل يوميا

الأسوأ من كل هذا ألا يعلم اللبناني شيئا عن هذا النهب المنظم وأن يبقى عاجزا عن القدرة على المحاسبة بسبب انقسامه وتشتيته نتيجة ولاءاته الطائفية والمذهبية وأن تبقى نخبه المثقفة تلعب دور الزبائنية السياسية

شهدت الأيام الأخيرة سلسلة لقاءات وتحركات لتحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية. سوق متخمة بالنفط بسبب فائض كبير في الانتاج وتباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي بالاضافة لعودة ايران للانتاج بكميات كبيرة. إذ سارعت طهران بعد رفع العقوبات التي كانت مفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي للاعلان عن رفع انتاجها النفطي نصف مليون برميل يوميا.

في سياق متصل، أكدت وكالة الطاقة الدولية أن مخزونات النفط العالمية ستواصل النمو في معظم 2016 وأن أسعار النفط لن تهبط الى عشرة دولارات للبرميل لكن من الصعب التنبؤ بإمكانية ارتفاعها كثيرا عن مستوياتها الحالية. لا شك أن أخطار تراجع الأسعار في المدى القصير باتت أكبر بالنسبة للدول التي تنتج النفط كدول الخليج وروسيا وفنزويلا. اذ تعتمد معظم اقتصادات هذه الدول بشكل أحادي على الثروة النفطية (اقتصاد ريعي) والتهاوي في أسعار النفط خلق عجزا في موازناتها وقلل من قدرتها الإستهلاكية والإستثمارية.

أما معظم الدول التي تستهلك النفط ولا تنتجه فقد لاحظت تحسنا كبيرا في موازناتها بشكل أن العجز في موازناتها قل (كفرنسا مثلا) أو حتى سجل فائضا (المانيا مثلا). أما لبنان البلد المستهلك والمستورد للنفط فإن انخفاض الأسعار لا يمكن أن يؤثر عليه سلبا حاليا. ولو سلمنا بأن الحواجز التي تؤخر دخول لبنان النادي النفطي ستسقط بعد دعوة الرئيس نبيه بري اليوم في مجلس الوزراء لضرورة الاسراع في اقرار المراسيم المتعلقة بالنفط،فإن لبنان لن يبيع الغاز قبل ثمانية أعوام.

بحلول أواخر العام 2014 خسر برميل النفط ما يقارب ال50% من قيمته. وعليه انخفضت الفاتورة الحرارية المستوردة الى لبنان ومثلها أسعار النقل الى ما يوازي مجموعا اجماليا يتجاوز الـ2 مليار دولار. يضاف لذلك تراجع سعر صحيفة البنزين من 39000ل.ل الى 20000ل.ل.إذا من المفترض أن انخفاض أسعار النفط يقلص حجم فاتورة الإنفاق العام في الدولة مما يساهم في تراجع حجم العجز في الموازنة العامة وانخفاض فاتورة المحروقات في مؤسسات كهرباء لبنان (حوالي 600 مليون) لمصلحة الخزينة التي يتقلص بالنتيجة هم السلفات التي ستطلبها مما يساعد في تحسين وضع المالية العامة وانخفاض كلفة الدين العام وحجم الفوائد المترتبة عليه.

يقطع هذه الحسابات والنتائج المنطقية والعاقلة لمواطن لبناني رازح منذ فترة طويلة تحت أزمة اقتصادية خانقة تهدد حياته ومستقبل عائلته، التصريحات الأخيرة التي تؤكد أن اقتصاد لبنان في حالة احتضار وسط تراجع التصنيف الائتماني للبلاد. أن الدين العام وصل الى اكثر من 70 مليار $ وأننا ندفع ما بين 4 و5 مليارات $ سنويا كفوائد لهذا الدين، وأن ما يخفف وحشية هذا الكابوس هو أن المصارف اللبنانية هي الدائن الأول (الدين العام بأيدينا). يرافق كل هذا تراجع بمؤشرات النمو المتوقع وتسريب خبر شغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.خبر يجس نبض الشارع اللبناني ورد فعله على امكانية فرض ضريبة على صحيفة البنزين تتراوح بين 3000ل.ل و5000ل.ل. ضريبة كهذه تخدم الخزينة وتعود اليها بمدخول لا يقل عن 540 مليار ل.ل.

مبلغ جديد يضاف لمبالغ تضيع في مزاريب الهدر والفساد. مبالغ كتلك التي دفعتها الشركات المهتمة بنفط لبنان ثمنا للمسوحات الزلزالية.او تلك التي نتجت عن انخفاض اسعار النفط العالمية، وكأننا جميعا ضحايا نهب منظم. نهب منظم يستغل الآلية المتبعة لتسعير النفط المستورد. آلية تحدد السعر وفقا لمشاورات شركات قليلة ومناقصات اسبوعية. نهب منظم يستغل السياسة الضريبية في لبنان والتي لا تراعي هامشا محددا. نهب منظم يستغل ثغرات القوانين والتي تسمح بنفخ الأسعار في مناقصات وزارة الطاقة عبر الشركات المحلية اعتمادا على فاتورة بلد المنشأ حيث تم استيراد المشتقات النفطية.

نهب منظم يستغل غياب الشفافية المطلوبة من مؤسسات المجتمع المدني وحماية المستهلك لمراقبة صحة الفواتير وتواريخها والتي تقدمها الشركات المستوردة نفسها. نهب منظم يستغل كون لبنان ابن اقليم يشتعل، وأنه بلد يعيش على وقع هزات إقليمية شديدة. حكومته هشة، مؤسساته متصدعة. تنزح اليه مجموعات سكانية ويعيش ابناؤه هاجس التوطين. جيش صغير وحدود بلا هيبة.. لكن لا.. إن الوضع الاقليمي لا يبرر فشل لبنان الاقتصادي، هذا الوضع اظهر الصورة القاتمة والمشوشة لإقتصاد لبنان. أكد أننا في دولة تعيش حالة فساد مستفحلة. عقم سياسي ومؤسساتي. ساسة مشغولون بفرض الضرائب وتكديس ثرواتهم.جعلوا لبنان دولة في مهب الأعاصير لا رأس لها.

الأسوأ من كل هذا ألا يعلم اللبناني شيئا عن هذا النهب المنظم، وأن يبقى عاجزا عن القدرة على المحاسبة بسبب انقسامه وتشتيته نتيجة ولاءاته الطائفية والمذهبية وأن تبقى نخبه المثقفة تلعب دور الزبائنية السياسية. الأسوأ ان نقبل بدفع الضريبة الجديدة.5000ل.ل ليس مبلغا كبيرا.لكن الاستمرار بدفع ثمن أخطاء الدولة جريمة خطيرة. جريمة كبيرة.

باحثة قانونية وسياسية

طالبة دكتوراة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة